آمال تونسية بعودة قوية لجاذبية سوقها السياحية

القطاع يتطلع إلى بلوغ مستويات ما قبل الأزمة الصحية من حيث الزوار والإيرادات خلال 2023.
الجمعة 2023/04/07
صقر وديع.. أليس كذلك!

تسعى السياحة التونسية إلى استكمال معركة إزالة العثرات، التي أثرت على تعافيها وأدت إلى تقهقرها فترة الوباء، خلال 2023، إذ يحدو الناشطين بالقطاع الكثير من التفاؤل بشأن انتعاش أنشطتهم في ذروة موسم هذا العام، وتحقيق مكاسب مجزية طال انتظارها.

تونس - كثفت السلطات التونسية استعداداتها لإنجاح الموسم السياحي الحالي، في ظل آمال كبيرة من المشرفين على القطاع في استعادة وتيرة معدل توافد الزوار لمستويات ما قبل الأزمة الصحية، والذي شهد تسجيل قدوم أكثر من تسعة ملايين سائح.

وتؤكد أغلب المؤشرات أن الموسم سيكون أكثر انتعاشا قياسا بالعام الماضي، الذي أظهر زخما ملحوظا، شريطة توفر كافة الظروف الملائمة لإنجاحه.

وتعتبر البنية التحتية للفنادق والمنتجات المتنوعة عوامل من شأنها تلبية احتياجات السياح الأجانب، كما تمثل الصحراء عامل جذب لهم إلى جانب الواحات التي تعد أماكن مميزة.

وظلت السياحة لسنوات طويلة تقود قاطرة للعديد من المجالات والقطاعات الاقتصادية الأخرى على غرار النقل والصناعات التقليدية والخدمات والزراعة وجذب الاستثمارات والتنمية وغيرها.

وفي مسعى لإنهاء المنغصات، اتفقت الجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة، والجامعة التونسية للنزل، وهي تجمع لأصحاب الفنادق، على إرساء ميثاق شراكة وتعاون يشكل مدونة سلوك تهدف إلى المزيد من الارتقاء بالعلاقة المهنية بين الطرفين.

درة ميلاد: رصدنا مؤشرات إيجابية على انتعاش الموسم السياحي الجديد
درة ميلاد: رصدنا مؤشرات إيجابية على انتعاش الموسم السياحي الجديد

وعقد الطرفان في وقت سابق هذا الأسبوع جلسة عمل لمناقشة أهم المشاكل التي تواجه مهنيي قطاع السياحة استعدادا لموسم 2023.

ومن بين العراقيل التي يحاول القطاع تخطيها، “ظاهرة المنافسة غير الشريفة” من طرف بعض المنصات العالمية، التي تعمل على تأمين حجوزات الفنادق لصالح السياح التونسيين وفق أسعار تفاضلية تجعل من الصعب على الوكالات التونسية منافستها.

وتظهر إحصائيات حديثة للبنك المركزي أن إيرادات القطاع نمت خلال الربع الأول من هذا العام بأكثر من 67 في المئة على أساس سنوي.

وبحسب البيانات المنشورة على المنصة الإلكترونية للمركزي، فإن العوائد بلغت خلال الفترة بين شهري يناير ومارس الماضيين أكثر من مليار دينار (330.8 مليون دولار).

وتتطلع الحكومة إلى تحقيق نمو في الإيرادات العام الحالي بواقع 60 في المئة قياسا بالموسم الماضي، والذي جذب أكثر من 1.35 مليار دولار.

وقالت درة ميلاد رئيسة جامعة النزل لـ”العرب”، “ثمة مؤشرات طيبة للموسم السياحي الجديد، وهذا كان واضحا عبر التسويق الذي قمنا به وحضور معارض مختلفة في باريس وبرلين منذ سبتمبر الماضي”.

وأكّدت أن بعد فترة الجائحة تم رصد زيادة في الحجوزات رافقتها زيادة في الأسعار “ونأمل أن نحقق هذا الموسم الأرقام التي سجلناها في 2019”.

وأضافت “سعينا للحفاظ على فرص العمل في القطاع رغم التأثر الكبير على مستوى الخدمات وغياب مساعدة الدولة، ومنذ 2022 نظمنا دورات تدريبية سريعة للقوة العاملة لتجاوز الصعوبات”.

ومع ذلك أوضحت ميلاد أن ثمة ضغطا كبيرا باعتبار نقص الرحلات الجوية، ومحدودية الإمكانات المتوفرة، حتى مع تسجيل حجوزات منذ يناير الماضي.

وتعتبر تونس إحدى أكثر الوجهات المميزة في العالم لتنوع منتجاتها السياحية، ولكونها وجهة تقليدية أساسية للزوار من أغلب البلدان الأوروبية والآسيوية.

