إسرائيل تشترط على تركيا وقف دعم "القسام" مقابل استئناف العلاقات

القدس - وضعت إسرائيل حزمة من الشروط أمام عودة العلاقات إلى طبيعتها مع تركيا ومنها وقف أنشطة كتائب عزالدين القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، على أراضيها.
وأفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية بأن حكومة بنيامين نتنياهو وجهت رسالة إلى تركيا، الاثنين، أبلغتها فيها بأنها لن تطبع العلاقات ما لم يتم وقف أنشطة الجناح العسكري للحركة الفلسطينية في مدينة إسطنبول.
وتتضمن هذه الأنشطة وفق ما نقلته الصحيفة “توجيه العمليات الإرهابية في الضفة الغربية، وتجنيد الفلسطينيين للقيام بأعمال إرهابية، وتمويل الأنشطة في الضفة وتحويل الأموال إلى البنية التحتية العسكرية لحماس”.
وشهدت العلاقات التركية – الإسرائيلية توترات خلال السنوات الأخيرة، بلغت ذروتها بتبادل طرد السفراء في العام 2018 في أعقاب التصعيد الذي جرى عند السياج الأمني مع قطاع غزة بين نشطاء فلسطينيين والجيش الإسرائيلي.
ومع التغيرات المتسارعة التي شهدتها المنطقة، لاسيما في علاقة باتفاقات أبراهام، عدلت تركيا من سياستها باتجاه إظهار رغبة في إعادة العلاقات مع تل أبيب. وبالفعل بدأت في طرق أبواب الأخيرة من خلال رئيس جهاز مخابراتها هاكان بيدان الذي أجرى محادثات سرية مع مسؤولين إسرائيليين.

مسعود كاسين: إذا رأينا ضوءا أخضر، ستفتح تركيا السفارة مرة أخرى
وأمام تمنّع الجانب الإسرائيلي الذي لا يبدو مستعجلا لاستئناف العلاقات مع تركيا، سعت أنقرة إلى توظيف علاقتها بالرئيس الأذري إلهام علييف الذي يملك صلات قوية بالإسرائيليين للتوسط بينهما، بيد أن المعطيات القادمة من إسرئيل تشي بأن الأخيرة ليست في وارد طي صفحة الخلافات بدون التزام تركي بضرورة تغيير نهجها، لاسيما في علاقة بحماس.
ولفتت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إلى أن إسرائيل عينت مؤخرا إيريت ليليان التي عملت حتى فترة قريبة سفيرة لتل أبيب في بلغاريا، كمسؤولة عن السفارة الإسرائيلية في أنقرة.
وأوضحت أن ليليان دبلوماسية محنكة وخبيرة في الشأن التركي، مشيرة إلى أن إسرائيل أرادت من وراء تعيينها إبداء حسن نية لزيادة الاتصالات الدبلوماسية مع تركيا لبحث امكانية فتح صفحة جديدة في العلاقات.
ونقلت الصحيفة العبرية عن مسؤول سياسي إسرائيلي لم تسمه أن “أردوغان كان سيفرح لو أعادت إسرائيل سفيرها إلى أنقرة”. وأضاف المسؤول “لكن ما يعنينا هي نشاطات حماس في تركيا”.
وتتهم إسرائيل بحسب الصحيفة، مكتب حماس في إسطنبول بالإعداد لعمليات معادية لها بالضفة الغربية المحتلة، وتجنيد طلاب من بين عرب إسرائيل (فلسطينيي 48) الذين يدرسون أو يزورون تركيا لصالح الحركة أو “حزب الله” اللبناني أو إيران.
وسبق أن أبدت إسرائيل استنكارها لمنح تركيا نشطاء في حركة حماس جوازات سفر وبطاقات هوية، وقال القائم بالأعمال الإسرائيلية في تركيا روي جلعاد إن أعضاء حماس الذين حصلوا على وثائق تركية يمولون ويدبرون لأعمال إرهابية انطلاقا من إسطنبول. وذكر أن كثيرا منهم جاؤوا إلى تركيا بموجب اتفاق تركي – إسرائيلي عام 2011 على مبادلة جندي إسرائيلي مخطوف بأكثر من ألف أسير.
