الحب والعلاقة الحميمية يقويان مناعة الزوجين

للحب والعلاقة الحميمية قوة سحرية لا يدركها الكثيرون، ولهما تأثير إيجابي لا يتوقف عند الفوائد النفسية والسلوكية فقط، بل يمتد إلى تعزيز صحة الإنسان، والوقاية من الأمراض، ليكونا إحدى الضروريات للصحة العامة للإنسان، وليسا مجرد مشاعر وأحاسيس.
الأحد 2016/03/20
العناق ينتج طاقة إيجابية

كشفت دراسة صدرت مؤخرا أن الحب والعناق وممارسة الجنس قد يكون لها آثار إيجابية على الصحة، فالرجال المستقرون في علاقاتهم العاطفية ويحظون بحبّ زوجاتهم أقل عرضة لخطر الإصابة بالجلطة وأمراض القلب، حتى لو كان لديهم عوامل خطر مثل كبر السن أو ضغط الدم المرتفع.

وأشارت الدراسة التي أجرتها جامعة بولونيا الإيطالية وشملت 10.000 رجل، إلى أن الرجال معرضون لارتفاع خطر الإصابة بقرحة الاثني عشر حال كان لديهم مشاكل مع زوجاتهن ولم يتمتعوا بالحب والدعم الكافيَيْن.

وقال الباحثون إن هناك عناصر أخرى تحسّن الصحة ومرتبطة بالحب وهي العناق وممارسة الجنس، حيث وجدوا أن الأزواج الذين تعانقوا لمدة تتراوح بين 20 إلى 30 ثانية وأمسكوا بأيدي بعضهم البعض لمدة 10 دقائق كانوا أقل توترا، وساعدهم ذلك في الحفاظ على ضغط الدم الطبيعي، بينما لوحظ أن الأزواج الذين لم يتلامسوا انخفض لديهم معدل دقات القلب والضغط، كما وجدت الدراسة أن العلاقة الحميمية بين الأزواج مفيدة جداً لتعزيز صحة القلب، وتحسين الحالة والشعور النفسي.

وتوصلت دراسة أخرى في مدرسة الطب بجامعة "كارنيجي ميلون" في ولاية بنسلفانيا الأميركية، إلى أن العناق بين الأزواج يكون بمثابة وسيلة فعالة جدا لنقل الدعم والمساندة، وزيادة وتيرة العناق وشدته تكون أداة فعّالة للحدّ من الآثار الضارة للإجهاد والضغط والتوتر، حيث تمّ إجراء أبحاث على حوالي 600 رجل وامرأة من فئات عمرية مختلفة، وتبيّن أن أكثر من 60 بالمئة تتحسّن حالتهم الصحية والنفسية، وتقلّ احتمالات إصابتهم بالأمراض عندما يمارسون العناق مع الحبيب أو المقرّبين إليهم، في حين تراجعت تلك النسبة، عندما تم حظر العناق أثناء الدراسة واقتصار اللقاء على المصافحة بالأيدي وتبادل الأحاديث بعيدا عن مشاعر وأحاسيس الحب والمودة.

ومن أهم النتائج التي توصّل إليها العلماء من خلال أبحاثهم، أن الحب والعلاقة الحميمية يعملان على تقوية جهاز المناعة، وتخفيف ومكافحة الإصابة ببعض أنواع الفيروسات، كما أوضحت الأبحاث أن للعناق تأثيرا إيجابيا في حماية المرء من التوتر الناجم عن التعرّض للعدوى، والإصابات الفيروسية، كما أنه عند عناق المقربين أو شخص ما مصدر ثقة، يتحرّر هرمون الأوكسيتوسين في مجرى الدم، مما يعمل على تخفيف حدة التوتر، وبالتالي تحسين قوة الذاكرة وعمل الدماغ، إضافة إلى أن العلاقة الحميمية والعناق يعملان على تحفيز الجهاز العصبي السمبتاوي لتحقيق التوازن والهدوء، ومن ثمة الشعور بالطمأنينة والاستقلالية وتفريغ شحنات الغضب، ممّا يعمل على صفاء الذهن وتعزيز قوة الذاكرة.

