معرض الرباط للكتاب يشهد تكريم الفائزين بجائزة ابن بطوطة لآداب الرحلة

43 عدد المخطوطات المشاركة بالجائزة في دورتها الــ23 لعام 2025.
الاثنين 2025/04/28
تتويج مستحق

شهد معرض الرباط الدولي للكتاب، تكريم الفائزين بجائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة في دورتها الــ23 لعام 2025، وذلك في حفل رعاه وزير الشباب والثقافة والتواصل المغربي، محمد المهدي بنسعيد.

وجرى خلال الحفل تكريم الفائزين في فروع الجائزة المختلفة وهي: تحقيق المخطوطات، والدراسات، واليوميات، والرحلة المعاصرة، والرحلة المترجمة.

وكان عدد المخطوطات المشاركة بالجائزة هذا العام قد بلغ 43 مخطوطة، توزعت على فروع الجائزة، وجاءت من 9 دول عربية هي المغرب، ومصر، والسعودية، ولبنان، وسوريا.

وقد فاز بالجائزة في دورتها الــ23 كل من: د.عبد الهادي الكديو (المغرب)، د. محمد سالم عبادة (مصر). محمد النظام (المغرب). د. محمد الأندلسي (المغرب). عبدالرحمن التمارة (المغرب)، د. حرية الريفي (المغرب)، طه الشاذلي علي (مصر). عيسى مخلوف (لبنان)، عبدالعزيز جدير (المغرب)، عصام محمد الشحاحات (سوريا). د. محمد خطابي (المغرب). مشعان المشعان (السعودية).

وقدّم مؤسس الجائزة وراعيها الشاعر الإماراتي محمد أحمد السويدي، التهنئة للفائزين هذا العام، مشيدا بأعمالهم جميعا، وخاصّة الدارسين والمحققين المغاربة، الذين برهنوا – بحسب قوله – على شغف لا ينقطع بالبحث والتحقيق حتى بات لهم قصب السبق في حقل أدب الرحلة، وكانت لهم هذا العام الحصة الأكبر في الإنجاز والفوز.

محمد المهدي بنسعيد: استحضار ابن بطوطة هو تذكر لقيم التواصل والحوار الحضاري
محمد المهدي بنسعيد: استحضار ابن بطوطة هو تذكر لقيم التواصل والحوار الحضاري

وقال السويدي في كلمة له بهذه المناسبة: “يُمكننا القول بثقة، إن حصاد ربع قرن من نشاط المركز العربي للأدب الجغرافي/ ارتياد الآفاق، وجائزته المكرسة لأدب الرحلة، يبرهن على صوابية الخيار في إنشاء هذا المشروع الثقافي الإستراتيجي انطلاقا من عاصمتين هما: أبوظبي ولندن، حيث لكل منهما مكانتها في صناعة الثقافة، وبالتفاعل الخلاق للمؤسسات الثقافية في المغرب مع الجائزة، فقد تحوّل أدب الرحلة بفضل كوكبة متعاظمة من الدارسين والمحققين والكتاب المتحلقين حول مشروع “ارتياد الآفاق” وجائزته مغربا ومشرقا، إلى خزانة عامرة بالنصوص الكلاسيكية والوسيطة في هذا الجنس الأدبي العريق، والدراسات التي تتناولها بالبحث، إلى جانب الاحتفاء بالكتابات المعاصرة للرحالين، وهو ما يبرهن على أن ميل العربي نحو السفر وتدوين الرحلة، إنما يبرهن على أصالة الثقافة العربية للتواصل والتعرف والحوار مع الآخر بوصفه شريكاً حضاريا.”

وأضاف أن “هذا المنجز الرائع الذي تحقق في ربع قرن وأثرى خزانة الرحلة العربية بالنصوص التي تُحقق للمرة الأولى وتتحول إلى إرث في ذاكرة الثقافة العربية الحديثة، ينفي عن العربي تلك الصورة النمطية الظالمة التي رمته بالانغلاق. ويؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أصالة نزوعه إلى التعارف واللقاء مع الآخر. ودوره البارز في تأسيس الحوار بين الثقافات والحضارات.”

وتابع مؤسس وراعي الجائزة كلمته بالإشارة إلى أن خزانة الرحلة العربية التي تحققت من خلال مشروع ارتياد الآفاق، يُنظر إليها اليوم بوصفها إنجازا فريدا من نوعه لثقافتنا العربية، وأن الفضل في تحققه يعود إلى الهمة العالية لتلك النخبة الأدبية والأكاديمية العربية الرائعة التي تشاركت وأشركت المغرب والمشرق في تحقيقها.

