أيفون من صنع الحزب الشيوعي الصيني

هناك حكاية عن القيادة الصينية تسمعها فتساعدك على فهم كيف ينظر الصينيون لأنفسهم وللآخرين. في عام 1968، سألوا رئيس الوزراء الصيني شو إن لاي عن رأيه بالثورة الفرنسية. كان ردّه لافتا واستثنائيا: من المبكر الحكم عليها.
الثورة الفرنسية حدثت عام 1789. كان قد مر قرنان من الزمان تقريبا عندما جاء السؤال. البعض يقول إن المقصود كان الإشارة إلى التظاهرات الفرنسية عام 1968. لكن لم نسمع تكذيبا أو توضيحا صينيا يشير إلى هذا. شو إن لاي كان يشير إلى الثورة الفرنسية الكبرى.
يحتفل الصينيون هذه الأيام بذكرى 100 عام على تأسيس الحزب الشيوعي الصيني. مرّت على البلاد أحداث كبرى خلال هذا القرن. بدايات مأساوية حقا، وأخطاء كارثية ثم هدوء وتحول وصولا إلى يومنا هذا: الصين القوة العظمى المنافسة.
اختلطت الوطنية الصينية مع أفكار معدلة للحزب الشيوعي في ظل احتلال ياباني قتل عشرات الملايين من الصينيين. النتيجة أن الزعيم ماو تسي تونغ استطاع استحثاث عناصر من هذه المعطيات للوصول إلى الصين ما بعد الحرب العالمية الثانية. ثم قرر تحويل بلد زراعي متخلف بكل المقاييس إلى الصناعة. لم يتوقف كثيرا عند فكرة أن الشيوعية تعني الصناعة. التبرير بالخصوصية الصينية يكفي.
ثم جن الرجل. أطلق الثورة الثقافية التي دمرت أجيالا من الشباب الصينيين. من مقاعد الدراسة إلى الحقول. درست مع صينيين كانوا يكبروني بعشر سنين. أين كنتم؟ أمضينا سنوات في الحقول.
برحيل ماو وعصابة الأربعة، عادت الصين إلى عقلانية كان أهم رموزها دينغ شياو بينغ. الخصوصية الصينية انتبهت إلى خطورة ما يحدث في الاتحاد السوفييتي. في موسكو كانت الحكمة: تكلم 5 كلمات وامشِ خطوة. في بكين: امشِ 5 خطوات وتكلم كلمة. كلها شيوعية، لكن هذه بهدوء صيني غير مستعجل، وتلك بافتعال روسي أطاح بالبلاد.
وصلنا التسعينات وإذا بالتراكم التعليمي والهدوء السياسي والاستثمار وتعدد أوجه الصناعات تحول الصين إلى ورشة العالم. الصين اليوم أخطر بلد في العالم، للولايات المتحدة والغرب عموما، ولكن أيضا لآخرين.
الزعيم ماو ربما يتقلب في قبره. الحزب الشيوعي قبل 100 عام منظومة أيديولوجية. الحزب الشيوعي اليوم مؤسسة تنظيم سيطرة الصين على المقدرات الاقتصادية في العالم. الشيوعي الصيني كان يرفع كتيب أحاديث الزعيم ماو. الشيوعي الصيني الآن يرفع هاتف هواوي في مواجهة أيفون. الطريف أن “العدو” الأميركي يصمم الأيفون ثم يترك مهمة التنفيذ لمعمل تحت إشراف رجال أعمال صينيين هم واجهة للحزب الشيوعي الصيني.
الآن نسأل: كيف نقيم الشيوعية الصينية بعد قرن من تأسيسها؟ أعتقد من المبكر الحكم.