نهضة تنموية تعزز المكانة الإستراتيجية لمدينة مسندم في سلطنة عمان

السيد إبراهيم بن سعيد البوسعيدي لـ"العرب" عن مسندم: جودة الحياة للسكان وتعزيز مكانة المحافظة.
الجمعة 2025/02/21
معالي السيد إبراهيم بن سعيد البوسعيدي محافظ مسندم يقدم تصوره عن عملية التطوير التنموية في المنطقة

يشكل تركيز السلطات العمانية على تطوير مدينة مسندم باعتبار موقعها الجغرافي المميز، على مدخل مضيق هرمز، الذي يعتبر أحد أهم الممرات البحرية في العالم، أحد أوجه الاهتمام اللامتناهي بالنهضة التنموية لهذه المنطقة لأنه سيكون له تأثيرات كبيرة على تعزيز مكانتها الاستراتيجية سواء للدولة أو للسكان عبر مشاريع واعدة في كافة القطاعات.

مسندم (سلطنة عمان) - تسعى سلطنة عمان إلى تحويل محافظة مسندم من منطقة إستراتيجية مطلة على مضيق هرمز إلى مركز اقتصادي متكامل يلعب دورا مهما في مستقبل البلاد، وهو ما يتضح من خلال حجم المشاريع التنموية التي تهدف إلى تحقيق نهضة اقتصادية تنعكس إيجابا على جودة الحياة للسكان وتعزز مكانة المحافظة.

وتأتي هذه الجهود في إطار خطة وطنية تهدف إلى تحقيق اللامركزية، حيث يعد محور الاقتصاد والتنمية ركيزة أساسية لتحقيق تنمية متوازنة للمحافظات عبر الاستفادة من المقومات والموارد لتطوير البنى التحتية بها ما يعزز قطاع الاستثمار في البلاد.

وقال محافظ مسندم السيد إبراهيم بن سعيد البوسعيدي لـ”العرب” إن التطوير الذي يحدث في المحافظة “هو نتاج خطة للاقتصاد الوطني بشكل عام وبما أن مسندم من المحافظات الجاذبة للاستثمار فإن الخطة الحكومية تركز على إتاحة مساحات للاستثمار تحتاج إلى بنية أساسية وهو ما نعمل عليه سواء في الطاقة المتجددة أو قطاع الكهرباء والمياه مع استدامة توفير الخدمات بأسعار تنافسية مع المحيط والإقليم.”

استثمارات في المنطقة

104.22 مليون دولار لتطوير ميناء الصيد البحري في ولاية دبا
26 مليون دولار لمشروع استزراع الأسماك الزعنفية في منطقة الحرف
13 مليون دولار لتطوير منتجع رأس العمود في ولاية خصب
7.82 مليون دولار لتطوير سوق الأسماك في خصب
7.56 مليون دولار لمشروع مركز دبا الأثري

ورغم الموقع الإستراتيجي الفريد لمحافظة مسندم وأهميتها الاقتصادية والجيوسياسية، إلا أن تأخر إطلاق إستراتيجية تطويرها أثار استغراب العديد من المراقبين الذين يرون أن المحافظة ظلت لسنوات تحتضن إمكانيات هائلة غير مستغلة بالكامل تقريبا سواء في القطاع السياحي أو البحري أو اللوجستي.

ولا يستبعد هؤلاء أن يكون القرار العماني مرتبطا بالتغيرات الاقتصادية الإقليمية والدولية وخاصة في مضيق هرمز ما يجعل من الضروري تعزيز الحضور التنموي في المحافظة لضمان استقرارها.

وردا على ذلك قال السيد المحافظ إن “التغيير في مسندم على مدى العقود الماضية كان كبيرا جدا، فمن يعرف المنطقة مثلا منذ السبعينات سيلاحظ أن التغير واضح جدا حيث كانت المناطق البحرية والحضرية غير موصولة بالطرق وبعض الخدمات الأساسية غير متوفرة، لكن تسارع النهضة من السبعينات إلى سنوات القرن الحالي كان سريعا جدا، ولمواكبة العصر أكثر ومتطلبات الخطة ونضوج أيضا التجربة بحيث أنها لا تؤثر على ديمغرافية وثقافة المجتمع الآن ننطلق إلى أبعاد مختلفة من التطوير.”

وتركز رؤية تطوير محافظة مسندم على عدة مجالات على رأسها قطاع السياحة والبنية التحتية والخدمات وقطاع الصيد البحري والطاقة والاستدامة البيئية، بالإضافة إلى النهوض بالصحة والتعليم.

وكان السيد محافظ مسندم قدم مطلع الأسبوع عرضا شاملا حول الرؤية الإستراتيجية للمحافظة، حيث تناول المشاريع والمبادرات الهادفة إلى تعزيز موقعها كوجهة رئيسية للاستثمار والسياحة.

حصة مجتمعية لنساء مسندم
حصة مجتمعية لنساء مسندم

ومن أبرز هذه المشاريع تطوير ميناء خصب الذي يهدف إلى تحويله إلى مركز لوجستي وسياحي متكامل ومشروع مطار مسندم للمساهمة في تعزيز الربط الجوي للمحافظة مع بقية مناطق السلطنة والعالم.

