أزمة آفاق تونس تعجل باستقالة فاضل عبدالكافي من رئاسة الحزب

عبدالكافي لم يفلح في تجميع أطراف العائلة الوسطية، فضلا عن فشله في إعادة تجميع كافة القيادات التي غادرت الحزب.
السبت 2023/10/21
فشل في تجميع أطراف العائلة الوسطية

تونس - عجّلت الأزمة الداخلية لحزب آفاق تونس (ليبرالي)، خصوصا بعد إجراءات الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو 2021 التي قلّصت تأثير نشاط الأحزاب في المشهد، باستقالة محمد فاضل عبدالكافي من رئاسة الحزب.

ويرى مراقبون أن الحزب كان مهما في وقت ما ويمتلك كتلة وازنة في البرلمان السابق، كما أن الرجل كان مرشحا لتقلّد عدة مناصب سياسية من بينها رئاسة الحكومة، خصوصا من قبل أحزاب حركة النهضة وقلب تونس بعد انتخابات عام 2019.

ويشير هؤلاء إلى أن “صراع الأجنحة” داخل الحزب، وتزايد الخلافات بين القيادة الجديدة التي تريد الانفتاح على السلطة وتسعى إلى فرض حوار معها والقيادات الكلاسيكية المتمسكة بتوجهاتها وترفض أفكار عبدالكافي، عمقا الأزمة الداخلية، وهو ما جعل الرجل لا يتردّد في الإعلان عن استقالته من القيادة.

محمد العربي العيّاري: هناك خلافات داخلية والقيادات التقليدية ترفض توجه عبدالكافي
محمد العربي العيّاري: هناك خلافات داخلية والقيادات التقليدية ترفض توجه عبدالكافي

وأعلن عبدالكافي مساء الخميس استقالته من رئاسة الحزب التي تم انتخابه لخطتها في شهر نوفمبر 2021 خلال أشغال المؤتمر الثالث للحزب.

وقال في تدوينة على صفحته في فيسبوك “إن الفترة التي قضّاها ضمن قيادة الحزب كانت مليئة بالتجارب والتحديات السياسية الصعبة في ظرف حساس جدا”.

كما أكد على أن “الأوقات العصيبة والاستثنائية التي تمر بها تونس اليوم داخليا على مختلف المستويات، اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وإقليميا، في ظرف عالمي متسارع ومعقد جدا بمختلف جوانبه الجيوسياسية” جعلته يعمّق النظر في فاعلية التحركات الحزبية في شكلها التقليدي، ومدى تأثير وقعها في الفضاء العام.

وأشار إلى أن “مقتضيات المرحلة وضرورياتها وتطوراتها تتجاوز اليوم العمل السياسي في فضائه الحزبي المعهود، وتتطلّب من الجميع أفرادا وتنظيمات التأمّل في المخاطر المحدقة بالبلاد، والالتفاف جميعا حول تونس أيا كانت المواقع، والسعي إلى إنقاذها وتحقيق طموحات شعبها”.

وكان حزب آفاق تونس قد جدّد بتاريخ 29 نوفمبر 2021 انتخاب عبدالكافي لرئاسة الحزب للسنوات الأربع القادمة، بعد أن فاز آنذاك بـ74.75 في المئة من الأصوات في الانتخابات الخاصة برئاسة الحزب.

وانتخب المجلس الوطني لحزب آفاق تونس في 19 ديسمبر 2020 عبدالكافي رئيسًا للحزب بعد أسابيع قليلة من إعلانه عن انضمامه إليه. وحقق نتائج متذبذبة، حيث دخل إلى المجلس الوطني التأسيسي بأربعة مقاعد فقط قبل أن يحصل في انتخابات 2014 على ثمانية مقاعد، لكنه حقق في الانتخابات الأخيرة أسوأ نتيجة عندما حصل على مقعدين من مجموع 217 مقعدا في البرلمان.

وأفاد الباحث في العلوم السياسية محمد العربي العيّاري بأن “الاستقالة تأتي في إطار الصراعات الداخلية للحزب، مثل باقي الأحزاب والمنظمات الوطنية”، في إشارة إلى الاتحاد العام التونسي للشغل، لافتا إلى أن “هذه الخلافات بين جناح يدفع نحو فرض حوار مع السلطة، وهو ما يتبناه فاضل عبدالكافي، وجناح تقليدي معارض لذلك التوجه”.

وأكّد لـ”العرب” أن “الأحزاب أفرغت من قواعدها بعد 25 يوليو 2021، وعبدالكافي الآن لا يمكن أن يقود حزبا متراجعا سياسيا، بل وكأنه رأى في آفاق تونس بدلة أنيقة وجميلة لكن ليست على مقاسه، كما أن الرجل ذكر اسمه في محطات كثيرة لتقلد وظائف معينة”.

واستطرد قائلا “هناك خلافات داخلية في الحزب ولا توجد استقالة بين عشية وضحاها، كما أن القيادات التقليدية للحزب ترفض توجه عبدالكافي”.

ويرى متابعون للشأن التونسي أن الرجل لم يفلح في تجميع أطراف العائلة الوسطية (الأحزاب ذات المرجعية المدنية في تونس)، فضلا عن فشله في إعادة تجميع كافة القيادات التي غادرت الحزب.

ووفق هؤلاء كان عبدالكافي يعلّق آمالا كبيرة على تغير المشهد السياسي بعد إجراءات الرئيس سعيّد الذي فاجأ الجميع بإزاحة منظومة الأحزاب التي كانت وسائط بين المواطنين والسلطة.

وقال المحلل السياسي نبيل الرابحي إن “إجراءات 25 يوليو 2021 فضحت ما يسمى معارضة في تونس ولم يعد للأحزاب أي تأثير، بل ظلت ظاهرة صوتية فقط، وحزب آفاق تونس يعيش أزمة مثل بقية الأحزاب على غرار حركة النهضة والحزب الدستوري الحرّ”.

وأضاف لـ”العرب”، “كانت للحزب كتلة مهمة في البرلمان السابق، لكن اليوم كل الأحزاب فقدت مشروعيّتها، وآفاق تونس هو حزب ليبرالي بالمنطق الكلاسيكي”.

وأوضح الرابحي أن “الخطاب السياسي هو الذي خان هذا الحزب وبقية الأحزاب، وتعرض لإحباط سياسي لأنه كان يعتقد أن الأمور ستتغير بعد إجراءات الرئيس قيس سعيد، ولاحظنا ذلك حتى عند الحزب الدستوري الحر الذي كان في المراتب الأولى في سبر الآراء وتبين فيما بعد أن الأحزاب مجرد ظواهر إعلامية”.

وسبق أن أكد المجلس الوطني للحزب عدم مشاركته في الانتخابات المحليّة، المقرر تنظيمها يوم 24 ديسمبر المقبل. وحزب آفاق تونس تأسس بعد ثورة يناير 2011 ويعارض المسار السياسي الذي اتخذه الرئيس قيس سعيّد.

4