مدمنو التدخين يحظون بفرصة أقل للحصول على وظيفة

إلى جانب الأضرار الكبيرة التي يسببها التدخين على صحة الإنسان ومضاعفاته على الحالة النفسية والاضطراب السلوكي، فإنه أيضا له تأثير سلبي على مستقبل الإنسان وفرص حصوله على وظيفة مناسبة.
الأحد 2016/10/23
التدخين مضر بالصحة وبالمستقبل

كشف علماء بجامعة كاليفورنيا، في دراسة حديثة أن المدخنين الذين يفقدون وظائفهم يستهلكون وقتا أطول من نظرائهم غير المدخّنين حتى يتمكنوا من الحصول على وظيفة جديدة، ما يعكس أن التدخين في ذاته يؤثر مباشرة في إمكانية الحصول على وظيفة.

ووجدت الدراسة الأميركية أن غير المدخنين العاطلين يملكون فرصة في الحصول على وظيفة بنسبة 30 بالمئة أكثر من العاطلين المدخنين، خلال أقل من عام واحد، وليس هذا فحسب، بل كشف الباحثون أيضًا أن غير المدخنين يربحون أموالا أكثر من نظرائهم المدخنين بما يوازي خمس دولارات في الساعة الواحدة من العمل.

وشملت الدراسة التي أجريت في الولايات المتحدة 131 مدخنا عاطلا عن العمل، في مقابل 120 من غير المدخنين العاطلين عن العمل، وكان أكثر من نصف المشاركين عاطلين عن العمل لأكثر من ستة أشهر.

وتتبع الباحثون 108 من المشاركين غير المدخنين، و109 من المدخنين بعد مرور عام من تركهم العمل، ليجدوا أن الفرق واضح بين المجموعتين، مع الأخذ في الاعتبار عددا من العوامل المؤثرة مثل: مدة البقاء بدون عمل، والعمر، والتعليم، والمؤهلات، والحالة الصحية، حيث تم إبعاد الحالات التي كانت فيها مبالغة في أحد هذه العوامل، وذلك حتى تكون الدراسة دقيقة قدر الإمكان.

ومن بين ما توصل إليه الباحثون، أن المدخنين كانوا أقل سنا وأقل تعليما، وأكثر احتمالا لأن يكونوا غير مستقرين في السكن والحياة، إضافة إلى أنهم يكونون أقل صحة، ومن الممكن أن تكون لهم سجلات جنائية أكثر من غير المدخنين، كما أن 60 بالمئة من المدخنين قد غادروا أعمالهم الماضية بسبب انتهاء العقد المبرم مع الشركة، أو المؤسسة، أو نتيجة الإقالة.

وذكرت البروفيسور جوديث بروشاسكا، الأستاذ بجامعة ستانفورد الأميركية، وأحد المشاركين في هذه الدراسة، أن الإنسان عرف الآثار الصحية للتدخين منذ نحو 50 عاما، لكن الجديد الآن هو التوصل إلى الآثار الحياتية والمادية للتدخين، وليس المقصود الأموال المنفقة، وإنما فيما يتعلق بالعمل والنجاح والمستقبل، حيث توصلت الدراسة إلى أن غير المدخنين يحظون بفرصة أكبر بمقدار 30 بالمئة من المدخنين في الحصول على وظيفة خلال 12 شهرا، هذا بالإضافة إلى الفرق في الأجور والمستوى الوظيفي، ما يؤكد أن التدخين يقلل من فرص الحصول على وظيفة سريعا.

معظم المدخنين البالغين اليوم بدأوا التدخين في مراحل المراهقة، ويعانون من مشكلات عائلية ونفسية كالاكتئاب والقلق عند دخولهم مراحل البلوغ والشباب

ولم يتوصل العلماء إلى الأسباب الممكنة وراء هذا التفاوت في النتائج بين المدخنين وغير المدخنين، حيث أن الدراسة قامت بتسليط الضوء على عامل واحد قد يكون سببا محتملا لهذه الفروق، وذلك بسؤال المدخنين حول أولويات إنفاقهم، ووضعت إجابتهم التبغ على رأس قائمة مصاريفهم التي تضم المواصلات، وأجهزة الهاتف المحمول، والرعاية الشخصية من احتياجات جسدية وغيرها، إلا أنه في الحقيقة، هناك العديد من العوامل التي يجب تفصيلها حتى يتم التوصل إلى جميع الأسباب الحقيقية، والتي قد تكون زيادة عدد أيام المرض، وغيرها من عيوب التدخين، وتأثيرها في الصحة، والحالة النفسية، ما قد يؤثر سلبا في إنتاجية الفرد، وهو ما يترك تاريخا مهنيا غير جيد للشخص عند محاولة التقدم لوظيفة جديدة، ما يعيقه عن الحصول عليها سريعا ويحتاج لوقت أطول يظل خلاله عاطلا.

