"أوروبا".. فيلم عراقي عن مأساة مهاجري الشرق ينافس على جائزة أوسكار

بغداد – أعلن العراق ترشيح الفيلم الروائي “أوروبا” للمخرج حيدر رشيد لتمثيله في المنافسة على أوسكار أفضل فيلم دولي في الدورة الرابعة والتسعين للجائزة الأشهر سينمائيا في العالم.
ويروي الفيلم ثلاثة أيام مأساوية من حياة الشاب العراقي كمال، الذي يحاول الوصول إلى أوروبا سيرا على الأقدام عبر الحدود التركية – البلغارية، ويقع فريسة لشرطة الحدود والجماعات المناهضة للمهاجرين.
الفيلم إنتاج عراقي – إيطالي – كويتي مشترك، وهو أحد الأفلام الروائية الخمسة المدعومة من قبل “منحة بغداد لدعم السينما العراقية” لعام 2021 المقدمة من وزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية.

الفيلم يصور ثلاثة أيام مأساوية من حياة شاب عراقي يحاول عبور الحدود من تركيا إلى بلغاريا
وقالت الوزارة في بيان لها الاثنين إن لجنة مستقلة برئاسة حكمت البيضاني رئيس قسم السينما في كلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد “صوتت بالإجماع المطلق لصالح ترشيح الفيلم”.
وبالإضافة إلى اضطلاعه بإخراج فيلم “أوروبا”، فقد تشارك حيدر رشيد، المولود في فلورنسا عام 1985 من أبٍ عراقي وأُمّ إيطالية، في كتابته ومونتاجه مع سونيا جانيتو، فيما أدى بطولة الفيلم الممثل الشاب آدم علي، إلى جانب عدد من الممثلين المحترفين من بينهم الممثلة البلغارية سفيتلانا يانتشيفا والإيطالي بيترو تشيتشيرييلّو والتونسي محمد زواوي، وممثلون هواة، كان من بينهم عدد من الشباب الآسيويّين الذين وصلوا إلى أوروبا عبر البلقان، لذا كانت تجربة الفيلم، بالنسبة إلى الكثيرين منهم، استعادة لذاكرة قاسية.
وما زاد من واقعية الفيلم وصدق الأداء فيه أنه صُوّرَ بأكمله داخل غابة شاسعة وكثيفة، ولكنها لم تكن مجرد موقع تصوير، فقد عاش الممثلون وفريق العمل بأسره في أماكن التصوير وذلك في انغماس نفسي وفعلي كامل في أجواء الوحدة التي عاشها وقاساها بطل الفيلم الشاب “كمال”.
الفيلم هو الطويل الخامس للمخرج العراقي حيدر رشيد وسبق عرضه في قسم “نصف شهر المخرجين” بمهرجان كان في فرنسا شهر يوليو الماضي.
وفي حديث له حول فيلمه يصفه رشيد بأنه “فيلم إثارة وشحذٍ للوعي، حيث يُبرز الحقيقة المروّعة لما يواجهه مئات الآلاف من الأشخاص الذين يسافرون عبر طريق البلقان، وما يُحدق بهم على يد المهربين اللاإنسانيين والقوات الحكومية وغير الحكومية”.
ويضيف بأن كلّ ما يحدث في الفيلم يستند على ما حدث في الواقع فعلاً. وقد تعرّفنا عليه من خلال مصادرنا أو من خلال التعرّف الشخصي أثناء عمليات البحث والاستكشاف، كما أنّنا استندنا على الكثير من تقارير أبرز منظمات حقوق الإنسان. إلاّ أن الفيلم، أولاً، وقبل كل شيء قصة إنسانية عن كفاح من أجل البقاء على قيد الحياة في رحلة البحث عن حياة أفضل“.
ويقر رشيد بأن فكرة الفيلم بادرته حين كان يقرأ حكايات وأخبارا متواترة عن تجارب الحياة الواقعية للمهاجرين الذين يعبرون الحدود بين تركيا وبلغاريا، وما يكابدونه من مشقة ومخاطر ومعاملة لا إنسانية مؤلمة، وقرأ عدة تقارير كما زار بلغاريا، وبدأ في مناقشة القضية مع بعض الأصدقاء والعائلة والزملاء وحتى مع من مرّوا بتجربة هجرة مماثلة. وبدا له وللآخرين بأن هذه القضية الشائكة ستجعل من مفهوم الفيلم قويا للغاية، إلاّ أنّه كان تحدياً فنياً كبيراً من ناحية الإنتاج، وهذا ما جعل الأمر بالطبع أكثر إبهاراً بالنسبة إليه كما يقول.

ويقول رشيد “هذا الفيلم يعني لي الكثير فقد كانت تجربة طويلة والفيلم يحمل الكثير من المعاني ليس فقط على المستوى السينمائي بل أيضا على المستوى السياسي”.
ويضيف “الفيلم مبنيّ على فكرة الانغماس في القصة ويركز على الصراع الذي يعيشه بطل الفيلم في رحلته الفظيعة” ويبين أن الوضع الكارثي شرق أوروبا، الذي يتناوله الفيلم، لا ينحصر على الحدود التركية – البلغارية بل أيضا على الحدود الأميركية – المكسيكية وعلى حدود الإيطالية – الفرنسية، حيث الهجرة قضية عالمية.
ويتابع المخرج “أشعر أن العالم وصل إلى مرحلة وعي كبير بقضية الهجرة التي هي كارثة إنسانية لم تبدأ الآن، بل هي استمرار لمآسي عمرها عقود من الزمن”.
ويقول “القضايا الاجتماعية والهوياتية متأصلة في أفلامي وأعتقد أن قضية الهجرة هي قضية الحاضر والمستقبل، لا يمكنني فهم فكرة الحدود التي تفصل الأراضي والدول، أفهم حاجة الدول لحماية أراضيها لكن كلنا بشر في النهاية”.
ويرى بأن المؤسسات وحتى الشعوب لا تنظر إلى قضية الهجرة من زاوية إنسانية، نحن نعيش في عصر كثافة الصور والمعلومات التي تهطل علينا طوال الوقت ما أدى إلى تخديرنا. وهذا ما يتخطاه الفيلم في مشاهده الصادمة.
ومن المنتظر إعلان أكاديمية فنون وعلوم السينما الأميركية القائمة الأولية للأفلام المرشحة في فئة أفضل فيلم دولي في ديسمبر 2021، ثم القائمة القصيرة في فبراير 2022. ويقام حفل إعلان وتسليم جوائز الأوسكار في السابع والعشرين من مارس 2022 بمدينة لوس أنجلس في الولايات المتحدة.