تنامي العنف الجنسي ضد الفتيات ذوات الاحتياجات الخاصة

بينما تتجه الكثير من دول العالم إلى تشديد قوانين الحماية والرعاية لذوي الإعاقة بهدف تخفيف مشاكلهم الحياتية، كشفت دراسات اجتماعية حديثة أن الفتيات ذوات الإعاقة بتن أهدافا جنسية سهلة للمتحرشين أو المعوقين أخلاقيا في العديد من الدول العربية.
الجمعة 2016/07/01
فتيات الإعاقة الذهنية هدف سهل للمتحرشين في الدول العربية

القاهرة - اعترفت هبة هجرس، مقرر لجنة المرأة ذات الإعاقة بمجلس النواب المصري، قبل أيام بتنامي ظاهرة العنف الجنسي ضد الفتيات ذوات الاحتياجات الخاصة، الأمر الذي يتنافى مع أبسط قواعد الأخلاق والإنسانية. لكن الظاهرة رغم قسوتها ليست جديدة على المجتمعات العربية، ففي العام 1987 كشفت إحصائية شملت 245 سيدة من ذوات الإعاقة الذهنية، أن 40 بالمئة منهن تعرضن للعنف والتحرش.

ومنذ أيام استدرج 8 “ذئاب بشرية” فتاة معوقة ذهنيا بمحافظة الدقهلية (شمال القاهرة)، وتناوبوا في الاعتداء جنسيا عليها دون أي رحمة أو شفقة. وأدان المجلس القومي للمرأة الواقعة وطالب بمضاعفة وتغليظ العقوبة في حال التعدي على الفتيات ذوات الإعاقة وتوقيع أقصى العقوبة، وهي الإعدام شنقا، على كل من تسوّل له نفسه استغلال براءتهن وظروف إعاقتهن.

وهناك سنويا المئات وربما الآلاف من حالات الاغتصاب في العديد من الدول العربية لبنات ذوات إعاقة وتم الإعلان عن بعضها في دول عربية، ما تسبب في حملهن سفاحا.

طارق عبدالحميد (رقيب شرطة) أكد أن أقسام الشرطة تتلقى بلاغات كثيرة من جانب أهالي فتيات ذوات إعاقة تم استغلالهن، معتبرا أن الأمر خطوة ملفتة على طريق تطور تعامل الأهل مع مشاكل بناتهم من ذوات الإعاقة. فقبل فترة كان الكثير من الأهل يفضلون عدم الإبلاغ عن مثل هذا النوع من الاعتداءات لقناعتهم بأن المتهم ستتم تبرئته لأن شهادة المعوقة ذهنيا لن تقبل في المحكمة، وبناء عليه يعاقبون الفتاة البريئة على اغتصابها بحبسها ومنعها من الخروج.

وأضاف لـ”العرب” أن قناعة البعض بأن جريمة اغتصاب فتاة معوقة ذهنيا لن تنكشف ولن تستدل الفتاة المغتصبة على فاعلها لعدم تمتعها بعقل سليم أو لن تقبل شهادتها في المحكمة، هي اعتقاد خاطئ لأن الجميع متساوون أمام القانون.

وفي المغرب قالت الدكتورة خديجة بلدي اختصاصية الطب النفسي، إن الكثير من النساء اللاتي يعانين من إعاقة ذهنيّة يتعرّضن لاعتداءات جنسيّة في المغرب.

وكشفت المتحدثة في مداخلة لها ضمن مائدة مستديرة حول موضوع “العنف ضد النساء في وضعية إعاقة بالمغرب”، عن أن الكثير من الأسر لا تعلم أن بناتها ذوات إعاقة ذهنية يتعرضن لاعتداءات جنسية.

سامية قدري أستاذة علم الاجتماع المصرية، لم تعف أهالي الفتيات من المسؤولية عن اغتصابهن، لأنهم يعلمون أن بناتهم لا يستطعن الدفاع عن أنفسهن والأخطر أنهن لا يملكن القدرة على التفرقة بين العناية والتحرش، بل على العكس يملن إلى من يحنو عليهن.

قناعة البعض بأن جريمة اغتصاب فتاة معوقة ذهنيا لن تنكشف هي اعتقاد خاطئ لأن الجميع متساوون أمام القانون

وأضافت لـ”العرب” أن بعض الأسر ترتكب آثاما مضاعفة في حق بناتها من ذوات الإعاقة عندما تحرمهن من العطف والود بدعوى أنهن يمثلن عبئا إضافيا عليها، لهذا تنجذب الفتيات ممّن يصلن سن البلوغ إلى أي شخص يبدي نحوهن مشاعر العطف والمودة.

وتساءلت قدري متعجبة من ازدواجية المجتمعات العربية المثيرة للشفقة بين مطالبة دائمة لذوي الاحتياجات الخاصة بتقبل واقعهم، في الوقت الذي تبخسهم فيه تلك المجتمعات أدنى حقوقهم الإنسانية والعاطفية وتتجاهل متطلباتهم بشكل لافت.

والمفارقة أنه في الوقت الذي تسعى فيه الجمعيات غير الربحية إلى إنصاف تلك الفئة المجتمعية ووضع قوانين صارمة لاحترام إنسانيتها، يلجأ آخرون إلى حلول أسهل تشبه تلك التي كانت سائدة أيام الجاهلية.

ومن جانبه قال مصطفى محسن، عضو بحملة “امسك متحرش” لـ”العرب”، “واحدة من أسوأ بدع الأهالي لحماية بناتهم ذوات الإعاقة الذهنية من الاغتصاب، تتمثل في المبادرة المشبوهة لاستئصال أرحامهن وذلك لإعفاء الفتيات من الحمل سواء تعرضن لاعتداء جنسي أو لا”.

فتحي محمد (مهندس) واحد من الأهالي الذين ضاقوا من المعاناة اعترف لـ”العرب” بأنه لا يمانع في فكرة استئصال الرحم لابنته المعوقة ذهنيا والبالغة من العمر 17 عاما.

وأوضح أن الفتاة ذات الإعاقة وإلى جانب مشاكلها المرضية تعاني من حرج شديد في فترة الطمث نظرا إلى جهلها بالنظافة الشخصية وكيفية الاهتمام بنفسها في مرحلة البلوغ، بينما الأم لا تستطيع مراقبة ابنتها معظم الوقت لوجود أشقاء لها يحتاجون رعاية أيضا.

وقال طبيب عربي، رفض ذكر اسمه، لـ”العرب” إنه أجهض فتيات من ذوات إعاقات ذهنية مغتصبات، وقام بإزالة أرحام بعضهن بعد إلحاح من أسرهن خشية أن ينجبن أطفالا معاقين بدورهم.

واللافت أن هذه الممارسة القمعيّة تتعامل مع المرأة ذات الإعاقة باعتبارها حالة خاصة، وتتجاوز حقيقة أنها امرأة لها احتياجات عاطفية وجسدية، وأنها تعاني بما يكفي من مرضها ونظرة المجتمع لها.

21