كما يجري العمل على إنجاز طريق السلطان فيصل بن تركي الذي يربط ولايات المحافظة ويعد من المشاريع الحيوية لتحسين البنية التحتية، بالإضافة إلى ذلك يتم تطوير منتجع رأس العمود في خصب بقيمة استثمارية تبلغ 5 ملايين ريال (13 مليون دولار) وهو مشروع سياحي فاخر يعزز من جاذبية المنطقة كوجهة سياحية عالمية.

ولتسهيل عمليات النقل والقطاع اللوجستي استثمرت الحكومة أكثر من 40 مليون ريال (104.22 مليون دولار) في تطوير ميناء الصيد البحري في ولاية دبا، بالإضافة إلى طريق خصب – ليما – دبا الذي يعد من المشاريع الإستراتيجية والحيوية حيث سيسهم في فتح مناطق جديدة للتنمية العمرانية والاقتصادية والتجارية بالمحافظة علاوة على تنشيط الحركة السياحية.

بدوره يعد قطاع الثروة السمكية أحد القطاعات الاقتصادية التي تحظى باهتمام بالغ لكونه أولا مصدر دخل لعدد كبير من العائلات في المحافظة التي تطل كل ولاياتها على البحر، حيث كان له نصيب من المشاريع مثل سوق الأسماك الجديد في ولاية خصب والذي بلغت تكلفته 3 ملايين ريال (7.82 مليون دولار) ويهدف إلى رفع كفاء منظومة تسويق الأسماك وكذلك الإسهام في زيادة حجم الاستثمارات المرتبطة بالصيد البحري.

مسندم.. حيث يفترق العالم عند مضيق هرمز
مسندم.. حيث يفترق العالم عند مضيق هرمز

وفي خطوة أخرى تندرج ضمن نفس السياق المتعلق بتطوير قطاع الصيد البحري، أطلقت الحكومة قبل أشهر مشروع استزراع الأسماك الزعنفية في منطقة الحرف بولاية خصب بقيمة مالية تجاوزت 10 ملايين ريال (26 مليون دولار) وسط توقعات أن يتجاوز إنتاج المشروع عشرة آلاف طن سنويا.

وتتميز محافظة مسندم بوجود أخوار ملائمة لمشاريع الاستزراع السمكي بالأقفاص العائمة، مما يسهم في تعزيز الإنتاج السمكي وتحقيق مكاسب اقتصادية واجتماعية للمنطقة.

وبالإضافة إلى ذلك تحظى مسندم باهتمام كبير في مجالات الصحة والتعليم حيث تم إنشاء فرع لجامعة التقنية والعلوم يضم عددا من التخصصات بهدف تعزيز التعليم العالي وتوفير فرص تعليمية متقدمة للسكان المحليين.

كما تم تعزيز الخدمات الصحية من خلال تطوير المرافق الصحية كمستشفى خصب، وتوفير الكوادر الطبية المؤهلة بالإضافة إلى تأمين توفير الأدوية من خلال إنشاء المخزن الطبي الإقليمي.

ويعد قطاع الثقافة أيضا جزءا مهما في إستراتيجية تطوير المحافظة وهو ما تعكسه عدة مبادرات ومشاريع تهدف إلى الحفاظ على التراث وتعزيز الهوية الوطنية مثل مهرجان الشتاء مسندم، بالإضافة إلى صيانة وإعادة تأهيل القلاع والحصون التاريخية مثل قلعة خصب وقلعة بخا.

رؤية تطوير مسندم تركز على السياحة والبنية التحتية والخدمات والصيد البحري والطاقة، وأيضا والاستدامة البيئية والصحة والتعليم
رؤية تطوير مسندم تركز على السياحة والبنية التحتية والخدمات والصيد البحري والطاقة، وأيضا والاستدامة البيئية والصحة والتعليم

كما تعمل السلطات المحلية والحكومة في الوقت الحالي على مركز دبا الأثري وهو موقع ثقافي بارز في ولاية دبا يهدف إلى تسليط الضوء على الأهمية التاريخية والأثرية للمنطقة. وتقدر التكلفة الإنشائية للمشروع بقيمة 2.9 مليون ريال (7.56 مليون دولار) ومن المتوقع الانتهاء من تنفيذه منتصف العام الحالي.

وإلى جانب تطوير المواقع الأثرية، تشهد محافظة مسندم جهودا مكثفة لتطوير شواطئها بما يتماشى مع خطط تعزيز السياحة البيئية والبحرية في إطار رؤية عمان 2040. وتهدف هذه المشاريع إلى تحسين البنية التحتية السياحية وجذب السياح.

ومن بين هذه الشواطئ شاطئ بصه في ولاية خصب ويعد من الشواطئ الرملية التي تجذب الزوار للاستمتاع بالطبيعة الخلابة، وشاطئ حيوت في خصب أيضا وشاطئ حل في ولاية بخاء وشاطئ السوت في ولاية دبا.

وتشمل هذه المشاريع تطوير المرافق الشاطئية مثل إنشاء مناطق جلوس ومظلات وممرات للمشاة مع مراعاة الحفاظ على البيئة والطبيعة والتنوع البيولوجي الفريد للمنطقة.

11