عند الشعور بالحب والاقتراب من الشريك، يتم إنشاء شحنات عاطفية تحفز الغدة الزعترية، التي تفرز هرمون "الثيموسين" الذي ينظم بناء المناعة في الجسم

وقد يجهل بعض الأزواج الآثار الصحية التي تأتي من العلاقة الزوجية، حيث أنها تعود بالعديد من الآثار الصحية والنفسية على حياتهم، فالعلاقة الزوجية المنتظمة من حيث النوعية، ولا يشترط زيادة عدد المرات، تعالج الكثير من الأمراض وتقوّي جهاز المناعة.

وقال باحثون في جامعة ساوباولو في البرازيل إن ممارسة العلاقة الجنسية بين الزوجين ليست فقط لتفريغ شحنات من الهرمونات المسؤولة عن الرغبة، أو قضاء بضع دقائق من اللذة، بل هي ممارسة لها منافع كثيرة على صحة الإنسان سواء الجسدية أو النفسية، فالنشوة الناجمة عن ممارسة الجنس تزيد من كمية ما يعرف بمادة “بولاكتين” في الدم، وأوضحوا أن لعدم ممارسة المعاشرة الحميمة آثارا سلبية، وهي لا تقاس بالكمّ بل بالنوعية، وحذرت الدراسة كذلك من ممارسة المعاشرة بمعدل أكثر من 3 مرات في الأسبوع، ما يشكل ضررا على جهاز المناعة عند الإنسان، لأن المبالغة تؤدي إلى الإصابة ببعض الالتهابات الخطيرة.

وفي هذا السياق، يوضّح عبدالهادي الجيلاني، أستاذ الصحة العامة بطب القصر العيني في مصر، أن للحب والعناق الحميم تأثيرا إيجابيا على صحة الإنسان سواء النفسية أو الجسدية، لافتا إلى أن المعانقة المقصودة هنا هي ذلك العناق النابع من الحب والارتياح مع الأشخاص المقرّبين. مشيراً إلى أنه عند الشعور بالحب والاقتراب من الشريك، يتم إنشاء شحنات عاطفية تحفّز الغدة الزعترية، التي تُفرز هرمون “الثيموسين” الذي ينظّم بناء المناعة في الجسم، ويساعد على إنتاج كرات الدم البيضاء وإنتاج الخلايا الليمفاوية، وبالتالي زيادة قوة الجهاز المناعي، حيث تُعتبر خلايا الدم البيضاء أحد أهم أجزاء الجهاز المناعي، والتي تقوم بالدفاع عن الجسم ضد مسبّبات الأمراض المختلفة. وتابع الجيلاني قائلا “تنقسم خلايا الدم البيضاء إلى خمسة أنواع، فهناك نوع يعمل على تحطيم الخلايا البكتيرية المختلفة، والثاني يعمل على هضم البكتيريا والفطريات، والثالث يفرز أجساماً مضادة للبكتيريا والفيروسات والأجسام الغريبة، والأخير يقوم بمهاجمة الطفيليات الضارة”.

من جانبه، يشير خليل فاضل، استشاري الطب النفسي، إلى أن العلاقة الحميمية النابعة من الحب تنتج طاقة إيجابية، وهي تؤثر على الإنسان نفسياً وصحياً، وتعود عليه بفوائد كثيرة، موضحاً أنه أثناء تقارب الشريكين ترتفع مستويات هرمون “الأوكسيتوسين" الذي يفرز في حالات الحب والثقة والهدوء، حيث أن زيادته تعمل على زيادة قدرة الأفراد على الثقة بالآخرين، كما تعمل على خفض هرمون “الكورتيزول" الذي يفرز في الأساس استجابة للإجهاد، ممّا ينبّه المستقبلات الحسية للضغط واللمس الموجودة في الطبقة العميقة من الجلد والمسماة “جسيمات باتشيني" لإرسال الإشارات العصبية إلى الدماغ لخفض مستويات ضغط الدم.

ويضيف فاضل "الحب والعناق يلعبان دورا جوهريا في تفريغ الضغط، والتخلص من التوتر والإجهاد، فعناق شخص موثوق به يُعتبر وسيلة لنقل الدعم ممّا يعزز الثقة بالنفس والأمان، وبالتالي التخلّص من الإجهاد والتوتر والضغوطات النفسية".

21