أجندة اقتصادية ملحة تنتظر البرلمان المصري الجديد

بدأ الاقتصاديون والمستثمرون في مصر بتصعيد مطالبهم من البرلمان المقبل، بسبب تراكم المصاعب والمعوقات التي تعرقل النشاط الاقتصادي. وقالوا إنه مطالب بتحسين مناخ الاستثمار وإصدار العديد من التشريعات التي ظلت لعقود حبيسة الأدراج.
السبت 2015/10/31
المشاريع الاستراتيجية مثل قناة السويس تنتظر التشريعات المرحبة بالمستثمرين

القاهرة - تتطلع الأوساط الاقتصادية المصرية إلى فتح صفحة جديدة مع اكتمال خارطة الطريق بانتخاب برلمان جديد، من أجل إزالة تداعيات الاضطرابات التي شهدتها البلاد منذ ثورة يناير 2011.

وقال حسين صبور، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين لـ”العرب”، إن مجلس النواب المقبل يعد أهم برلمان في تاريخ مصر، وتنتظره العديد من التشريعات المتعلقة بمناخ الاستثمار، وفي مقدمتها قانون العمل الموحد.

وأوضح أن اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار الجديد تحتاج إلى تعديلات لن يقوى على إجرائها سوى البرلمان، خاصة أن نظام الشباك الواحد لإنهاء تراخيص المستثمرين يتشابك مع أكثر من 28 جهة حكومية، ويحتاج لقرار من البرلمان.

وأضاف أن تشريع القوانين الاقتصادية هو الدور الأكبر للبرلمان المقبل، أكثر من أي برلمان مضى، لأن عليه مراجعة جميع التشريعات التي صدرت منذ يناير 2011، ويصل عددها في جميع المجالات إلى نحو 400 تشريع.

وطالب بضرورة إصدار تشريع جديد موحد للبناء لتحديد الأولويات والقضاء على العشوائيات.

حسين صبور: مهام صعبة أمام البرلمان لدراسة كافة التشريعات التي صدرت منذ 2011

وقال حامد الشيتي، رئيس مجموعة شورى للكيماويات لـ”العرب”، إن الاستثمار يحتاج إلى حرية مالية واقتصادية، بعيدا عن تدخل الحكومة في تلك المنظومة والتي أدت إلى عرقلة مناخ الاستثمار.

وأشار إلى أن البرلمان أمامه تحديات اقتصادية لا بد من تجاوزها، ومناقشتها بشكل سريع وعميق، لأن مصر باتت في مفترق طرق، والتعقيدات الأخيرة التي شهدتها مشكلة سعر صرف الدولار أدت إلى ارتباك غير مسبوق في النشاط الاقتصادي.

وكان هشام رامز محافظ البنك المركزي المصري (المستقيل) قد وضع ضوابط للتعامل بالدولار منذ شهر فبراير الماضي، وتقضي بعدم السماح للشركات والأفراد بإيداع أو سحب أكثر من 10 آلاف دولار يوميا، وبحد أقصى لا تتجاوز 50 ألف دولار شهريا.

وطالب الشيتي محافظ البنك المركزي الجديد طارق عامر، بإلغاء تلك الإجراءات التي أدت إلى هروب بعض المستثمرين الأجانب من السوق المصري.

وقال إن حرية خروج الأموال وأرباح الشركات الأجنبية في مصر، من أهم المحفزات لدخول استثماراتهم في مختلف القطاعات الاستثمارية، فليس من المعقول أن يتم حبس أرباح الشركات الأجنبية داخل مصر بسبب مشكلة لا علاقة لهم بها.

وأوضح أن المستثمرين في قطاع الزراعة ينتظرون منذ سنوات تأسيس هيئة لسلامة الغذاء، تكون مسؤولة عن الغذاء والزراعة والمعايير الصحية، للرقابة على عمليات التصنيع الزراعي وجودة كل ما يطرح من غذاء في السوق المصرية.