ومن جانبه، قال محمد المهدي بنسعيد إن “ابن بطوطة ليس مجرد رحالة قضى عمره في الترحال بين أقطار العالم، بل هو أكثر من ذلك، إنه مثال خالد يؤكد أن الإنسان بما هو حالة ثقافية وحضارية، يمكنه أن يلتقي ويتخاطب مع ثقافات بعيدة ومختلفة دون أن يتلعثم في لغة التفاعل والتلاقح التي تنتقل من خلالها المعرفة، وهذا ما يجعل من الرجل أيقونة تتجدد الحاجة إلى دلالاتها في كل وقت.”

واعتبر الوزير المغربي استحضار شخصية ابن بطوطة ضمن فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، هو استحضار لقيم التواصل المعرفي والتفاعل والحوار الحضاري. من خلال تنظيم فعاليات الجائزة التي تخلد اسم الرجل، وتعترف بالباحثين والمحققين والمبدعين وتساهم في مجال الرحلة الأدبية وما يتصل بها، وتشهد على تناغم التعاون الثقافي بين وزارة الشباب والثقافة والتواصل في المملكة المغربية والمركز العربي للأدب الجغرافي (ارتياد الآفاق).

وحول المخطوطات الفائزة بالجائزة هذا العام، قال الشاعر نوري الجراح، مدير عام المركز العربي للأدب الجغرافي، إنه كما هو الحال في الدورات السابقة، تميزت الأعمال المتسابقة في دورة هذا العام بوفرة المخطوطات التي تنتمي لفرع تحقيق المخطوطات، ودراسات الرحلة، وبشكل أقل الرحلة المعاصرة واليوميات والرحلة المترجمة.

مشاركة بارزة
مشاركة بارزة

وأضاف بأن في الرحلات المحققة، هناك مخطوطان من ثلاثة ينتميان إلى رحلات الحج، ويعودان إلى القرن الثامن عشر، وأنه في هذا الفرع، مخطوطات تحقق لأول مرة وتثري بظهورها إلى النور خزانة أدب الرحلة.

 وفي فرعي اليوميات والرحلة المعاصرة، أشار الجراح إلى أن الأعمال تبتعد أكثر فأكثر عن الوصفي والسياحي نحو التعبير عن ذات الرحالة في علاقتها بذاته وبالعالم.

وفي فرع الدراسات، أوضح أن الاهتمام يتجلى أكثر فأكثر بأدب الرحلة تحقيقًا ودرسًا، وفق وعي متنام بأهمية هذا الأدب، ودوره في استكشاف نظرة العربي إلى ذاته في علاقته بثقافته، وإلى الآخر في اختلافه الثقافي، وبذلك تظهر تطور الوعي بالاختلاف من خلال دراسة الظواهر الناجمة عن السفر والتواصل مع الآخر.

وأعلن مدير عام المركز العربي للأدب الجغرافي عن سعي المركز لإقامة ندوتين كبريين بالتعاون مع مؤسسات ثقافية عربية، واحدة حول رحلات الحج، وطرقه، وأدبياته، والثانية حول حاضرة دمشق بوصفها ممرا للرحالة، ومنطلقا للرحلة ومقصدا للرحالة العرب والمسلمين والأوروبيين.

ونجول هنا بين صفحات المخطوطات الفائزة بجائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة بفروعها المختلفة والتي تنوّعت موضوعاتها وجاءت لتثري المكتبة العربية والإنسانية في ذلك الحقل الأدبي المهم وهو حقل أدب الرحلة.

ومن بين المخطوطات الفائزة، نُطالع “رحلة الهشتوكي: هداية الملك العلام، إلى بيت الله الحرام لأبي 1127 هـ 1715 م” العباس الجزولي التملي أحزي، والتي قام بتحقيقها ودراستها الدكتور عبدالهادي الكديوي. وتُعتبر تلك الرحلة التي تحقق للمرة الأولى واحدة من الرحلات الحجازية المغربية الكبرى، كالرحلة العياشية والرحلة الناصرية ورحلة العبدري ورحلات أخرى معدودة. وتعتبر مصدرا لا غنى عنه في التأريخ للأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والطبيعية في أواخر القرن 11هـ/17م.

