أمهات يفقدن السيطرة على أبنائهن حين أصبحوا محور حياتهن

شعور الطفل بأن أمه أسيرة لطلباته يجعله أكثر تمردا عليها.
الاثنين 2020/12/07
الأم التي تستجيب بسهولة لطلبات أبنائها تفقد سلطتها عليهم

يدعو علماء النفس الأمهات إلى تعزيز هيبتهن وتقوية سلطتهن في إدارة الأسرة حتى لا يفقدن السيطرة على أبنائهن خصوصا المتمردين منهم، وحتى لا يقعن أيضا فريسة سهلة لأساليبهم الملتوية. ويؤكد علماء النفس أن الأم التي تستجيب بسهولة لطلبات أبنائها فتجعلهم محور حياتها، تصبح أسيرة لهم فيستمرون في التمرد عليها ما يزيد من أنانيتهم وغرورهم.

تكشف الدراسات الاجتماعية والنفسية والتربوية أن الموازنة بين العقل والمنطق في تربية الأبناء تنتج أطفالا واعين، مسؤولين عن سلوكياتهم، وأسرا تتميز بتبادل الاحترام والمحبة والانسجام.

وتؤكد ذات الدراسات أن اعتبار الوالدين لأطفالهما محور حياتهما يجعلهما فريسة سهلة لأساليب الأطفال المزعجة، فيقعان في فخ أنانيتهم وغرورهم، مؤكدة أنه على الآباء والأمهات أن يتعاملوا بأسلوب الحب والحزم في آن واحد.

وتقول مها الغريسي موظفة تونسية بقطاع التأمين وأم لبنتين تبلغان من العمر 12 سنة و6 سنوات، إن الإفراط في تدليلها لبنتيها جعلها أسيرة لطلباتهما المتواصلة ومزاجيهما المتقلب كما أنها لم تعد تستطيع السيطرة عليهما.

وتضيف الغريسي أن زوجها كثيرا ما حذرها من أسلوب تربيتها لبنتيها لكنها لم تأخذ هذا التحذير بعين الاعتبار، ما جعلها تجني التعب والإرهاق وعدم السيطرة عليهما، مشيرة إلى أنهما لم يعودا يذعنان لطلباتها ولا يأتمران بأوامرها وقليلا ما يأخذان بنصائحها.

وتتابع أنها لم تحرم بنتيها من أي شيء اعتقادا منها بأنها إذا لبت طلباتهما فسيكونان مثالا للاستقامة والجدية لكن صار العكس تماما.

وتؤكد الغريسي أن الاهتمام الزائد بالأطفال يؤدي حسب تجربتها إلى نتائج عكسية وأن الاعتدال في كل شيء مطلوب والموازنة بين العقل والمنطق هي أهم سلاح تواجه به الأم تمرد أبنائها وتقوّم به سلوكهم بحيث لا تصبح فريسة لسيطرتهم عليها.

بدورها تؤكد الخمسينية عفاف الراجحي أستاذة التعليم الثانوي، أنها تتعامل مع أبنائها وفق ما درسته في اختصاص علم نفس الطفل مشيرة إلى أنها لم تترك لهم الفرصة حتى يستغلوا عاطفتها تجاههم.

وتقول الراحجي إنها لم تفرط في تدليلهم وكانت تتعامل معهم وفق ما تريده هي لا وفق ما يرغبون هم فيه.

وتشير إلى أن الأولاد الذكور صعاب المراس وإذا تم إطلاق العنان لتسلطهم فهم لن يميزوا بين رغباتهم وبين ما يتوفر لهم على أرض الواقع، لذلك وجب التعامل معهم بحذر وعدم الإذعان لبكائهم أو صراخهم وكل الأساليب التي يستعملونها لاختبار عواطف والديهم.من جهتهم، يشير علماء النفس إلى أن الأم التي تفقد السيطرة على أبنائها تعطيهم القيادة من حيث لا تدري، وإذا أصبحت القيادة بيدهم فإنهم لن يحسنوا استخدامها وتوظيفها بالشكل الصحيح، مما يجعل أمهاتهم تابعات لهم في كل ما يريدون وما يطلبون، ويكنّ تحت إمرتهم في كل لحظة وكل دقيقة.