ويرى مراقبون أن إسرائيل لم تعد تنظر باهتمام كبير إلى العلاقات مع تركيا في ظل التحولات التي حصلت في الأشهر الأخيرة، لاسيما في علاقة باتفاقات السلام التي أبرمتها مع دول عربية، وينتظر أن تحقق في هذا السياق المزيد من الاختراقات.
في المقابل، فإن تركيا ترى وجود ضرورة ملحة لإعادة الدفء للعلاقات مع تل أبيب في ظل هواجس من تعرضها للمزيد من الحصار. وسبق أن صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الشهر الماضي، أن بلاده ترغب في إقامة علاقات أفضل مع إسرائيل وأن المحادثات على المستوى الاستخباراتي مستمرة بين الجانبين.
وكان مستشار الرئيس التركي مسعود كاسين صرح في وقت سابق بأن أنقرة تعتزم إعادة علاقاتها مع إسرائيل إلى ما كانت عليه في السابق.
وأعرب عن أمله في أن تشهد العلاقة مع تل أبيب انفراجة، مضيفا “إذا رأينا ضوءا أخضر، ستفتح تركيا السفارة مرة أخرى وتعيد سفيرها (إلى إسرائيل)، ربما في مارس. يمكننا استعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مرة أخرى، لم لا؟”.
مراقبون لا يستبعدون إمكانية أن تخفف تركيا من علاقاتها مع حركة حماس، كأن تقدم على غلق مكتبها في إسطنبول، لكنها ليس من الوارد أن تصل إلى حد قطع الصلات معها
وأكد كاسين التقارير التي تحدثت عن محادثات بين الطرفين لتعزيز العلاقات الدبلوماسية يجريها مدير المخابرات التركية هاكان فيدان مع مسؤولين إسرائيليين. وقال مستشار أردوغان للشؤون الخارجية “إذا خطت إسرائيل خطوة، فإن تركيا يمكن أن تخطو خطوتين”.
وشدد على أن إحلال السلام والأمن مهم للغاية بالنسبة إلى تركيا وإسرائيل على حد سواء، مشيرا إلى أن بلاده لا تريد حادثا آخر مع إسرائيل بعد حادثة سفينة مرمرة.
ولا يستبعد المراقبون إمكانية أن تخفف تركيا من علاقاتها مع حركة حماس، كأن تقدم على غلق مكتبها في إسطنبول، لكنها ليس من الوارد أن تصل إلى حد قطع الصلات معها، فأنقرة تعمل جاهدة على أن تكون طرفا في المعادلة الفلسطينية، وهو ما توفره لها العلاقات مع الحركة الإسلامية.
وقالت “يديعوت أحرونوت” إن هناك ما يمكن اعتبارها “إشارات” على تغير موقف تركيا تجاه حماس، مستندة إلى تقارير إعلامية تركية أفادت بأن سلطات البلاد بدأت في فرض قيود على نشطاء حماس. وأنه تم اعتقال أحد عناصر الحركة الفلسطينية في مطار إسطنبول الدولي، وتم التحقيق معه لمدة ست ساعات قبل أن تطلب منه مغادرة البلاد على الفور.
وذكرت الصحيفة نقلا عن وسائل الإعلام التركية بأن السلطات أوقفت منح الجنسية أو الإقامة لفترات مختلفة لعناصر حماس، كما فعلت في السابق.
وسعى النظام التركي في السنوات الأخيرة إلى استثمار علاقته بحركة حماس لتحقيق اختراق على الساحة الفلسطينية ومزاحمة نفوذ القوى التقليدية على غرار مصر والأردن، وكان قد احتضن قبل أشهر قليلة مباحثات بين وفدي حماس والسلطة الفلسطينية لتحقيق مصالحة بينهما.