أسامة المسلم في معرض أبوظبي للكتاب: لا خوف من الذكاء الاصطناعي

أبوظبي - استضاف معرض أبوظبي للكتاب، الذي ينظمه مركز أبوظبي للغة العربية، الكاتب السعودي أسامة المسلم في ندوة بعنوان “من صفحات الرواية إلى الواقع: كيف تلهمنا القصص وتشكل مسارات حياتنا؟” قدّمها صانع المحتوى عبدالله الرئيسي وسط حضور كبير من عشاق الأدب والفانتازيا.
بدأت الندوة المقامة ضمن البرنامج الثقافي للمعرض في دورته الـ34، بسؤال جوهري حول أهمية الراوي، ليجيب المسلم بتساؤل لافت “هل المتعة مهمة؟” مؤكدا أن الأدب يمنح القارئ فسحة للتنفس اليومي، بالإضافة إلى إثرائه بالمعرفة وتوسيع آفاق التجربة الإنسانية.
وعن تجربته في بناء الشخصيات، قال المسلم “ليس هناك مصدر واحد؛ أحيانا تكون معالجة لواقع آخر، وأحيانا تكون خيالا صرفا”، موضحا أن تنوع مصادر الإلهام كان وراء إبداعه لأكثر من 32 إصدارا أدبيا.
وحول طقوسه الخاصة في الكتابة، كشف عن التزامه بالهدوء والعزلة، وحرصه على الكتابة في غرفة ذات إضاءة خافتة وعلى معدة خالية من الطعام، ما يخلق له بيئة مثالية للتركيز والابتكار.
وعن روايته الأشهر “خوف”، قال المسلم إن الخوف غريزة إنسانية يجب توظيفها قوة دافعة لا اعتبارها مصدر شلل، مؤكدا أن الرواية تتيح للقراء معايشة مصائر وتجارب متعددة في حياة واحدة.
وفي سياق الحديث عن الأدب والذكاء الاصطناعي، أبدى أسامة المسلم رؤيته المنفتحة تجاه هذه التقنية، وقال “لا أرفض أي شيء جديد. الذكاء الاصطناعي اختراع بشري، لكنه يفتقر إلى اللمسة الإنسانية.” وأكد أن “نكهة الكاتب” تظل ميزة الأدب الحقيقي، مشيرا إلى أن النقص الإنساني أحيانا ما يكون سر الجمال في الإبداع.
وفي فقرة خصصها لاستعراض مشاريعه المستقبلية، فاجأ المسلم الحضور بإعلانه عن قرب إطلاق مسلسل مقتبس عن روايته الشهيرة “بساتين عربستان”، مشيرا إلى أنه تم بالفعل تصوير عشر حلقات منه قبل اتخاذ قرار بتحويله إلى فيلم فانتازي متوقع صدوره أواخر هذا العام. كما كشف عن عمله على مسلسل آخر مستوحى من رواية “خوف”، إضافة إلى بدء تصوير فيلم رعب جديد بعنوان “جحيم العابرين” في الشهر السادس من هذا العام.
وأكد أنه يعمل كذلك على مشروعين سينمائيين آخرين بالتعاون مع مجموعة “أم.بي.سي”، مشددا على أن “التحضير للكتابة وصناعة النص أصعب بكثير من عملية التنفيذ”، لما يتطلبه من عمق وبناء محكم للشخصيات والعوالم السردية.
واختتم المسلم حديثه بالحديث عن علاقته الخاصة بأبوظبي، معتبرا أنها تمثل له محطة مميزة في مسيرته الأدبية، إذ وقع كتبه للمرة الأولى خارج الرياض ضمن معارضها الثقافية، وتلقى منها أولى الدعوات الرسمية للمشاركة.
بكلماته الواثقة، وتجربته الغنية، أكد المسلم أن الأدب سيظل نافذتنا الأولى لفهم العالم، وأن الخيال، مهما تطورت التكنولوجيا، سيبقى فعلا إنسانيا خالصا لا غنى عنه.
المسلم يفاجأ الحضور بإعلانه عن قرب إطلاق مسلسل مقتبس عن روايته الشهيرة "بساتين عربستان" ضمن مشاريعه المستقبلية
وأسامة المسلم (مواليد 5 مارس 1977) برز في كتابة الروايات من نوع الفانتازيا والفانتازيا التاريخية، حيث يكتب قصصا وأحداثا ذات طابع تشويقي ويسرد الأحداث على الطريقة السينمائية ذات الحوارات المتينة، ويسرد من خلالها الأحداث بشكل متقطع مع وضع أسماء فريدة وغريبة، وتتسم معظم رواياته بالنهايات غير المتوقعة. وقد تُرجمت البعض من رواياته إلى الإنجليزية كرواية “خوف” و”بساتين عربستان” والجزء الأول من “لج ملحمة البحور السبعة”، كما أن له رواية واحدة مشتركة مع الكاتب الكويتي عبدالوهاب الرفاعي بعنوان “مخطوطات مدفونة”، وفاز بجائزة “الأدب” من مبادرة الجوائز الثقافية الوطنية في دورتها الرابعة 2024.
بدأ مجاله الروائي قارئا، واطلع على الكثير من الروايات، وأمضى الكثير من عمره في القراءة والاستطلاع، وفي البدايات قبيل إصدار أول رواياته واجه صعوبات منها إيجاد دار نشر تحتويه وهذا الذي لم يتوفر له، وفي وقت لاحق أصدر أول رواياته بعنوان “خوف” سنة 2015، ثم أصدر ما يقارب عشر روايات في ثلاثة أعوام. وقد ذكر عن رواية خوف “أنها لم تكن معدة للنشر وإنما كانت عبارة عن مذكرات للكاتب أو سيرة شبه ذاتية له شخصيا وأن بعض أجزائها كانت جزءا لما مر به” وأعقب ذلك “أنت لا تستطيع نشر مذكراتك وإنما تستطيع نشر رواية مبنية على مذكراتك”، وقد نشر روايته الأولى “خوف” على نفقته الخاصة، وأصدر ما يقارب الألف نسخة فقط، لتصنع اسمه روائيا، وصدر من الرواية 150 ألف نسخة تقريبا.
وتتميز كتاباته بالقوة البلاغية وبأسلوبه السهل الممتنع في طريقة سرد الأحداث على الطريقة السينمائية حيث أن كل مشاعر الشخصية يكون قد وصفها بشكل دقيق، الشيء الذي يجعل القارئ يتخيل ويُجَسد الشخصية في ذهنه، إذ يعطي كل شخصية طابعا خاصا من خُلّقهم وخلقتهم وملبسهم. وقد اتبع تقريبا في جميع رواياته سرد الأحداث المتقطع أي أنه يتنقل من قصة إلى قصة ومن شخصية إلى أخرى بترتيبات مختلفة على سياق الأحداث مما يحتم على القارئ أن يصب تركيزه وفهمه على الأحداث وأسماء الشخصيات بالتحديد لأن أسماء الشخصيات تميزت بالغرابة فيصعب على القارئ تذكرها.