أحزاب جديدة في تونس: لخلق بدائل أم إعادة تدوير نفس الوجوه

سياسيون لا يستبعدون وقوف النهضة خلف بعض المبادرات السياسية.
الخميس 2022/03/03
أزمة الثقة بين الأحزاب والشارع لا تزال قائمة

شهدت تونس خلال الأيام الماضية تأسيس عدة أحزاب سياسية وإطلاق مبادرات، ما أثار تساؤلات بشأن أهداف هذا الزخم ما إذا كان سيفضي إلى خلق بدائل جديدة أم فقط إعادة تدوير نفس الوجوه السياسية التي قادت البلاد إلى الوضع الذي هي عليه اليوم، خاصة أن الواقفين خلف هذه المبادرات لا يملكون قاعدة شعبية يُعول عليها. 

تونس - أثار الإعلان عن تأسيس عدة أحزاب سياسية في تونس وإطلاق مشاريع أخرى تساؤلات بشأن المغزى من ذلك عما إذا كان لخلق بدائل قادرة على مساعدة البلد الذي يرزح تحت وطأة أوضاع اقتصادية صعبة على تخطي أزمته أم أنها فقط محاولة لتدوير نفس الوجوه السياسية التي أوصلت الأمور لما هي عليه اليوم.

أعلنت المديرة السابقة لمؤسسة الخطوط التونسية الجوية ألفة الحامدي عن تأسيس حزب سياسي جديد يحمل اسم “الجمهورية الثالثة”، وكشف القيادي السابق في حركة النهضة الإسلامية سمير ديلو عن نقاشات واجتماعات للإعلان عن حزب جديد.

والثلاثاء عقد عدد من الشخصيات الفاعلة على غرار المؤرخ عادل اللطيفي والمفكر يوسف الصديق وقضاة وغيرهم مؤتمرا صحافيا للإعلان عن مبادرة سياسية تحت مسمى “تقدم”، وأبدى عدد من هؤلاء استعدادهم للترشح للانتخابات الرئاسية وهو ما يثير التساؤلات عما يحمله هؤلاء للتغيير خاصة أن قواعد اللعبة السياسية ستتغير، ويبدو أن هذه الأطراف الجديدة على مسرح الأحداث السياسية في تونس لا وزن شعبيا لها.

بوبكر الصغير: معركة الأحزاب الجديدة حول التموقع في المشهد السياسي

واعتبرت النائبة في البرلمان المُجمدة أعماله سهير العسكري أن هذه الأحزاب لا أمل في أن تقدر على تغيير المشهد السياسي لأنه هناك ما يكفي من أحزاب وحتى تلك الأحزاب لم تنجح في تقديم بدائل.

وأضافت العسكري في تصريح لـ”العرب” أن “هذه الأحزاب ستقوم بحملة انتخابية ثم تنطفئ كالعادة، هي ظاهرة صحية حتى لا نظلمها حيث تعتبر شكلا من أشكال النشاط الحزبي والمجتمعي لكن لا ننتظر الكثير منها سواء في المشهد السياسي أوغيره، فقط إذا صعد حزب تابع لرئيس الجمهورية قيس سعيد فإن الأمور قد تتغير”.

وتشهد تونس مسارا سياسيا انتقاليا دشنه الرئيس سعيد عندما جمد أعمال واختصاصات البرلمان وإقالة الحكومة برئاسة هشام المشيشي وبدء العمل بالمراسيم، في خطوة رفضها خصومه في مقدمتهم حركة النهضة الإسلامية التي اعتبرت خطوته انقلابا.

وأعلن سعيد في ديسمبر الماضي عن خارطة طريق لإنهاء حالة الاستثناء التي تشهدها تونس حيث من المرتقب أن تنتهي عند القيام بانتخابات برلمانية في السابع عشر من ديسمبر المقبل.

ولا تزال هناك شكوك وتكهنات واسعة النطاق إزاء نظام الحكم الذي ستعتمده تونس والموقع الذي ستحتله الأحزاب فيه، خاصة في ظل ما يتردد من قبل أعضاء الحملة التفسيرية للرئيس سعيد بأنه سيتم تطبيق نظام الحكم القاعدي، أي من المحلي إلى المركزي، والذي يُنظر إليه بشكل كبير على أنه سيُهمش الأحزاب السياسية.

وقال المحلل السياسي بوبكر الصغير إن “المفارقة الغريبة أنه في الوقت الذي جاء فيه مشروع الرئيس سعيد لإعادة بناء منظومة سياسية جديدة يتم فيها استثناء الأحزاب باعتبار أن الرئيس لا يعترف بها أصلا، نشهد هذه الولادات والطفرة للأحزاب الجديدة لأشخاص لم يكونوا من الوزن السياسي الثقيل بل كانوا أغلبهم في الصف الثاني والثالث”.

سهير العسكري: النهضة قد تدعم إنشاء هذه الأحزاب لتبييض صورتها

وأوضح الصغير لـ”العرب” أن “المعركة هي حول التموقع في المشهد السياسي والاستعداد للتطورات التي قد تستجد في المرحلة القادمة خاصة في ما يتعلق بالاستحقاقات المقبلة وفقا لخارطة الطريق التي وضعها الرئيس سعيد، لكن الأهم أن المشهد العام في أزمة غير مسبوقة داخليا وخارجيا”.

وتابع المحلل التونسي أن “التوجه لم يعد للنظام البرلماني الذي لا يفضي إلا لحالة من التشرذم والتنازع، والأحزاب الجديدة في الواقع هي خارج السياقات الكبرى التي يعرفها العالم، اليوم هناك قوى جديدة بدأت تبرز ولها دورها على الأقل في رسم سياسات الدول مثل القوى الناعمة من خلال مراكز التفكير وغيرها”.

ولا تستبعد أوساط سياسية تونسية أن يكون الزخم الذي يعرفه تشكيل الأحزاب والمبادرات السياسية محاولة لإعادة رسكلة أحزاب أخرى أو تدوير للوجوه البارزة داخلها، خاصة حركة النهضة التي تواجه شبح الحل بسبب اتهامات موجهة إليها سواء بسبب الحملة الانتخابية لانتخابات 2019 أو غيرها.

وشددت العسكري على أن الأحزاب التي انسلخت عن حركة النهضة لن تبرز ولن يكون لها إشعاع حيث ستبقى تابعة للنهضة وتوجهاتها شاءت أم أبت حيث يصعب محو تاريخ قياداتها الإسلامية وفق قولها.

ورأت أن النهضة قد تدعم إنشاء هذه الأحزاب لتبييض صورتها والرجوع إلى الساحة السياسية.  

4