أصدقاء الزوج أعداء الزوجة

أصدقاء الزوج هم أعداء الزوجة، يجذبونه إلى السهر، ويطالبونه بالشدة والقسوة في التعامل مع الزوجة، فيستسلم وينقاد إليهم، ويتحول منزل الزوجية إلى ساحة للصراع والخلافات، وقد تستسلم الزوجة أيضا للصديقات، وتعيش في وهم وقلق من غدر الزوج، فترهقه بالمطالب المادية، وتظل تراقبه وتتصيد الأخطاء، فيكون الطلاق في النهاية على يد الخبثاء من الأصدقاء.
وأكدت دراسة أجراها باحثون من أميركا، أن الأصدقاء من الأسباب الرئيسية للطلاق، بنسبة تصل إلى 65 بالمئة، حيث ازدادت معدلات الطلاق بين الأزواج الذين لهم صداقات سيئة إلى أكثر من 40 بالمئة، في حين تتراجع تلك النسبة بين الأزواج الذين لهم صداقات طيبة، ما جعل خبراء الطب النفسي وعلماء الاجتماع يطالبون بالحذر من الأصدقاء، وعدم الاستسلام لنصائحهم التي تدمر البيوت وتشرد الأسر، وأن يحاول الزوج دائما قضاء وقت الفراغ مع الأسرة، وأن يكون هناك حوار بين الزوجين، وألا تسمح الزوجة لأي صديقة بأن تتدخّل في حياتها بما يؤثر سلبا عليها.
وقالت سامية الساعاتي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس في مصر: إن لأصدقاء الزوج والزوجة تأثيرا مباشرا على العلاقة الزوجية، خاصة في حال غياب الثقة بين الزوجين، والتي يعدّ من أكثر العوامل الهدامة داخل الأسرة، حيث يجعل الزوجة تعتقد دائما، بأن تصرفات الزوج مرهونة برأي الأصدقاء، وأنها قد ترفض الكثير من الأمور، أو تتصرف بطريقة عكس رغبات الزوج، لأنها في داخلها ترى أنها بذلك تخالف رأي أصدقائه، وذلك لأنها تشعر دائما أن زوجها ضعيف الشخصية مع أصدقائه، وغير قادر على اتخاذ أي قرار لصالح الأسرة، وقد تلجأ هي الأخرى إلى صديقة لها، وهو ما يؤدي إلى تغير حال الأسرة بالكامل. وأشارت إلى أن الحل الأمثل لهذه المشكلة، وحتى يكون هناك استقرار في الحياة الزوجية، لابد أن تكون هناك ثقة متبادلة بين الزوجين، وأن يدرك كل منهما أن رباط الزوجية أقوى من أي علاقة أخرى، فالصداقة لها حدود تقف عند الحياة الزوجية، حيث لابد من أن يكون الزوج متحفظا في الحديث عن الأمور الشخصية، وكذلك الزوجة لابد أن تحافظ على أسرار الأسرة، ولا تتحدث مع أحد عن مشاكلها مع زوجها.
رغبة الزوجة في أن يقطع الزوج علاقته بالأصدقاء تؤدي إلى حالة من التوتر والقلق والانفعال المستمر داخل الأسرة
بينما ترى الدكتورة مها معروف، خبير العلاقات الزوجية، أنه من الصعب أن يعيش الإنسان من دون علاقات في محيط العمل والأقارب، فالحياة الخاصة التي يعتبر الأصدقاء جزءا منها مهمة لعدم تسرب الملل والروتينية إلى العلاقة الزوجية، إلا أن الخطر يكمن في أن يمتد تأثير الأصدقاء إلى الحياة الزوجية، فهذه هي المشكلة التي يقع فيها الكثير من الأزواج، وقد يحدث هذا من الزوج من دون قصد، فيكون الأمر في البداية مجرد حديث مع الأصدقاء عن الخلافات مع الزوجة، ثم يتطور تدريجيا إلى تدخّل الأصدقاء وكأنهم ينصحون الزوج بالتعامل الأمثل مع هذه المشكلات، ومع استمرار هذا الأمر يعتاد الزوج على أخذ رأي الأصدقاء في كل الأمور، ما يحدث المشكلات وتنقلب الحياة في الأسرة، مؤكدة على ضرورة أن تكون هناك خطوط حمراء لا يمكن الاقتراب منها عند الحديث عن أمور الزوجة والأسرة، وعندما يتعرض الإنسان لمشكلات في محيط الأسرة، عليه أن يسعى إلى حلها ، وإذا استمرت هذه المشكلات، يكون تدخل أسرتي الزوجين للإصلاح، لافتة إلى أن لجوء الزوج للأصدقاء مخاطرة كبيرة، وبعد أن تنتهي هذه الخلافات سوف يندم الزوج كثيرا، على عدم بقاء المشكلات في محيط الأسرة.