ويفسر سعد عبدالرحمن، أستاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة عين شمس في مصر، نتائج تلك الدراسة، بأن التدخين يزيد من الضغوط النفسية على الشخص، ومن ثم زيادة الضغوطات في الحياة، ما يؤدي إلى الاضطراب النفسي لدى الشخص، مما يجعله غير مؤهل للوظيفة التي تروق له، وهو ما يدعم فرضية الدراسة بأن التدخين بجانب الأضرار الصحية الكثيرة التي يسببها للقلب والصدر، فهو أيضا يؤثر سلبا على مستقبل الإنسان وإمكانية حصوله على وظيفة مناسبة سريعا، وربما أيضا إصابته بالأمراض النفسية والاضطرابات العقلية، بحسب ما ذكرت دراسات وأبحاث أخرى.

كما لفت عبدالرحمن إلى أن هذه الدراسة لم تتطرق إلى الأسباب الرئيسية وراء انخفاض نسبة حصول المدخنين على وظيفة مقارنة بغير المدخنين، وتفضيل نسبة من أصحاب العمل عدم توظيف المدخنين، ومن ثم فهناك حاجة إلى دراسات وأبحاث تتعمق بشكل أوسع في كل عامل من هذه العوامل المحتملة، كونها ستساعد على فهم تلك النتائج.

وفي سياق آخر أكدت دراسة أن البالغين المدخنين أكثر عرضة للطلاق بحوالي 53 بالمئة مقارنة بغير المدخنين. وقال أخصائي طب الأسرة في جامعة مينيسوتا الأميركية ويليام دوهيرتي إن المدخنين يملكون صفات مزاجية حادة ويمرّون بتجارب حياتية مختلفة تجعلهم أكثر عرضة للطلاق من غير المدخنين، لذلك “فإنك إذا كنتَ تنوي الزواج من شخص مدخّن فعليك أن تفكر مرتين قبل أن ترتبط به أو بها”. وأفاد فريق البحث الذي شمل 3123 بالغا سنهم تتراوح من 18 سنة فما فوق أن حوالي 50 بالمئة من الأشخاص المدخنين، بصرف النظر عن الجنس أو العمر أو العرق أو التعليم أو الدخل المادي، تعرضوا للطلاق مقارنة مع 32 بالمئة من غير المدخنين.

وبين دوهيرتي أن معظم المدخنين البالغين اليوم بدأوا التدخين في مراحل المراهقة، ويعانون من مشكلات عائلية ونفسية كالاكتئاب والقلق عند دخولهم مراحل البلوغ والشباب أكثر من غير المدخنين.

ونبه إلى أن معظم البحوث ركّزت على المخاطر الصحية المصاحبة للتدخين ولم تهتم بالآثار الاجتماعية والنفسية المترتبة على هذه العادة السيئة.

هذا وكشفت دراسة أميركية سابقة أن التدخين يؤثّر سلبا على معدّل الذكاء ويزيد من نسبة الغباء لدى الشباب. وبيّنت أنه “بعد التجارب على مجموعة ممن دخّنوا التبغ، تغيّر معدّل ذكائهم بشكل كبير ولوحظ انخفاض في المستوى الدراسيّ".

من جانبها بينت دراسة بريطانية أن الطبقة الخارجية في دماغ الإنسان التي يحتاجها للتفكير تكون أكثر رقّة عند المدخنين مقارنة مع غير المدخنين، معتبرين أن هذه الطبقة قد تسترجع سماكتها حين يتوقّف الشخص عن التدخين. وكشفت نتائج فحوص الرنين المغناطيسي التي أجريت على أشخاص مدخنين يبلغ معدل أعمارهم 54 عاما أن الذين أقلعوا عن التدخين أصبحت الطبقة في دماغهم أكثر سماكة، مقارنة مع المدخنين، مع ترجيح أن تستعيد الطبقة عافيتها مع مرور الوقت.

21