وينصح خبراء علم النفس الأم بألا تحسس طفلها بأن حياتها لا يمكن أن تستمر دونه، حتى لا تشعره بأن من حقه أن يطلب أي شيء، فالأم حياتها له ومن أجله، وهذا ما يسبب للطفل مستقبلا عقدة الشعور بالدونية عندما يصطدم مع أصدقاء لا يلبون كل رغباته.

كما يرون أنه على الأم ترك المجال لهم في خوض تجارب الحياة، حيث أن المصاعب هي التي تكسب الإنسان القوة والعزيمة والإصرار.

الأم التي تفقد السيطرة على أبنائها تعطيهم القيادة من حيث لا تدري وإذا أصبحت القيادة بأيديهم فهم لن يحسنوا استخدامها

كما ينصحون الآباء بألا يجعلوا أبناءهم يحصلون على كل ما يريدون بسهولة مما يضيع أهمية الأشياء ويفقدها قيمتها ورونقها وهيبتها.

ويقول أحمد الأبيض المختص في علم النفس، “إن الإفراط في تدليل الطفل ومحاولة إرضاء رغباته دون تفسير ما يجب وما لا يجب يفقد الأشياء قيمتها من جهة ويجعله يتصور أن الحياة سهلة من جهة أخرى”.

ويضيف أن “الأطفال الذين لم يتربوا على مواجهة الصعاب لن يتعلموا النجاح في الحياة سيكونون وبالا على شريك الحياة، هذا فضلا عن أنهم إذا كبروا وأرادوا اتخاذ القرارات فإنهم لن يقدروا على ذلك”.

وختم الأبيض بأن الأم التي تعطي كثيرا لأطفالها بغاية أن يعيدوا لها ذلك عند الكبر ستصاب بخيبة أمل لأن الطفل الذي تعود على الأخذ لن يقدر على العطاء.

وينصح خبراء علم الاجتماع الأمهات بعدم التعامل بأفضلية مع الأولاد حتى لا ينشأ لديهم الشعور بأفضليتهم من ناحية الجنس على أخواتهم. وأن يتعاملن مع الجميع بعدالة وأن يتركن المجال للأطفال بأن يخطئوا حتى يتعلموا، وألا يفعلن كل شيء عوضا عنهم لأن في ذلك قتلا لشخصيتهم وثقتهم بإمكانياتهم.

ويشير الخبراء إلى أن الإمكانيات تُقتل عندما نقدم ونفعل أشياء للأطفال هم يستطيعون فعلها بأنفسهم، محذرين الآباء من جعل الأطفال المحور الذي يدورون حوله.

ويشير خبراء علم النفس إلى وجود بعض السلوكيات الضارة التي تؤثر على نفسية الطفل، ناصحين الآباء بضرورة مراعاة كل القرارات التي يتخذونها في ما يتعلق بتربية أبنائهم، لأن هذا الأمر يؤثر بصفة مباشرة على نفسية الطفل.

ويرون أن التفاعل العائلي يتميز بخصائص معينة ويقوم على أسس من الود والإخاء والحرية والصراحة لذا من الضروري إشعار الطفل بأنه مرغوب فيه دون المبالغة في تدليله.

وينصح الخبراء الأم أن تأخذ دورها بشكل يعزز من هيبتها وسلطتها وقوتها في إدارة الأسرة مشيرين إلى أن الأم القوية تستطيع التعامل مع أطفالها بأسلوب الحب والحزم في آن واحد.

ولا يرغب خبراء التربية عموما في أن تتعامل الأم مع أولادها بالأسلوب الذي يجعله يشعر بأن أمه مجرد خادمة، تطبخ له الطعام وتغسل ملابسه وتصفف شعره وتفرش له فراشه قبل أن ينام، وهو ابن الأربع سنوات، لأن هذا الشعور من شأنه أن يجعله يحتقر المرأة التي عاش بين ذراعيها ويجعله ينظر إليها نظرة احتقار وازدراء.

الأولاد الذكور صعاب المراس وإذا تم إطلاق العنان لتسلطهم فهم لن يميزوا بين رغباتهم وبين ما يتوفر لهم
الأولاد الذكور صعاب المراس وإذا تم إطلاق العنان لتسلطهم فهم لن يميزوا بين رغباتهم وبين ما يتوفر لهم

 

21