أوروبا تحذر أردوغان من مساعي فرض الأمر الواقع في قبرص

أنقرة - يستعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لزيارة شمال قبرص في 20 يوليو القادم وذلك تزامنا مع إحياء ذكرى التدخل العسكري التركي في الجزيرة سنة 1974، وسط رفض أوروبي لمساعي فرض حل قائم على إقامة دولتين في قبرص.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بعد قمة أوروبية في بروكسل “لن نوافق مطلقا على حل الدولتين. لقد قلت هذا للرئيس أردوغان خلال آخر محادثة هاتفية أجريناها وسنراقب من كثب زيارته لقبرص في 20 يوليو”. وعبر رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال عن الموقف نفسه.
وأضافت فون دير لاين “لقد تحسنت العلاقة مع تركيا. لقد شهدنا فترة تهدئة، لكن لم يتم إحراز تقدم يذكر في قبرص وهذا أمر مخيب للآمال”.
ودعا القادة الأوروبيون أردوغان إلى إزالة آخر العقبات أمام عودة العلاقات إلى ما كانت عليه بعد عام من التوترات الشديدة.
وقالوا في النتائج التي تم تبنيها الخميس في قمتهم الأخيرة قبل عطلة الصيف إن “سيادة القانون والحقوق الأساسية في تركيا لا تزال مصدر قلق كبير”.
وأصروا على تمسكهم “بتسوية شاملة لمشكلة قبرص على أسس فدرالية بين المجموعتين مع حقوق سياسية متساوية، وفقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”.
وقبرص مقسّمة منذ العام 1974 بين جمهورية قبرص العضو في الاتحاد الأوروبي والمعترف بها دوليا، و”جمهوريّة شمال قبرص التركية” الانفصالية التي لا تعترف بها سوى أنقرة.
أردوغان يرى في اعتماد النظام الفيدرالي إضعافا لنفوذ أنقرة في الجزيرة ويدفع باتجاه حل الدولتين الذي يخدم مصالحه
ولا يروق وضع الجزيرة الحالي للرئيس التركي الذي يدعو إلى التفاوض من أجل حل الأزمة القبرصية على أساس دولتين، فيما يتمسك القبارصة اليونانيون بالحل على أساس نظام الفدرالية.
ويرى أردوغان في اعتماد النظام الفيدرالي إضعافا لنفوذ أنقرة في الجزيرة، حيث أكد في وقت سابق أن التفاوض على الأسس القديمة أثبت فشله. ويشير مراقبون إلى أن حل الدولتين في قبرص يخدم أطماع أردوغان في وضع يده على الغاز شرق المتوسط، أين يخوض صراعا مع أثينا ونيقوسيا بشأن حقوق التنقيب.
وتتهم أثينا وقبرص أنقرة بالتنقيب غير المشروع عن الغاز الطبيعي في مياهها الإقليمية، بينما يخدم الاعتراف الدولي بقبرص الشمالية مزيد توسيع أنقرة لمجالها البحري.
ومنذ انهيار محادثات إعادة توحيد الجزيرة التي جرت برعاية الأمم المتحدة في سويسرا في يوليو 2017، لم تجرَ أي مفاوضات رسمية بوساطة أممية لتسوية النزاع في قبرص.
ويرى متابعون أن أردوغان يرى في قضية قبرص العالقة متنفسا جديدا لمواصلة الانتشاء بالانتصارات الخارجية بعد أن فرض تدخله المباشر في كل من ناغورني قره باغ وليبيا تغييرا في موازين القوى على الأرض.
ويشير هؤلاء إلى أن الرئيس التركي المحاصر بأزمات داخلية حادة بحاجة إلى جبهة توتر جديدة للتغطية على أزمات الداخل المستفحلة.
وأدى انكماش الاقتصاد مرتين في عامين إلى توقف مسيرة سنوات الازدهار في عهد أردوغان إلى درجة أن مؤسسة موديز للتصنيفات الائتمانية حذرت في الكثير من المرات من أن الحكومة تجازف بحدوث أزمة في ميزان المدفوعات بعد انخفاض قيمة الليرة بنحو 25 في المئة هذا العام.
وفي السنوات القليلة الماضية تفاقمت معدلات البطالة والتضخم وانتشر الفقر على نحو لا مثيل له وسط انهيار الليرة إلى أدنى مستوى وتندي قيمتها الشرائية بالأسواق العالمية مقابل الدولار واليورو، ما عمق معاناة الأتراك.
ويفترض في الوضع الذي تعيشه تركيا التي تراجعت إيراداتها في قطاعات حيوية كالصناعات التحويلية والنسيج وغيره، إضافة إلى قطاع السياحة، أن يلتفت أردوغان لأزمات بلاده الداخلية، بدل إقحامها في أكثر من حرب وتصعيده على أكثر من جبهة.