ومن جهته، أوضح الدكتور هاشم بحري، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، أن الغيرة على الزوج السبب الرئيسي في رفض الزوجة لأصدقائه، لأنها تشعر أنه أصبحت لهم مكانة كبيرة في حياته، وأن هناك أوقاتا كثيرة يقضيها معهم على حساب الأسرة، فالكثير من الزوجات ينظرن إلى أصدقاء الزوج على أنهم “ضرة”، وهذا الشعور يتسبب في الكثير من الأزمات، فتعيش الزوجة في أجواء من التوتر والقلق المستمر، كما يمكن أن تشعر بوجود تصرفات تصدر من الزوج على غير المعتاد، وهي نتيجة التواجد الكثير مع أصدقاء لديهم عادات وتقاليد مختلفة.
وينصح بحري الزوجة بأن تتعامل مع هذا الأمر بهدوء وذكاء، في إطار كيفية استيعاب زوجها، بأن تأخذ علاقته مع أصدقائه كأمر عادي، مع وضع ضوابط وحدود لها مع الزوج، ذلك لأن كثرة الحديث في أمور الأصدقاء، أو رغبة الزوجة في أن يقطع الزوج علاقته بالأصدقاء، تؤدي إلى حالة من التوتر والقلق والانفعال المستمر داخل الأسرة، فالمطلوب أن يكون هناك توازن في العلاقة مع الأصدقاء، وتكون هذه العلاقة محدودة في الأمور العامة والعلاقات في العمل، وأن تكون مشكلات وقضايا الأسرة والزوجة بعيدا عن مجالس الأصدقاء.
على الزوجة أن تتعامل بهدوء وذكاء في إطار كيفية استيعاب زوجها بأن تأخذ علاقته مع أصدقائه كأمر عادي مع وضع ضوابط وحدود لها مع الزوج
ومن أهم التأثيرات السلبية التي تحدث للعلاقة الزوجية بسبب الأصدقاء، كما ترى الدكتورة حنان زين، مدير مركز السعادة للاستشارات الأسرية، أن بعض الأصدقاء قد يجذبون الزوج للسهر خارج المنزل، وقد يطبق بعض النصائح التي تعجل بنهاية الحياة الزوجية، ومنها على سبيل المثال، ضرورة القسوة على الزوجة، ومنعها من التواصل مع أهلها، ومنع أهلها من التردد عليها، وغيرها من الأمور التي تؤثّر سلبا على الأسرة، وعلى الجانب الآخر قد تتسبب صديقات الزوجة في انهيار العلاقة الزوجية، كأن يحثثنها على مطالبة الزوج بمطالب كثيرة، ويوهمنها بأن تفعل ذلك حتى لا يتزوج عليها، وهنا يدخل الشك والقلق منزل الزوجية، والكثير من حالات فشل الزواج كانت بسبب الأصدقاء، ولذلك ننصح دائما الزوجات بضرورة الحفاظ على أسرار الأسرة، وعدم الحديث مع أي صديقة عن الزوج، سواء كان ذلك سلبيا أو إيجابيا.
وفي سياق متصل أشار الدكتور أيمن الملط، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، إلى أن العلاقة بين الزوجين لابد أن تقوم على المودة والرحمة، فلا يجوز بأي حال من الأحوال أن يتحدث الزوج عن أخطاء الزوجة أو المشكلات الزوجية أمام الأصدقاء، وكذلك الزوجة عليها ألا تتحدث مع صديقاتها عن أي خلاف مع الزوج، بل ليس مطلوبا أيضا أن يتحدث الزوج مع الأصدقاء عن مميزات الزوجة، فهناك ضوابط شرعية وضعتها الشريعة الإسلامية للحفاظ على الأسرة.
وأكد أن الشريعة تأمر المسلم بالمحافظة على الحياة الزوجية، وأن تبدأ هذه الحياة بالصدق والمصارحة والثقة المتبادلة، ويكون ذلك من خلال الأفعال وليس الأقوال، فالمودة والصدق والتفاهم أهم الأركان التي تقوم عليها العلاقة بين الزوجين، ولابد من الالتزام بتعاليم الشريعة للحفاظ على الأسرة التي هي نواة المجتمع.