وشدد على أن ذلك يحتاج لبرلمان على وعي تام بتلك القضية، التي لها أبعاد تؤثر على نواحي الحياة المختلفة، بعد أن عجزت البرلمانات السابقة عن الاتفاق على تفعيل تلك الهيئة.

وطالب البرلمان المقبل بإصدار قانون هيئة سلامة الغذاء، الذي ظل حبيس الأدراج لعقود، نظرا لتشابك عملها مع مختلف الوزارات والهيئات الحكومية.

وأكد محمد البهي، رئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات المصرية لـ”العرب”، أن القطاع الصناعي بحاجة ماسة إلى إصدار قانون الصناعة الموحد، إلى جانب وضع حلول جذرية لمشكلة المستثمرين. وطالب البرلمان الجديد بوضع قضايا الاستثمار في مقدمة أولوياته، لأنه يعتبرها قاطرة التنمية.

وتستهدف مصر جذب 10 مليارات دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال العام المالي الحالي، وتسعى إلى سن تشريعات لتشجيع المستثمرين، بعد اكتمال انتخابات البرلمان لزيادة ثقة الجهات الأجنبية في الاقتصاد المصري.

محمد البهي: حاجة ماسة لإصدار قانون الصناعة الموحد ووضع حلول لمشاكل المستثمرين

وقال البهي إن انفلات سعر صرف الدولار أمام الجنيه خلال الفترة الماضية يحتاج إلى وضع أولويات لعمليات الاستيراد وترشيد تلك الفاتورة، لتخفيف الضغط على العملة المصرية، في وقت يواجه فيه المنتجون صعوبات في استيراد مستلزمات الإنتاج.

وبلغت فاتورة الواردات المصرية خلال العام الماضي نحو 65.5 مليار دولار، مقابل صادرات بنحو 24.4 مليار خلال نفس العام.

وأكد عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية لـ”العرب”، أن مجلس النواب المقبل مطالب بمراجعة الخطط الاقتصادية لمصر، من خلال دوره الرقابي والتشريعي.

وقال إن ثورة يناير 2011 أسفرت عن رفع مستوى المشاركة السياسية والانتخابية، لكن تأخر الانتخابات البرلمانية انعكس سلبا على المشهد الاقتصادي، وأرخى بظلال قاتمة على توجهات بعض المستثمرين، الذين رأوا في مصر سوقا واعدا.

وطالب بإعادة الاعتبار لدور البرلمان في إصدار القوانين وتنظيم الحياة الاقتصادية ومراجعة الموازنة العامة ومناقشته واقتراح تعديلات على بنودها، إضافة إلى مراجعة الحساب الختامي الذي يرسله الجهاز المركزي للمحاسبات.

وأشار إلى أن التعديلات تتطلب توعية النواب بمختلف انتماءاتهم السياسية وزيادة الاهتمام بعقد الندوات وتقديم الدعم الفني والتدريب في العمل البرلماني لرفع قدرات النواب في تصميم السياسات العامة وتحديد أهدافها والرقابة على تنفيذها.

وأكد وجود حاجة ملحة إلى رفع كفاءة نواب البرلمان في صياغة التشريعات والتحليل الاقتصادي والمالي وتحليل الموازنة والسياسات الاقتصادية، والطرق الفنية في إعداد الموازنة العامة.

وقال إنه يأمل بوصول كوادر برلمانية قادرة على إعداد تقارير عن الموازنة العامة، وتقييم ومراجعة الحسابات الختامية، وتقارير الأجهزة الرقابية ومؤشرات المتابعة وقياس الأداء.

وأشار إلى أن الأحداث والأزمات الاقتصادية والمالية العالمية باتت تؤثر بشكل مباشر على أداء الاقتصاد المصري، ما يفرض الإلمام بالقضايا والتحولات الدولية وانعكاساتها على مصر.

وتشير التوقعات إلى أن البرلمان الجديد سيضم عددا كبيرا من رجال الاقتصاد والمال، ما يجعله ساحة لكثير من السجالات الاقتصادية.

10