الساديون.. يحركهم اضطراب غرائزي يجعل الشخص يتلذذ بتعذيب الآخرين

يسيطر الحب والعلاقات الحميمية على العلاقات الإنسانية، وفي المقابل توجد علاقات مرضية، تنتج عن اضطرابات نفسية أو سلبيات في أسلوب التربية أو العلاقات في المحيط الاجتماعي، وتأتي في مقدمتها “السادية”، والتي تعني المتعة برؤية الآخرين يقاسون الألم، وتعرف بأنها التلذذ بتعذيب الآخرين.
السبت 2016/07/02
الساديون يعبرون عن السلوكيات الاجتماعية العدوانية

القاهرة- تتميز الشخصية السادية بالقسوة والعدوانية، بحيث يستمتع الأفراد الساديون بألم الآخرين ومعاناتهم، والسادية لا تعني دائما الاعتداء الجسدي، ففي الكثير من الأحيان يعبر الساديون عن السلوكيات الاجتماعية العدوانية والتمتع بإهانة الآخرين من أجل الشعور بالقوة والسيطرة.

وينسب مصطلح السادية إلى الروائي الفرنسي ماركيز دي ساد، أول من رصد هذه الحالة في رواياته.

وتبدأ السادية بصفة محدودة أو خفيفة أي بمجرد الضرب باليد فقط، ثم تنتقل إلى المرحلة المتوسطة، وتتطور وتزداد قوتها وشدتها حتى تصل إلى القتل، وقد وصفها علماء النفس بأنها مرض وشعور غريزي، وهي ليست صفة، فالصفة تزول وتتغير بتغير الظروف، أما السادية فهي مرض له أسبابه وغالبا ما ينشأ في مرحلة مبكرة من حياة الطفل.

يقول أستاذ الطب النفسي بجامعة الزقازيق، وائل أبوهندي، “السادية اضطراب يفضي إلى التلذذ بتعذيب الآخرين، وتقابلها المازوخية، التي تشير إلى التلذذ بالتعذيب الذاتي”، لافتا إلى أن السادية أو المازوخية لا تكون في العلاقة الجنسية فقط، فهناك المدير السادي، والأخ السادي، وغيرهما، موضحا أن هذا الاضطراب ينتج عن خطأ في التربية أو حادث معين قد ينتج عنه هذا المرض. فالتدليل الزائد للطفل ودون معايير واضحة قد ينتج إنسانا غير سوي.

وهناك سبب آخر أورده علماء النفس، وهو توحد الضحية مع الجاني وخصوصا إذا كان صغيرا، ما يعرف بمتلازمة ستكهولم، كأن يتعرض للضرب بشكل شبه دائم حتى يصير متوحّدا مع الذي يؤذيه، ويتلذذ بذلك بل ويدافع عنه، مشيرا إلى أن السادية أو المازوخية قد تفضي إلى التقدير السيء للذات والكره والإدمان، كمحاولة للخروج من الواقع والاكتئاب، وتدمير العلاقات الاجتماعية.

وقد ألقت مباحث الآداب بمصر مؤخرا القبض على الملكة شاهي، المتهمة بإدارة 80 موقعا للجنس السادي، وكذلك في منتصف يناير الماضي، ألقت شرطة الآداب في القاهرة القبض على شبكة روسية لتجارة الجنس، بحوزتها كرابيج وأدوات تستخدم في ممارسة الجنس السادي.

السادية المقبولة تبقى في الفكر ولا تتعداه بل ترتبط بالخيالات وأحلام اليقظة، وتوجد في المجتمع بنسبة 55 بالمئة

وأوضح هنا أبوبكر عيد المحامي بالنقض، أن أي فعل من شأنه أن يؤدي إلى إيذاء الآخرين يعاقب عليه قانونا بحسب درجة الاعتداء أو الإيذاء، إلا أن الجنس السادي يعامل معاملة مختلفة، فالقانون يعتبر الأدوات التي تستخدم في ممارسة الجنس السادي مجرد إحراز، ولا توجد تهمة أو عقوبة قائمة بذاتها على الفعل السادي أثناء العلاقة الجنسية، مؤكدا أنه إذا توفي شخص جراء الجنس السادي فذلك يعتبر قتلا على وجه خطأ لموافقة الطرفين على تلك العلاقة، أما إذا كان القتل خارج إطار هذه العلاقة فهو من باب القتل العمد الذي يستوجب الإعدام.

ومن جانبه، يرجع استشاري الطب النفسي، جمال فرويز، إصابة الشخص بالسادية إلى عدة عوامل، منها الفردية التي تتعلق بالتخيلات الجنسية المنحرفة وحب السلطة والرجولة، والكبت الجنسي، وأيضا العنف الأسري، والتعرض لاعتداء جنسي، وهناك أيضا عوامل اجتماعية، تعود إلى الفقر والبطالة وعدم وجود عقوبات لمرتكبي العنف الجنسي.

وأوضح أن السادية تنقسم إلى نوعين، الأول؛ السادية الإيجابية، والتي تتمثل في الضرب خلال الجنس، وتكون بموافقة الطرفين أو تعامل المدير مع موظفيه بالعنف، أما النوع الثاني، فهو السادية السلبية بمعناها البسيط، أي الإهانة والألم النفسي للآخرين، وفرض السيطرة المعنوية عليهم، لافتا إلى أن الشخصية السادية تتصف بعدة صفات من أبرزها، استخدام الوحشية أو العنف مع الآخرين بهدف السيطرة، وتقييد حرية الأشخاص الذين لهم علاقة به، بالإضافة إلى احتقار الأشخاص في حضور الآخرين، والاستمتاع بمعاناة الآخرين النفسية والجسدية بما في ذلك معاناة الحيوانات، فضلا عن إجبار الآخرين على القيام بما يريد الشخص المصاب عن طريق تخويفهم.

وحول كيفية معالجة تلك الحالة، يشير فرويز إلى أن العلاج يبدأ أولا برغبة المريض بالسادية في العلاج، ثم تكون الخطوة الثانية بشيء يطلق عليه الأطباء النفسيون “مثلث الشخصية”، بمعنى تحليل شخصية السادي والوصول إلى معرفة الأسباب التي أدّت إلى ذلك، وغالبا ما تكون نقطة ضعف لديه، وبعد اكتشافها يقوم الطبيب بالتركيز عليها وتوعيته بها والتعامل معها، هذا إلى جانب التأهيل الديني والمجتمعي للشخصية السادية.

21