وتساهم السياحة بنسبة سبعة في المئة من إجمالي الناتج المحلي، وهي مصدر رئيسي لاحتياطات النقد الأجنبي وأكبر مصادر التوظيف خارج قطاع الزراعة. وعلى النقيض من جارتيها الجزائر وليبيا لا تتمتع تونس بموارد طبيعية مثل النفط.

وكان القطاع قبل العام 2010 يساهم بما يتراوح بين 9 و14 في المئة من إجمالي الناتج المحلي للبلاد، الذي يقدر حاليا بنحو 40 مليار دولار.

حركة نشيطة تبشر بموسم واعد
حركة نشيطة تبشر بموسم واعد

ويعتقد الخبير الاقتصادي محسن حسن أن المؤشرات الحالية تؤكد أن الموسم السياحي سيكون ناجحا خاصة على مستوى العائدات من العملة الصعبة، وأيضا توفير المزيد من فرص العمل.

ولفت كذلك إلى تحسن بقية المجالات المرتبطة بالقطاع، فضلا عن تنامي الطلب على المنتجات الزراعية والصيد البحري.

وقال حسن لـ"العرب" إن “نجاح الموسم يتطلب حزمة من الإجراءات السريعة، أهمها الاهتمام بالجانب البيئي والمناطق السياحية، إلى جانب تحسين جودة خدمات النقل الجوي والاستفادة أكثر من اتفاقية السموات المفتوحة لتحقيق تنافسية في الخدمات”.

وركز أيضا على ضرورة الاهتمام بخدمات ديوان الطيران المدني والموانئ وتكوين يد عاملة متخصّصة ومهنية في الخدمات السياحية والفندقية، علاوة على التسويق الإلكتروني للمنتجات وتقليص التبعية لوكالات الأسفار والتواصل مباشر مع الزبائن.

وأشار حسن إلى أن القطاع المصرفي يمكن أن يدعم المؤسسات الفندقية بقروض موسمية مع تكثيف الأنشطة خارج المؤسسات السياحية.

محسن حسن: نجاح الموسم سيكون رهينا بحزمة من الإجراءات السريعة
محسن حسن: نجاح الموسم سيكون رهينا بحزمة من الإجراءات السريعة

وتتزامن فترة انتعاش السياحة مع وضع مالي صعب تعيشه البلاد وفي ظل إصلاحات سياسية واقتصادية تشمل العديد من المجالات، أملا في الخروج من الأزمة بمساعدة صندوق النقد الدولي.

ويحث العاملون في القطاع الخطى لمواجهة التحديات التي شهدها، مدفوعين بمجموعة من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة خلال الفترة الماضية لدفع عجلات السياحة.

وفي إطار المخطط العملي لاسترجاع القطاع نشاطه لما بعد كوفيد، فقد وضعت وزارة السياحة هدفا لعام 2023، يتمثل في تحقيق 80 في المئة من أرقام 2019 خاصة من حيث قيمة العائدات.

وكان وزير السياحة محمد المعز بلحسين قد ناقش مع وزير النقل ربيع المجيدي منتصف فبراير الماضي مسألة تحسين النقل الجوي وتوفير كل مقومات البنية التحتية للمطارات.

وشدّد الوزيران حينها على مكانة قطاعي النقل والسياحة في دعم الاقتصاد المحلي والارتباط الوثيق بينهما وتكامل دورهما في تعزيز الوجهة التونسية من خلال الحفاظ على الأسواق السياحية التقليدية واستقطاب أسواق جديدة واعدة.

واعتبر المجيدي أن السياحة مهمة من خلال البرامج التي تم وضعها في مجال النقل الجوي، مؤكدا استعداد الوزارة لتنشيط المطارات “وفقا لخصوصياتها وللإمكانيات المتوفرة لتحسين الخدمات”.

أما بلحسين فرأى أن مجال النقل الجوي يعتبر إحدى أهم ركائز تطوير السياحة، مبرزا إمكانياته في تحقيق الأهداف المنتظرة، لاسيما في ما يتعلق بتنشيط المطارات الداخلية سواء بالنسبة للرحلات الداخلية أو استقطاب الوافدين الأجانب عبر الرحلات الدولية.

وفي أعقاب انتكاسات متتالية منذ 2011، كان أبرزها تأثير العمليات الإرهابية في 2015 على القطاع، حققت تونس في العام الذي سبق تفشي الوباء أرقاما لم تعرفها من قبل، مع زيارة نحو 9.4 مليون سائح البلاد وتسجيل عائدات بقيمة 1.9 مليار دولار.

آمال واسعة بعودة النشاط
آمال واسعة بعودة النشاط 

11