أين اختفت الرسالة الأخلاقية في مسلسل "إش إش"

يقدم مسلسل “إش إش”، الذي تلعب بطولته النجمة المصرية مي عمر ويخرجه محمد سامي، لوحة قاتمة لشخصيات تعيش في بيئة تنخرها الصراعات الأسرية، وتتفشى فيها مظاهر الخداع والفساد الأخلاقي، مما يطرح تساؤلات حول الرسالة القيمية التي يروج لها العمل.
وقدمت منصة شاهد للعمل بالقول “ورثت إش إش جمال والدتها وفقرها، لتجد نفسها راقصة رغما عنها. تدخل صدفة عالم آل الجريتلي، لتكتشف أن حاضرها المأساوي ليس إلا امتدادا لأسرار عائلية مدفونة لدى هذه العائلة.”
ويشارك في المسلسل إلى جانب مي عمر، ماجد المصري، وهالة صدقي، وشيماء سيف، ومحمد الشرنوبي، وندى موسى، وانتصار، وإدوارد، ودينا، وعصام السقا، وعلاء مرسي، وهو من تأليف مخرجه محمد سامي.
ومن خلال تطور الأحداث يُسلط المسلسل الضوء على قضايا اجتماعية شائكة، لكنه يفتقد إلى التوازن الأخلاقي، حيث تطغى السلوكيات الهدّامة على الخطاب الدرامي.
ولعل من الأمور التي أظهرت ضعف التوصيل الأخلاقي في المسلسل الخداع والغش، فالعديد من الشخصيات تعتمد على الخداع لتحقيق مكاسب شخصية، مثل مختار الذي يخدع إش إش (مي عمر) بالزواج المزوّر، وشادية التي تدبر مكائد لإدخال إخلاص السجن، وهذه السلوكيات تعكس انعدام الثقة، كما يتجلى الفساد المالي والأخلاقي في شخصيات مثل بوشكاش الذي ينهب أموال إخلاص، ورجب الجريتلي الذي يتاجر بالمخدرات، ليُرسخ العمل صورة لمجتمع تُستغل فيه السلطة والثروة لتحقيق أغراض غير مشروعة.
وقد ساهمت الصراعات الأسرية في التأكيد على افتقاد البعد الأخلاقي في العمل، إذ عرض المسلسل صراعات عائلية عميقة، مثل محاولة إجبار مختار على خطبة لبنى، ومحاولات شادية لإبعاد إش إش عن مختار، فمثل هذه الصراعات تظهر كيف يمكن أن تؤدي المصالح الشخصية إلى تفكك الأسرة.
كما أظهر المسلسل قضية الاستغلال العاطفي، من خلال تعرُّض إش إش للاستغلال العاطفي من قبل مختار، وهذا ما عكس ضعفًا في التعامل مع العلاقات العاطفية وإظهارها بصورة سلبية.
ومن السلوكيات التي عكست غياب المبادئ الأخلاقية في السعي وراء المصالح الشخصية الانتهازية تلك التي بدت واضحة في شخصية عبدالعاطي التي تستغل الظروف للاستفادة بشكل شخصي، مثل محاولته خداع رجب للتنازل عن أملاكه.
ولعل أسلوب العنف والتهديد كان واضحا بقوة كوسيلة لحل المشاكل، مثل محاولة نصة قتل مختار، وتهديدات شادية لإبعاد إش إش، هذه الأساليب تعكس انحدارًا أخلاقيًا في التعامل مع الخلافات.
وهناك أيضا الزواج القسري المرتبط بالمصلحة، وقد ظهر ذلك من خلال محاولات إجبار لبنى على الزواج من مختار، واتفاقيات الزواج التي تتم بدوافع مالية أو انتقامية، تعكس كيف يمكن أن تصبح العلاقات الزوجية مجرد صفقات تفتقر إلى المبادئ الأخلاقية.
حتى العدالة بدت مشوهة، والتي ظهرت بصورة سلبية من خلال شخصية المقدم معتصم، فرغم أنها تمثل القانون، إلا أنها تظهر في بعض الأحيان متواطئة أو غير قادرة على تحقيق العدالة بشكل كامل، مما يعكس ضعفًا في النظام الأخلاقي والقانوني.
وهذه الأمور التي طغت على العمل تعكس ضعفًا أخلاقيًا في توصيل القيم والمبادئ، حيث تصرفت الشخصيات بشكل أناني ومدمر، مما أدى إلى تفاقم المشاكل بدلا من حلها، وهذا النوع من الدراما يمكن أن يكون له تأثير سلبي على المشاهدين، خاصة إذا لم يتم تقديم حلول أو رسائل إيجابية في النهاية، فهل تكتفي الدراما بعرض المشاكل دون اقتراح حلول؟ أم أن عليها أن تتحمل مسؤوليتها في تعزيز القيم الإنسانية؟ سؤال يظل معلقًا حتى النهاية.