وأما المخطوط الثاني الفائز في فرع تحقيق المخطوطات، فهو “سياحة البُلْدان: مصطفى بن حسين الحموي الدمشقي الشافعي المعروف باللطيفي 1124هـ – 1711م”، من تحقيق ودراسة الدكتور طه الشاذلي علي.

محمد أحمد السويدي: جائزة تنفي عن العربي الصورة الظالمة التي رمته بالانغلاق
محمد أحمد السويدي: جائزة تنفي عن العربي الصورة الظالمة التي رمته بالانغلاق

ويدلنا على أن سياحة اللطيفي تتسم بكثرة التنقل والترحال، فصاحبها يغرب ويشرق ويسوق وقائع تنتمي غالباً إلى دنيا العجائب. والمميز في هذه الرحلة عن غيرها، أن الرحالة يقفز في تدوين نصه من وصف إلى آخر ومن أرض إلى أخرى في جغرافية ديار الإسلام. فنراه يزور مدن بلاد الشام، فمكة والمدينة، والعراق واليمن، وبلاد الحبشة والسودان ومصر، وبلاد المغرب العربي وبلاد الترك وغيرها، وهو يسافر بشغف من كان في سباق مع الزمن، فيمكث في المدينة أو القرية التي يزورها أيامًا معدودة، ثم ما يلبث أن يشد الرحال ليحل في غيرها.

وفي فرع تحقيق المخطوطات نكون على موعد لمطالعة مخطوط “شفاء الغرام في حج بيت الله الحرام وزيارة قبر المصطفى عليه الصلاة والسلام 1329هـ/1911م”، لمحمد بن محمد بن الحسن الحجوجي الدمناتي، تحقيق ودراسة الدكتورة حرية الريفي.

ويُعد المخطوط نصا تاريخيا وأدبيا مهما ينتمي لفترة زمنية حرجة من تاريخ المغرب، خصوصا زمن الحماية الفرنسية. وينقل نص الرحلة ملامح عامة من التطلع النهضوي للنخب المفكرة المغربية، وللنهضة الفكرية التي كان يعرفها المشرق العربي والتي سرعان ما امتد تأثيرها إلى المغرب.

ونبقى في فرع الرحلة المحققة، حيث نُطالع مخطوط “الرحلة المكية: فرنسا – الحجاز – الجزائر 1334-1335هـ / 1916-1917م”، لأحمد بن العياشي سكيرج، تحقيق ودراسة الدكتور محمد الأندلسي. ونعرف من خلاله أن الرحلة المكية اكتسبت قيمة أدبية رفيعة باعتبارها قبل كل شيء نصا أدبيا بامتياز ينتمي إلى جنس الرحلة.

وقد عبر صاحب الرحلة أحمد بن العياشي سكيرج، عما اختلج في صدره من مشاعر وما أدهشه وأعجبه واستحسنه لدى مثوله أمام معالم ومشاهد لم ير مثلها من قبل، كما استثمر موهبته الشعرية ليرصع رحلته تلك بمجموعة من القصائد والأبيات الشعرية التي كان معظمها من إنتاجه الشعري، ومن ضمنها كذلك فنون أدبية أخرى مثل المقام والمقالة الأدبية والمسامرة.

ومن المخطوطات الفائزة أيضا، نذكر من فرع الرحلة المعاصرة “باريس التي عشت: دفتر يوميات”، لعيسى مخلوف، و”الفتوحات البوهيمية: رحلات في بلاد التشيك والمجر وإيطاليا”، محمد سالم عبادة، وفي فرع اليوميات نطالع: “على خطى كريستوفر كولومبوس: رحلة في نيويورك الجنوبية”، للدكتور محمد محمد خطابي، و”ما أحمله معي: حياة وأسفار وتصورات أخرى”، لمشعان المشعان، وفي فرع الرحلة المترجمة نطالع “رحلة فولني إلى مصر وسوريا” لقسطنطين فرانسوا فولني، ترجمة وتقديم: عصام محمد الشحادات، وفي فرع الدراسات: الدراسات هناك: “الرحلة الأمريكية الي الديار الطنجية.. دراسة ونصوص”، لعبدالعزيز جدير، وفي فرع الدراسات أيضاً نقرأ: “الرحالون المغاربة وفرنسا في عصر الحماية: مستويات التقاطع والاختلاف”، للدكتور محمد النظام. ونبقي في فرع الدراسات حيث نطالع: “صدى المشاهد: تشكل المشاعر في الرحلة المعاصرة”، لعبدالرحمن التمارة.

13