سكان مواقع التواصل الاجتماعي يشعرون بالوحدة

يمكن أن يكون الشعور بالوحدة هو النتيجة المتوقعة، لتعريف علاقة الأفراد من سكان المواقع الاجتماعية، مثل فيسبوك وتويتر، مع بعضهم البعض أو مع أقاربهم وأصدقائهم ومعارفهم في العالم الواقعي أيضاً، حيث تداولت هذه المواقع ذاتها بمناسبة عيد الفطر المبارك الماضي، صورة مضحكة لأفراد أسرة متكونة من الأب والأم والأبناء الثلاثة وهم يقومون بزيارة تفقدية لمنزل الجدة، لكن الصورة التي عكست تفاصيل الجلسة أظهرت أفراد الأسرة جميعاً وهم يشاركون الجدة في غرفة الجلوس بمظهرهم وأجسادهم فقط، بينما عقولهم وأعينهم كانت زائغة وهي تتابع بشغف ما يجري في أجهزتهم الذكية (موبايل، لاب توب، آي باد، لي باد) من أحداث وصور وفيديوهات وألعاب أكثر تشويقاً ما أدى إلى تجاهل حكايات مملة لا تنتمي إلى عالمهم الجديد، وكانت الجدة المسكينة تحاول مغالبة وحدتها وصمتهم ولسان حالها يقول “لعلكم تركتوني أتابع قيلولتي بسلام”.
وفي تعريفه للشعور بالوحدة، يرى الدكتور غاي وينج، أستاذ علم النفس الأميركي في كتابه “الإسعافات الأولية العاطفية: كيفية الشفاء من رفض الآخرين والشعور بالذنب”، بأن الشعور بالوحدة هو الجرح النفسي الذي يمكن أن يقودنا بسرعة إلى اليأس، لذلك فإن الناس الذين يشعرون بالوحدة هم الأكثر حساسية من ردود أفعال الآخرين بسبب رغبتهم في تجنب المزيد من الرفض، وهم بذلك يحاولون الابتعاد عن الجميع بما فيهم الأشخاص الذين كان بإمكانهم تخفيف وطأة هذه الوحدة عليهم.
الناس الذين يشعرون بالوحدة هم الأكثر حساسية من ردود أفعال الآخرين بسبب رغبتهم في تجنب المزيد من الرفض
وتماشياً مع التطوّر الذي شاب العلاقات الاجتماعية التقليدية، أصبح البعض مرغماً على اللجوء للخيار الذي يفرضه هذا التقليد التقني، للبحث عن علاقات اجتماعية افتراضية أو حتى للتواصل -من بعد- مع أفراد يرتبط معهم بعلاقات اجتماعية في الواقع ويحاول تجنب التواصل معهم واقعياً.
وفي العلاقات الاجتماعية الافتراضية، يمكن لهذه الطريقة في التعامل مع الآخرين أن تحقق الهدف المرجو في الحصول على أصدقاء وتمضية أوقات الفراغ في تبادل الآراء والمعلومات، دون المساس بخصوصيتنا، إلا أن هذا السلاح يمكن أن يكون ذا حدين.
الخروج من الدائرة الضيقة من التمحور حول الذات، يتطلب البدء باتصالات اجتماعية جديدة أو استئناف علاقات لم تكتمل
وعلى سبيل المثال، يذكر الدكتور مولر، إننا لا نستطيع أن نقيس ردود فعل الآخرين على ما ندونه من مشاهداتنا أو آرائنا في أي شيء حتى من خلال ردودهم، فلا يمكن لجميع الناس أن يتقنوا فن الكلام وانتقاء المفردات المناسبة لإيصال رسائلهم إلى الآخرين، كما أن المستقبلين لهذه الرسائل قد لا يجيدون الرد بأسلوب مناسب يعكس وجهات نظرهم ولا يجرح مشاعر الآخرين، في حال خالفوهم الرأي.
من ناحية أخرى، يلقي التواصل الاجتماعي الافتراضي بظلاله المعتمة على علاقات الفرد بمحيطه الاجتماعي الحقيقي، حيث يقضي بعض الناس معظم أوقات فراغهم في المنزل بعيداً عن الآخرين في عزلة اختيارية للتواصل مع أشخاص غير حقيقيين يضمهم العالم الافتراضي، الأمر الذي يؤثر سلباً على علاقتهم بأفراد أسرهم والتي يفترض أن تكون في قمة الأولويات.