إعادة طبع الجنيه الورقي تثير أزمة نقدية جديدة في مصر

تصاعد الجدل في الأسواق المصرية بسبب إعادة طبع الجنيه الورقي وانتشرت حالات رفض للعملة الجديدة، بسبب ضعف الثقة في سياسات البنك المركزي الذي سبق أن طبع عملات ورقية لفترات مؤقتة وعاد إلى سحبها واستبدالها بعملات معدنية.
الثلاثاء 2016/06/07
أوراق نقدية أرخص من الورق

تسبب قرار البنك المركزي المصري الأخير بإعادة طبع الجنيه الورقي في تصاعد الارتباك في الأسواق المصرية بشأن قبول العملة الجديدة، التي يصر الكثيرون في الأسواق والمواصلات العامة على رفض التعامل بها.

وترفض بعض وسائل النقل الخاصة التعامل على الجنيه الورقي، حيث قال أحد السائقين “لم نتلق تعليمات من الشركة المالكة للسيارات بالتعامل بالجنيه الورقي”.

وانتشرت المشادات الكلامية بين المواطنين في الأسواق بسبب الإشاعات والغموض بشأن التعامل بها وعدم تهيئة الرأي العام لقرار إعادة طبع الجنيه الورقي مجددا.

وكان البنك المركزي قد أوقف تداول العملات الورقية فئة الجنيه ونصف الجنيه وربع الجنيه منذ 5 سنوات، أي بدءا من العام 2011.

وقالت مصادر مصرفية لـ“العرب”، إن قرار إعادة طبع الجنيه الورقي عشوائي، ويعكس حالة من الارتباك، بسبب تقلب موقف البنك المركزي بين وقف التعامل به وإعادة طبعه مرارا، ما أدى إلى أزمة ثقة كبيرة بين المواطنين وإدارة البنك المركزي حول التعامل مع العملات.

توقيع العقدة

وطرح البنك المركزي نحو 500 مليون ورقة بنكنوت فئة جنيه واحد مع حلول شهر رمضان، وهي تحمل توقيع محافظ البنك المركزي السابق فاروق العقدة.

وأوضحت المصادر أن سبب توقيع العقدة على عملات البنكنوت الجديدة، يرجع إلى أن هذه الكمية تمت طباعتها خلال فترة العقدة لكن طرحها تأجل في ذلك الحين. وكشف اقتصاديون أن عودة الجنيه الورقي ترجع إلى سحب البساط من مصلحة سك العملة التابعة لوزارة المالية، وهي المنوطة بسك أي عملات معدنية في مصر.

وقال رئيس بنك إسلامي، فضل عدم ذكر اسمه، إن سياسات التخبط التي تحوم حول الجنيه الورقي والمعدني تعود إلى قيام بعض التجار بشراء العملات المعدنية من الأفراد بالكيلوغرام، لعدم رضى المواطنين عن إصدارها. وأضاف أن سعر الجنيه المعدني، كان يتم بيعه بنحو 75 قرشا أي بأقل من قيمته بنحو 25 بالمئة، والجنيه المصري يعادل نحو 100 قرش.

وأوضح أن هؤلاء التجار كانوا يقومون بإيداع هذه العملات المعدنية في البنوك، ما كان يرفع من تكلفة الاحتفاظ بالنقود، حيث أن وزن العملة المعدنية أثقل بكثير من العملات الورقية، ويتطلب خزائن خاصة.

وأشار إلى أن بعض البنوك كانت تضطر إلى فرض رسوم على الإيداعات الكبيرة من فئات العملات المعدنية، بهدف مواجهة هذه الظاهرة، وتم بالفعل رفع عدد من التقارير للبنك المركزي تطالب بإعادة طباعة الجنيه الورقي.

جمال محرم: الهدف من وقف سك العملة المعدنية هو خفض تكاليف الإصدار فقط

وقال جمال محرم رئيس بنك بيريوس مصر السابق، إن عودة الجنيه الورقي مجددا قرار لا علاقة له بضبط السياسة النقدية.

وأكد لـ“العرب” أن الهدف من وقف سك العملة المعدنية هو خفض تكاليف الطباعة فقط.

ويرى مدحت نافع، أستاذ الاستثمار والتمويل أن عودة الجنيه الورقي ربما يكون له أثر نفسي إيجابي على المواطن لسهولة الانتقال والاحتفاظ به، وأوجه الشبه بينه والعملات الورقية من الفئات الأعلى.

وأوضح لـ“العرب” أن سبب إلغاء العملات الورقية الصغيرة واستبدالها بالعملات المعدنية يرجع إلى ارتفاع تكلفة إعادة إصدار العملات الورقية لسرعة تلفها. ورغم أن تكلفة سك العملة المعدنية أكبر فإنها لا تتعرض للتلف، وبالتالي يتم تداولها دون حاجة إلى إعادة سكها.

عمر التداول

وقدر مصرفيون عمر التداول الافتراضي للعملات الورقية بمصر بين ستة أشهر وعام، لسوء استخدام هذه العملة، والكتابة عليها، فيما يصل العمر الافتراضي للعملة المعدنية إلى نحو 10 سنوات.

وأشاروا إلى وجود شائعات بخصوص اتجاه البعض لجمع الجنيهات المعدنية من الأسواق، ما يؤدى إلى ندرتها بصورة مفتعلة ويتسبب في ارتفاع أسعار بعض السلع الأساسية، وهو ما يكلف الدولة كثيرا بسبب الحاجة إلى إعادة السك باستمرار.

وتصاعدت دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي من جانب الموالين لجماعة الإخوان المسلمين في أعقاب ثورة 30 يونيو عام 2013 بجمع النقود المساعدة من الأسواق من خلال قيام أفراد الجماعة في ربوع مصر بجمع العملات المعدنية.

وتقول شائعات إن الهدف من تلك الخطوة افتعال مشكلات بين المواطنين نتيجة شح النقود المساعدة في الحياة اليومية في عمليات البيع والشراء والمواصلات العامة لشحن المواطنين ضد مؤيدي ثورة 30 يونيو.

وذكر اقتصاديون أن النقود المعدنية لا تحمل أرقاما مسلسلة، وبالتالي يصعب تتبعها، أما الجنيه الورقي فله أرقام مسلسلة ويسهل تتبعه. وبدأ تداول العملات الذهبية والفضية في مصر في العام 1834، ولم تكن هناك وحدة نقدية محددة تمثل أساسا للنظام النقدي، ولم يسك إلا العدد القليل من العملات.

وفي العام 1834 صدر مرسوم ينص على إصدار عملة مصرية تستند إلى نظام الذهب والفضة، وبموجبه أصبح سك النقود في شكل ريالات من الذهب والفضة حكرا على الحكومة وبعد عامين تم سك الجنيه المصري وطرح للتداول.

وظلت العملات الذهبية وسيلة للتعامل حتى العام 1898 عندما تم إنشاء البنك الأهلي المصري، ومنح من جانب الحكومة امتياز إصدار الأوراق النقدية القابلة للتحويل إلى الذهب لمدة 50 عاما، وتم إصدار أوراق النقد لأول مرة في الثالث من أبريل عام 1899.

10