إضراب عمال مصنع السكر بتونس يفاقم أزمة فقدانه في الأسواق

تونس - تشهد تونس منذ أشهر أزمة في توفّر مادة السكر بالأسواق والمحال التجارية على غرار عدة مواد غذائية واستهلاكية أخرى، وهو ما بات يؤرق المواطنين ويزيد من صعوباتهم اليومية في الحصول عليها.
وتعرف مادة السكر في الفترة الأخيرة نقصا فادحا في المخزون، كما تأتي هذه الأزمة تقريبا في نفس فترة الأزمة التي حصلت السنة الماضية في نفس المادة، وخلّفت معاناة للمواطنين في كل جهات البلاد وغلقا مؤقتا للعديد من المؤسسات التجارية.
ويقدّر الاستهلاك اليومي للتونسين من مادة السكر (من أسر أو مصنعين) بحوالي ألف طن، بينما يصل في بعض الأحيان إلى 1500 طن خلال أوقات الذروة على غرار فصل الصيف، أي بمعدل شهري يبلغ 30 ألف طن، بحسب أرقام وزارة التجارة في تونس.
ويتمتع ديوان التجارة التونسي (هيكل حكومي) بحصرية توريد السكر والقهوة والأرز في تونس، وبلغت ديونه لدى الدولة العام الماضي ما يعادل 400 مليون دينار، بحسب ما أكده الرئيس المدير العام له إلياس بن عامر.
ومنذ وقف نشاط زراعة اللفت السكري (البنجر)، تستورد تونس كل حاجياتها من الخارج سواء في شكل سكر جاهز للاستهلاك أو كميات خام في شكل سكر أسمر يقع تكريره ليكون أبيض ثم يتم تكييسه في وحدات صناعية.
وكشف الكاتب العام للنقابة الأساسية لشركة السكر بباجة زيدان المدني، الجمعة، دخول عمال مصنع السكر في إضراب، وذلك لأسباب عدم حصولهم على الترقيات وعدم توفير التأمين على الصحة، فضلا عن تردي مستلزمات العمل وتردي حالة المصنع.
وأضاف في تصريح لإذاعة محلية أن “هناك مشكلة على مستوى التزويد بالبنزين حتى يتم تشغيل المحركات بالإضافة إلى مشكل التزويد بالمادة الخامة للسكر حيث لم تبق سوى 2000 طن، وهو ما يغطي سوى أربعة أو خمسة أيام من الاستهلاك فقط”.
وشهد المصنع توقّفا دام شهرين يوم السابع من أكتوبر الماضي وتمّ توفير 52 ألف طن من هذه المادّة وتوزيعها في كامل ولايات الجمهورية.
ووفّر المصنع خلال سنة 2022 حوالي 142 ألف طن من السكر الأبيض أي ما يعادل 50 في المئة من استهلاك التونسيين.
ويبلغ الاستهلاك السنوي من مادة السكر بتونس حوالي 370 ألف طن (بين إنتاج محلي وتوريد)، فيما تنفق تونس سنويا حوالي 259 مليون دولار أي ما يعادل 625 مليون دينار على هذه المادة، وذلك باحتساب 700 دولار لسعر الطن الواحد بالسوق العالمية وسعر صرف الدينار التونسي مقابل الدولار لهذه الفترة.
وقال عمّار ضيّة، رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك، إن “مادة السكر مثل بعض المواد الاستهلاكية الأخرى، عرفت اضطرابات من حيث توفّرها في السوق، ومنذ أشهر أصبح الأمر معلوما وأن كل المواد التي يتم توريدها فيها مشكلة في الوفرة نظرا للصعوبات الاقتصادية وعدم توفرها بسهولة في الأسواق العالمية”.
وأكّد لـ“العرب” أن “المتسبب الكبير في استهلاك مادة السكر هو المجال الحرفي والصناعي، حيث توجّه الكميات الكبيرة منها نحو مصانع الحلويات والمشروبات الغازية، ثم المقاهي والنزل، كما أن الاحتكار والمضاربة بالنسبة للسكر أصبح سلوكا ظاهرا لأنه مرتبط بنقص توفره، ولاحظنا أنه عندما تكون السوق متشبّعة بالمواد لا يوجد احتكار”.
ولفت عمّار ضيّة إلى أن “وزارة التجارة عقدت الأسبوع الماضي ندوة صحفية أكّدت من خلالها أنها تعمل على تدارك هذه الأزمة وتسعى لتوريد المواد التي تشهد نقصا في السوق المحلية بما فيها مادّة السكر”.
واستطرد قائلا “نهاية شهر ديسمبر القادم ستشهد البلاد إقبالا كبيرا على المواد الاستهلاكية خصوصا مادة السكر احتفاء برأس السنة الميلادية، وبالتالي وجب توفير كميات احتياطية والعمل على إيجاد هذه المادة”.
ويتم استهلاك السكر أساسا عبر استهلاك مواد غذائية مصنعة كالعصير والمشروبات الغازية والحلويات وغيرها.
وكثيرا ما يعبّر أصحاب المقاهي عن تشكياتهم من فقدان مادة السكر التي تعتبر من أساسيات نشاطهم اليومي.
وقال محمد فوزي الحنفي، رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المقاهي في تونس، إننا “نتعامل بصعوبة كبيرة مع أزمة فقدان السكر، والأمر أصبح مقلقا لنشاط المقاهي الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بتوفر هذه المادة في الأسواق”.
وأكّد لـ“العرب”، “نشتري السكر من تجّار البيع بالجملة في تونس وأحيانا لا نجد تلك المادة فنضطر إلى التأقلم مع الواقع اليومي”، داعيا “الديوان التونسي للتجارة إلى توفير هذه المادة التي أدت إلى تراجع مستوى عمل المقاهي”.