أي دور لحزب العمال في المشهد السياسي في تونس مستقبلا

تونس - أعلن حزب العمال عن تركيبة هيئته التسييرية الجديدة المنبثقة عن مؤتمره السادس المنعقد منذ أيام بالعاصمة تونس، تحت شعار “نعم سننتصر”، في خطوة طرحت تساؤلات بشأن مدى تأثير حزب العمال في الحياة السياسية في المستقبل، فضلا عن استمرار انتخاب حمه الهمامي أمينا عاما له.
وتقول أوساط سياسية إنه كان بالإمكان ضخّ دماء شبابية جديدة في قيادة الحزب، تعتمد على أفكار وإستراتيجية معاصرة تساهم في تطوير النشاط الحزبي دون إعادة انتخاب نفس الوجوه التقليدية التي تقلدت المنصب منذ فترة طويلة ولم تتمكن من الوصول إلى السلطة.
وأسفر المؤتمر الوطني السّادس لحزب العمّال الذي انعقد من 7 إلى 9 يوليو الجاري تحت شعار “نعم سننتصر”، عن انتخاب حمّة الهمّامي أمينا عاما للحزب .
وأوضح حزب العمّال في بلاغ له الأربعاء، أن المؤتمر انتهى بانتخاب اللّجنة المركزيّة التي اجتمعت ووزّعت المهامّ صلبها”، مضيفا أنه تم انتخاب هيئة تسييريّة تضم حمة الهمّامي أمينا عاما، وألفة بعزاوي مسؤولة التّكوين والإعلام، وعمار عمروسيّة مسؤول العلاقات مع الأحزاب والمجتمع المدني، وعادل ثابت مسؤول الهجرة والعلاقات الخارجيّة والشاذلي المغراوي مسؤول الإدارة والماليّة .
وذكر البلاغ أنّ “المؤتمرين صادقوا خلال المؤتمر على اللّوائح والوثائق التي عالجت أهمّ القضايا الفكريّة والسياسيّة والتنظيميّة العاجلة التي تطرحها الأوضاع الوطنيّة والإقليميّة والدوليّة”.
واعتبر حمّة الهمامي في تصريح له أن “هذا المؤتمر مفصليّ ومهمّ في تاريخ حزب العمال وتاريخ البلاد خلال هذا الظرف الدقيق الذي تمرّ به”.
كما وجّه رسالة للقوى الديمقراطية واليسارية بضرورة وضع السلطة نصب أعينهم، معتبرا أن “تونس جربت حكم اليمين الليبرالي واليمين الديني وحكم الشعبوية وقد ساهمت جميعها في الانهيار”.
وتولى الأمين العام لحزب العمال حمة الهمامي مهام الأمانة العامة للحزب والناطق الرسمي باسمه منذ الإعلان عن تأسيسه في 3 يناير 1986.
وظل الحزب يحمل تسمية حزب العمال الشيوعي التونسي، وبقي ممنوعا من العمل السياسي المعلن والمقنن، حيث اقتصر نشاطه على العمل السري إلى غاية ثورة يناير 2011 حيث تلقى الحزب إثرها تأشيرة العمل القانوني وخرجت هياكله إلى العلن، وتم التخلي عن صفة “الشيوعي ” في تسميته.
وأفاد الكاتب والمحلل السياسي مراد علالة أن “حزب العمال هو مشروع سياسي يساري يحق لأبنائه أن يغيروا قياداته”، لافتا إلى أن “مبدأ التداول على قيادة الحزب مهم، لكن المرحلة تتطلب زعيما تاريخيا، ومن حضر المؤتمر يرى أن الهمامي الأنسب للمنصب”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “كان بالإمكان اختيار شخصية سياسية أخرى في قيادة الحزب، ولكن هذا اختيار داخلي، والهمامي الآن أمام مسؤولية كبيرة في تأمين التداول على القيادة في المؤتمر القادم”.
واستطرد قائلا “الحزب سيطرح فكرة المشاركة السياسية والوصول إلى السلطة أو تقلد مناصب في مؤسسات الدولة”.
ويرى مراقبون أن إجراءات الرئيس التونسي قيس سعيد في الخامس والعشرين من يوليو 2021 نسفت التنظيم الحزبي وعصفت بأحلام بعض الشخصيات الحزبية التي خرجت من المشهد وأولها حركة النهضة التي تمكنت من السلطة لسنوات عديدة.
ويقول هؤلاء إن توهج اليسار عموما في تونس يرتبط خصوصا بمكانة الاتحاد العام التونسي للشغل كمنظمة عمّالية وازنة لعبت في كثير من الأحيان دورا سياسيا مهما.
وقال المحلل السياسي المنذر ثابت “حزب العمال هو إحدى العناوين البارزة لليسار التونسي وجزء لا يتجزأ من مكوناته”.
وأضاف لـ”العرب”، “استمرار الهمامي في الأمانة العامة للحزب يعود لخيارات القيادات والأنصار، ولكن دون الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد)، لا يمكن لليسار أن يكون فاعلا أو يتسرب إلى القواعد الشعبية، لكن اتحاد الشغل الآن في حالة جفاء مع النظام، وأعتقد أن الظرف مناسب لتركيز جبهة يسارية تقدمية يقودها اليسار، ومن الوارد أن يطرح الحزب على نفسه تحشيد النقابات”.
ولفت ثابت إلى أن “ظروف الأزمة الاقتصادية والاجتماعية مواتية لتمركز حزب العمال داخل النقابات”.
وساهم حزب العمال صحبة عدد من الأحزاب وفصائل اليسار في تكوين تحالف “الجبهة الشعبية” وفي مقدمتها حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، حزب الشهيد شكري بلعيد والتيار الشعبي حزب الشهيد محمد البراهمي.
وفوضت الجبهة الشعبية حمة الهمامي الأمين العام لحزب العمال والناطق باسمه منذ يناير 1986 للترشح في الانتخابات الرئاسية في 2014، غير أن الجبهة الشعبية انقسمت بعد خلاف بين مكوناتها حول الشخصية التي أقترح ترشيحها للانتخابات الرئاسية 2019، والتي تصارع حولها حمة الهمامي ومنجي الرحوي الأمين العام الحالي لحزب الوطنيين الموحد (الشق الداعم لمسار 25 يوليو 2021).
ويعدّ حزب العمال والتيار الوطني الديمقراطي عموما أهم وأبرز مكونات اليسار الاشتراكي الماركسي التونسي، التيار الذي تمتد جذوره إلى بداية القرن العشرين في تونس مع بروز بوادر الحركة الوطنية ضد المستعمر وأولى لبنات العمل النقابي في تونس.