أردوغان يستعيد أتباعا لفتح الله غولن: جلب أم اختطاف

أثار بيان وزارة الداخلية التركية المبهم والذي جاء فيه أنها استعادت مسؤولين اثنين مرتبطين برجل الدين فتح الله غولن من أوكرانيا، تكهنات بشأن الآليات التي اعتمدتها أنقرة لاستعادة المطلوبين خاصة وأن لتركيا سوابق عديدة في عمليات اختطاف المعارضين السياسيين من خارج الحدود خاصة في أوروبا الشرقية.
أنقرة – أعلنت وزارة الداخلية التركية، الأربعاء، إحضار مسؤولين اثنين من أتباع رجل الدين فتح الله غولن، الذي تتهمه السلطات بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016، من أوكرانيا وإحالتهما للمثول أمام القضاء التركي، فيما لم تذكر الوزارة كيفية جلب المتهمين إن كانت عبر المسالك القانونية أم عملية اختطاف مثلما حدث في وقت سابق مع أتباع غولن في كل من مولدوفا وجورجيا وكوسوفو.
وقالت الوزارة في بيان، إنه تم القبض على “صالح فيدان وصمد غوره، أثناء فرارهما بشكل غير قانوني على الحدود الأوكرانية البولندية”، مشيرة إلى أن الإجراءات القانونية بحق المتهمين مستمرة في مكتب التحقيق بجرائم الإرهاب في أنقرة.
وتروج أنقرة عادة لمثل هذه العمليات على أنها إنجازات خارجية ونجاحات لحزب العدالة والتنمية في تعقب المتهمين بتدبير محاولة انقلابية دون الخوض في مدى قانونية عمليات الجلب واحترامها للمواثيق الدولية.
وتنفذ المخابرات التركية أعمال ترحيل واختطاف غير قانوني في مختلف دول العالم لمعارضيها منذ عملية الانقلاب الفاشلة من خلال التنسيق مع أجهزة مخابرات الدول المستهدفة أو حتى دون تنسيق مثلما وقع في كوسوفو.
وفي 2018 اختطفت أجهزة الاستخبارات التركية 6 معارضين أتراك مقيمين في كوسوفو من دون علم رئيس وزراء كوسوفو راموش هاراديناي، الذي أقال إثر العملية وزير داخليته ورئيس جهاز الأمن الداخلي.
وقال هاراديناي حينها “نفذت العملية بكاملها، من إبطال تصاريح إقامة الأتراك الستة واعتقالهم وترحيلهم العاجل من أراضي كوسوفو وتسليمهم سرّا إلى تركيا، دون علمي وإذني”.
أجهزة الاستخبارات التركية اختطفت أكثر من 100 عضو من حركة غولن في الخارج منذ محاولة الانقلاب الفاشل عام 2016
ونفذت أجهزة الاستخبارات التركية عدة عمليات خطف وترحيل قسري ضد معارضي النظام في كل من مولدوفا وجورجيا وأوكرانيا وكوسوفو.
ودعا النائب الألماني في البرلمان الأوروبي هيلموت سكولز إلى ضرورة مساءلة الدول التي سمحت بتنفيذ تلك العمليات، رغم سعيها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وتقديمها الوعود بالالتزام بمعايير كوبنهاغن، بينما تخالف تصرفاتها ذلك.
ووفقًا لتقارير رسمية، أرسلت تركيا 570 طلبًا لتسليم “المجرمين” إلى 94 دولة في السنوات الثلاث والنصف الماضية. واختطف أكثر من 100 عضو من حركة غولن في الخارج، من قبل المخابرات التركية، وأعيدوا إلى تركيا، وحسب ما ورد، فقد تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة وحُرموا من حق المحاكمة العادلة.
ويرى مراقبون أن النظام التركي يحاول من خلال جلب معارضيه من الخارج الرفع من معنويات أجهزته الأمنية والقضائية التي فشلت في تعقب معارضي أردوغان في الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية.
وتتهم الحكومة التركية غولن بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية الفاشلة التي شهدتها البلاد عام 2016، كما تقول أنقرة إن غولن يقود تنظيما للتغلغل في أجهزة الدولة والجيش للانقلاب على الحكومة. وتصنف أنقرة حركة غولن منظمة إرهابية، فيما ينفي غولن، الحليف السابق أردوغان، هذه الاتهامات.
ومنذ محاولة الانقلاب، احتُجز حوالي 80 ألف شخص تمهيدا لمحاكمتهم وتم فصل أو وقف حوالي 150 ألف موظف مدني وعسكري عن العمل. وُطرد أكثر من 20 ألفا من الجيش وحده.
وقضت محكمة تركية في نوفمبر بحبس قادة الانقلاب مدى الحياة وأدانت المئات من ضباط الجيش والطيارين والمدنيين في المحاولة الفاشلة للإطاحة بالرئيس.
يُستخدم القضاء كأداة لدعم البرامج السياسية في تركيا منذ عشرات السنين، ويقول خصوم أردوغان إن القضاء استخدم في عهده كهراوة سياسية وتعرض للتجريف بدرجة غير مسبوقة
ولا يبدو في الأفق أي مؤشر على تباطؤ تلك العمليات، وسط تقارير يومية تقريبا عن مذكرات توقيف يتم إصدارها رغم انتقادات من حلفاء غربيين ومدافعين عن حقوق الإنسان.
ويقول منتقدون للحكومة إن أنقرة تستخدم الإجراءات القمعية لاستهداف معارضين، لكن مسؤولين أتراكا يقولون إن المداهمات ضرورية للتخلص من تأثير غولن في هيئات حكومية.
ويستخدم القضاء كأداة لدعم البرامج السياسية في تركيا منذ عشرات السنين. ويقول خصوم أردوغان إن القضاء استخدم في عهده كهراوة سياسية وتعرض للتجريف بدرجة غير مسبوقة.
وفي ظل حملة التطهير التي شنها أردوغان تم عزل الآلاف من القضاة والمدعين وفق بيانات الحكومة نفسها. وحلّ محلهم قضاة جدد لا يمتلكون الخبرة وغير مؤهلين للتعامل مع الزيادة الكبيرة في أعباء العمل من جراء القضايا المرتبطة بمحاولة الانقلاب.
وبينت حسابات رويترز من واقع بيانات وزارة العدل أن 45 في المئة على الأقل من القضاة والمدعين البالغ عددهم حوالي 21 ألفا تقريبا لديهم الآن خبرة لا تتجاوز ثلاث سنوات.
وقال النائب التركي زين العمري من حزب الشعب الجمهوري، حزب المعارضة الرئيسي “نحن لا ندعي أن القضاء كان مستقلا عن الحكومات من قبل. لكن لا مثيل لفترة كهذه تلوّح فيها الحكومة بالقضاء كسيف مسلط على السياسة ولاسيما المعارضة”.
وترد الحكومة التركية بالقول إن نظامها القانوني متقدم مثل أي دولة غربية وإن التهديدات الموجهة لأمنها الوطني تستلزم قوانين صارمة لمكافحة الإرهاب.