الأمم المتحدة تتدارك أخطاءها في ليبيا بالالتفات إلى ملف المصالحة

تعقد الأمم المتحدة على مدى ثلاثة أيام بداية من الأربعاء ورشة عمل تهدف إلى تشكيل شبكة وطنية للمصالحة في ليبيا، خطوة اعتبرها مراقبون سعيا من قبل المبعوث الأممي مارتن كوبلر الذي حضر افتتاح هذه الورشة في العاصمة تونس لتدارك الانتقادات التي طالته من قبل بعض المسؤولين الذين اتهموه بعدم معرفته بطبيعة الأزمة الليبية التي تعتبر أزمة اجتماعية بامتياز.
الخميس 2016/09/01
كوبلر يلعب في الوقت بدل الضائع

تونس – وجدت سياسة المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر وسلفه برناردينو ليون انتقادات واسعة من قبل مراقبين وحتى مسؤولين في الدولة الليبية. ويرى كثيرون أن الأمم المتحدة اتخذت منهجا خاطئا لحل الأزمة الليبية من خلال سعيها لتشكيل مجلس رئاسي وحكومة منبثقة عنه، متجاهلة في المقابل الصراعات القبلية والجهوية وطبيعة المجتمع الليبي الذي مازالت قطاعات كبيرة منه إلى اليوم تتخذ من القبيلة سلطة ومرجعا لكل تحركاته السياسية وحتى العسكرية.

وتعيش ليبيا على وقع انقسام سياسي منذ سنتين، حيث انقسمت في البداية إلى حكومتين وبرلمانين عقب الانتخابات التشريعية التي جرت سنة 2014 والتي أفضت إلى خسارة الإسلاميين، الأمر الذي دفعهم إلى تشكيل تحالف ميليشيات فجر ليبيا التي قامت بطرد القوات الموالية للبرلمان الجديد في المعركة الشهيرة التي عرفت بمعركة المطار.

ودفع هذا الانقسام حينها الأمم المتحدة إلى إطلاق مفاوضات تهدف إلى تشكيل حكومة وجيش موحد في ظل تنامي حجم التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها تنظيم داعش، لكن الاتفاق الذي انبثق عن هذه المفاوضات ساهم في مزيد تأزم الوضع لتصبح في ليبيا 3 حكومات بدل اثنين، بعد أن رفض مجلس النواب منح الثقة لحكومة الوفاق.

وكان رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح من أكثر من اتهم كوبلر والأمم المتحدة بعدم معرفتهما بطبيعة المشهد في ليبيا، داعيا في المقابل إلى سحب الملف الليبي من الأمم المتحدة لتتولاه الدول العربية لما لها من دراية وفهم بطبيعة المجتمع الليبي المشابه لمجتمعاتها على حد قوله.

احتيوش فرج احتيوش: الأطراف الخارجية لا تسعى إلى إيجاد حل لليبيا بل لإدارة الأزمة وفقا لمصالحها

ويرى مراقبون أن ورشة العمل التي نظمتها الأمم المتحدة، الأربعاء والتي تتواصل حتى الجمعة، تهدف بالأساس إلى تدارك الأخطاء التي ارتكبتها على مدى نحو سنتين منذ بدء الأزمة الليبية.

ولطالما أكد مراقبون أن الأمم المتحدة لن تتمكن من تحقيق الوفاق المنشود قبل إجراء مصالحة شاملة بين مكونات المجتمع الليبي، الذي قسمته النزاعات المسلحة والصراع على السلطة منذ أحداث الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي سنة 2011.

وفي هذا السياق قال وزير الصحة في عهد نظام العقيد معمر القذافي احتيوش فرج احتيوش في تصريحات لـ”العرب”، “إن المصالحة المبنية على الحوار تتطلب ضرورة إشراك جميع مكونات المجتمع الليبي كشرط لنجاحها، لكن الغرب مازال يصر على إقصاء بعض الأطراف المهمة في المشهد الليبي كأنصار ومؤيدي النظام السابق”.

وأوضح احتيوش أن الحل يجب أن ينطلق من الليبيين أنفسهم وعليهم ضرورة التحرك والبحث عن حل لإنقاذ بلادهم ونبذ سياسة الاحتراب والمغالبة و”عدم انتظار أي طرف خارجي للقيام بهذه المهمة خاصة وأن جميع الأطراف باتت على يقين بأن الأطراف الخارجية لا تسعى إلى إيجاد حل حقيقي لليبيا بقدر ما تسعى لإدارة الأزمة وفقا لمصالحها”. وتأتي هذه الورشة قبيل أسبوعين على عقد اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، الذي قالت وسائل إعلام محلية إنه سيتم خلاله تقييم أداء المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر الذي أخفق حسب عدد من الأطراف الأوروبية في بلورة خارطة طريق صلبة وواضحة في معاينة الأزمة الليبية، وجعلها تتشعب في مسارات مختلفة يصعب التحكم فيها.

وتزايدت في الفترة الأخيرة الأصوات الليبية التي تطالب باستبدال مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا الألماني مارتن كوبلر بسبب تصريحاته التي توصف بـ”الاستفزازية”، ومواقفه التي أثارت ومازالت تُثير غضب مختلف الفرقاء الليبيين.

ويرى متابعون للشأن الليبي أن كوبلر فشل في أن يكون على مسافة واحدة بين الفرقاء، حيث انحاز بشكل واضح ومكشوف إلى طرف دون آخر، الأمر الذي عقد مهمته في إيجاد تفاهمات تنهي الصراع السياسي والعسكري الذي تشهده ليبيا.

وتسبب هذا الانحياز في ارتفاع الأصوات التي تطالب برحيل كوبلر، كما خرجت العديد من المظاهرات الرافضة له في مختلف المناطق والجهات الليبية خاصة بعد تصريحاته المتعلقة بالجيش الليبي بقيادة الفريق أول ركن خليفة حفتر.

وواجه أداء كوبلر البالغ من العمر 62 عاما أثناء عمله كمبعوث أممي في العراق انتقادات عديدة من الأوساط السياسية العراقية، وكذلك أيضا من أطراف أميركية وأوروبية لم تتردد في اتهامه بالتسبب في تعقيد الأزمة العراقية، ما دفع عددا من المسؤولين العراقيين إلى المطالبة بعزله من مهمته.

4