الانتخابات البلدية الليبية ضربة لمماطلات الطبقة السياسية

نجاح العملية الانتخابية يشجع الغرب على ممارسة ضغوط أكبر على معرقلي الانتخابات.
الاثنين 2024/11/18
ليبيا جاهزة للاستحقاقات المعطلة أيضا

طرابلس – سدد نجاح الانتخابات البلدية التي جرت السبت في جميع أنحاء ليبيا رغم الانقسام السياسي، بالإضافة إلى نسبة المشاركة المعقولة قياسا بعدد المسجلين، ضربة موجعة لمماطلات الطبقة السياسية التي ترفض إجراء الانتخابات منذ سنوات وتضع العراقيل القانونية لتأجيلها مقابل الاستمرار في سياسة المراحل الانتقالية، ما يتيح لها الحفاظ على نفوذها.

وتسبب الانقسام السياسي العاصف بالبلاد منذ سنوات وما رافقه من حروب في نفور الليبيين من الشأن السياسي، لكن نسبة المشاركة التي تضاربت التصريحات بشأنها بين 55 و74 في المئة، رغم التسجيل الضعيف، تؤشّر على توق الليبيين إلى التغيير السلمي للوجوه المتحكمة في المشهد السياسي منذ أكثر من عشر سنوات، ما قد يفتح الأبواب أمام إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية لاسيما مع تلويح السلطات في طرابلس بإجراء استفتاء على شرعية الأجسام القائمة منذ سنوات.

وينصب غضب الليبيين خاصة على مجلس الدولة الذي انتخبت أغلبية أعضائه قبل 12 سنة لعضوية المؤتمر الوطني العام، ليتحول بعد اتفاق الصخيرات إلى مجلس الدولة مع بعض التحويرات في عضويته، ومجلس النواب الذي انتخب منذ 2014.

الانتخابات مؤشر على رغبة الشعب الليبي في إجراء الانتخابات للوصول إلى دولة مستقرة عن طريق صناديق الاقتراع

وينظر الليبيون إلى المجلسين على أنهما سبب الانقسام في ليبيا حيث رفض المؤتمر الوطني الذي كان يسيطر عليه الإسلاميون في 2014 إجراء الانتخابات التي جاءت بالبرلمان لاحقا، وحاول التمديد لنفسه وهو ما تصدى له نشطاء وقوى سياسية، ما أدى إلى إجراء الانتخابات تحت ضغط الشارع. لكن البرلمان نفسه يتهمه اليوم مسؤولون غربيون، في مقدمتهم المبعوثة الأممية السابقة ستيفاني ويليامز، بعرقلة إجراء الانتخابات.

وتعد هذه المرة الأولى منذ عشر سنوات التي يتم فيها إجراء الانتخابات في كامل البلاد بشكل متزامن ودون تسجيل خروقات أمنية أو تقنية.

وبحسب المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، دُعي 186055 ناخبا لاختيار ممثليهم المحليين في 58 مجلسا بلديا. وتنافس 2331 مرشحا على 426 مقعدا، منها 68 مخصصة للنساء و58 لذوي الإعاقة.

وخيمت المخاوف من العزوف على ليبيا قبل أيام من إجراء الانتخابات بسبب ضعف نسبة التسجيل في الانتخابات التي لم تتجاوز 186 ألف ناخب. ويتجاوز عدد الليبيين ستة ملايين نسمة. لكن نسبة المشاركة، بالإضافة إلى الزخم الكبير الذي رافق العملية الانتخابية وعدم تسجيل خروقات، بعثت برسائل إيجابية.

وقال سالم بن تاهية المستشار في المفوضية العليا للانتخابات إن نسبة المشاركة بلغت 74 في المئة في مختلف أنحاء ليبيا، مشيرا في مؤتمر صحفي إلى “عدم تسجيل أي خرق أمني”، ولافتا إلى “مشاركة 24 ألف رجل أمن لتأمين العملية الانتخابية.”

لكن عضو مجلس إدارة المفوضية الوطنية للانتخابات عبدالحكيم الشعاب قال إن نسبة المشاركة في المرحلة الأولى للانتخابات البلدية بلغت 55 في المئة.

pp

ويتفق المسؤولان في مفوضية الانتخابات على أن عملية الاقتراع التي لم تشهد “أي اختراق أمني أو مخالفات”، في شرق البلاد وغربها وجنوبها، مؤشر على رغبة الشعب الليبي في إجراء الانتخابات للوصول إلى “دولة مستقرة عن طريق صناديق الاقتراع.”

وتفقدت ستيفاني خوري القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، يرافقها وزير الحكم المحلي بدرالدين التومي، مركز اقتراع في قصر بن غشير جنوب طرابلس.

وكتبت خوري عبر منصة إكس أن هذه العملية “تثبت أن إجراء الانتخابات ممكن في ليبيا كأداة للانتقال السلمي للسلطة.”

ويقول مراقبون إن نجاح الانتخابات المحلية الذي تؤكده بشكل أكبر شهادة خوري بإمكانه أن يشجع الغرب على ممارسة ضغوط أكبر على الفرقاء الليبيين لإجراء الانتخابات التشريعية على الأقل.

186055

ناخبا تمت دعوتهم لاختيار ممثليهم المحليين في 58 مجلسا بلديا

وتوقف الحديث بشأن إجراء الانتخابات منذ تجاوز موعدها دون إجرائها في ديسمبر 2021. وانتخبت حكومة عبدالحميد الدبيبة خلال مؤتمر للحوار الوطني عقد بجنيف في فبراير 2021 وأوكلت إليها مهمة الإشراف على الانتخابات التي حدد 24 ديسمبر 2021 موعدا لها. لكن الخلافات السياسية حالت دون إجرائها.

ومنذ ذلك الوقت يتصارع الدبيبة مع مجلسي النواب والدولة في معركة عنوانها من يخرج من المشهد أولا، حيث جرى تشكيل حكومة موازية بدعم من المجلسين وحاولت دخول طرابلس عندما كان السياسي المنحدر من مدينة مصراتة فتحي باشاغا رئيسا لها لكنها فشلت لتستقر آخر المطاف في بنغازي.

ولاحقا ساد انطباع وجود تفاهمات على الإبقاء على الوضع الراهن كما هو طالما أن مصالح الجميع سارية، وهو ما تبدد مع بروز مساع للدبيبة بالتفاهم مع المجلس الرئاسي لإجراء استفتاء يقال إن الهدف منه الاستفتاء على شرعية مجلسي النواب والدولة.

وتتواتر أنباء غير مؤكدة مفادها أن فريق الدبيبة وفريقا تابعا للقيادة العامة للجيش بقيادة صدام حفتر اتفقا مؤخرا خلال محادثات جرت بتركيا على ترتيبات تفضي إلى إجراء انتخابات تشريعية، وهو ما يعارضه البرلمان ومجلس الدولة الذي يحاول التصدي لقرار تشكيل مفوضية الاستفتاء عبر حكومة أسامة حماد التي وصفت المفوضية بأنها جسم مواز لهيئة الانتخابات.

وفي نهاية أكتوبر الماضي اتفق عبدالحميد الدبيبة ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي على تفعيل مفوضية الاستفتاء والاستعلام الوطني، وهو ما أثار ردود فعل مختلفة بين مرحب ورافض.

 

اقرأ أيضا:

         • مجلس النواب الليبي يطلق ملتقى المصالحة في ذروة الخلاف على مفوضية الاستفتاء

1