إبراهيم منير.. قيادي من الحرس القديم مرشدا لجماعة الإخوان في مصر

تسمية إبراهيم منير محاولة لطمأنة رعاة الجماعة في الخارج وسد أي فراغ في القيادة.
الأحد 2020/09/06
اختيار لملء الفراغ

القاهرة - في خطوة سريعة تعكس حرص جماعة الإخوان على تجاوز ضربة القبض على أحد أهم قيادييها، محمود عزت، وإظهار قدرتها على التماسك والسيطرة، أصدرت بيانًا الجمعة، أعلنت فيه اختيارها لإبراهيم منير كقائم بأعمال المرشد العام للجماعة.

وتدرك قيادات الإخوان تبعات هذا الاختيار على الأوضاع الداخلية، وما يثيره من رفض وغضب وسط تيار الشباب الساخط أصلا على أداء الحرس القديم داخل مصر وخارجها، لذلك حثّ بيان الجماعة المكاتب الإدارية والشعب التابعة للجماعة احتواء هؤلاء.

وتنطوي تسمية إبراهيم منير على محاولة لطمأنة رعاة الجماعة في الخارج، وسد أي فراغ في القيادة محتمل أن يستغله جناح التيار الشبابي لتصعيد قيادات بديلة، وفرض أمر واقع على عناصر الحرس القديم، وسحب البساط من تحت أقدامهم، لأن هناك محاولات سابقة لهم عكست رغبتهم في إقصاء القيادات القديمة وفرض أخرى تمثلهم وتعبر عما يسمى بـ”اللجنة الإدارية العليا”، التي تعد امتدادًا وذراعًا سياسية للجان النوعية المسلحة، التي قادها القيادي الراحل محمد كمال، الذي قُتل في مواجهة مع قوات الأمن المصرية منذ أربعة أعوام.

يختلف الفريقان إلى حد كبير، حيث يتبنى فريق إبراهيم منير ومحمود حسين، ومعهما محمود عزت (قبل القبض عليه)، المناورات السياسية والمزاوجة بين العلنية والسرية، وبين الذراع السياسي والعمل السري المسلح، وهو نفس نهج حسن البنا القائم على ممارسة العنف في الخفاء، وعدم تبنيه بشكل علني لاستثماره سياسيًا عبر نشاط الجماعة الناعم.

وعرض الحرس القديم بعد انكشاف وهزيمة اللجان النوعية المسلحة، وهي: “حسم” و”لواء الثورة”، على التيار الشبابي تفكيك اللجان النوعية وذراعها السياسي في الخارج، وهي اللجنة الإدارية العليا، وأعلن أن أبواب الجماعة مفتوحة لكل من أراد اللحاق بركبها وفق نظمها ولوائحها وأدبياتها.

يتبع منير، كممثل للحرس القديم بالخارج، نفس نهج حسن البنا عندما تخلى عن التنظيم الخاص وتبرأ من ممارساته وجرائمه، وكما أطلق البنا عبارته الشهيرة “ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين” عقب اغتيال المستشار الخازندار بالقاهرة، متبرئًا من شباب الجماعة.

وأطلق منير عبارته التي أثارت سخط شباب الجماعة قائلًا “الجماعة لم تطلب من أحد الانضمام لصفوفها، ولم تزج بهم في السجون، ومن أراد أن يخرج منها فليفعل”، في محاولة للاحتفاظ بمسافة لأسباب سياسية.

حالة سخط وتمرد عقب إعلان قرار اختيار منير
حالة سخط وتمرد عقب إعلان قرار اختيار منير 

عمق الحرس القديم الانقسام داخل الجماعة، وأمعنوا في تأليب جراحها، من خلال التنصل من الجناح المسلح ومن قيادات وأعضاء حركتي “حسم” و”لواء الثورة”، والعمل على معاقبة كل من يثبت عدم رضوخه للقيادات بالحرمان من الإنفاق المالي أو رفع الغطاء الأمني عنه وتسهيل عملية القبض عليه.

وتشير بعض الدلائل إلى إسهام قيادات الحرس القديم في الخارج والداخل بطرق غير مباشرة، في سقوط غالبية قيادات التيار الشبابي بيد الأجهزة الأمنية، وفق معلومات أكدها اللواء والخبير الأمني عبدالحميد خيرت.

عكست حالة السخط والتمرد عقب إعلان قرار اختيار منير حالة من فقدان السيطرة على التنظيم، خاصة أن شباب التنظيم وقواعده فقدت الثقة وتنظر بريبة لقيادات الجيل الأول، كسبب رئيسي في انهيار الجماعة وتمزقها، وتخليهم عنهم لدرجة اتهام الحرس القديم مباشرة بالتعاون مع الأجهزة الأمنية لتسليمهم.

وينطوي اختيار إبراهيم منير، على سابقة لم تحدث من قبل، حيث جرى العرف أن يكون المرشد أو القائم بأعماله مقيمًا في مصر، باعتبارها دولة ميلاد الجماعة ومنشئها، ورغم عدم التوافق عليه، إلا أن حاجة الجماعة خلال المرحلة المقبلة لنيل ثقة حلفائها الإقليميين ضرورية، بالنظر إلى أدوار منير المعروفة كحلقة اتصال وقناة تمويل مفتوحة مع كل من تركيا وقطر وإيران.

ويعزز تصدير اسم هذا الرجل على رأس قيادة جماعة الإخوان من توجه جرى ترسيخه بعد انهيار التنظيم في الداخل المصري وتفكيك هيكله الإداري والقبض على قياداته، يرى أصحابه ضرورة الاستفادة من تجربة الستينات من القرن الماضي، عندما تعرضت الجماعة لأزمة مشابهة في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ما دفع القيادات إلى لملمة شملها وإعادة ترتيب أوراقها وتنظيم صفوفها من الخارج، انطلاقًا من العواصم التي لجأ قادتها إليها.

ووضع قادة الحرس القديم تصورًا، فحواه أهمية إثبات أن الجماعة لا تزال حاضرة، وتستطيع امتصاص كل الضربات مهما كانت قوية، والإيحاء بأن لديها مقدرة على العودة السريعة إلى المشهد، وهذا لن يتحقق من خلال محاولاتها اليائسة لإثبات حضورها بالحالة المصرية في ظل الأوضاع القائمة ومواصلة الأجهزة الأمنية تطويق تحركاتها، بينما يمكنها إثباته عبر استعراض تماسكها وتعظيم نشاطاتها.

تواجه خطة الجماعة العديد من التحديات، فوضعها الحالي خارج مصر ليس كما كان في الستينات، بالنظر إلى أن هناك دولا عدة حظرت نشاطها وصنفتها كتنظيم إرهابي، ولم يعد الترحيب بها في العواصم الغربية كما كان في الماضي، عندما نُظر إليها كأداة لصد التمدد الشيوعي.

2