معرض أبوظبي الدولي للكتاب: دورة تحتفي بابن سينا وأدب الكاريبي

"بودكاست من أبوظبي" يرافق المعرض ناقلا فعالياته وأهم ندوات عالم الكتابة.
السبت 2025/04/26
حدث سنوي يعزز حركة الكتاب والنشر

فعاليات كثيرة وندوات وشخصيات أدبية وثقافية مهمة تحضر هذا العام معرض أبوظبي الدولي للكتاب، الذي يعد القراء والمتابعين برحلة نحو الأدب الكاريبي بكل مميزاته وإلى عالم ابن سينا وعبقريته وكيف كان جسرا بين الحضارات، لكنه يعدهم أيضا بمواكبة حية لأهم فعالياته وندواته عبر بودكاست خاص بالمعرض سيستضيف أبرز الكتاب والمؤلفين المشاركين في هذه الدورة.

برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، تنطلق السبت فعاليات النسخة الـ34 من معرض أبوظبي الدولي للكتاب، والتي تقام بمشاركة أكثر من 1400 عارض من 96 دولة، حيث يجمع المعرض تحت سقفه أكثر من 60 لغة، فيما تشارك 20 دولة لأول مرة بالمعرض الذي تتواصل فعالياته التي تقدر بـ2000 فعالية وحدث حتى الخامس من شهر مايو المقبل.

المعرض ينظمه مركز أبوظبي للغة العربية، التابع لدائرة الثقافة والسياحة أبوظبي، ويقام هذا العام تحت شعار “مجتمع المعرفة… معرفة المجتمع”. ويشهد مشاركة 87 جهة حكومية، إلى جانب 15 جامعة، و13 مؤلفا ناشرا، في تأكيد لتكامل قطاعات النشر والتعليم والمعرفة.

ويستقبل المعرض 25 وكيلا أدبيا من 13 دولة، فيما تحتضن قاعاته 28 جناحا دوليا مجمّعا وتضم دور نشر متنوعة من مختلف أنحاء العالم.

تكريم للإرث العربي

علي بن تميم: المعرض يرسخ موقع أبوظبي وجهة عالمية قائمة على الإبداع
علي بن تميم: المعرض يرسخ موقع أبوظبي وجهة عالمية قائمة على الإبداع

في لفتة تقديرية لمسيرة النشر العربي، يكرّم المعرض هذا العام 6 دور نشر عريقة، يتجاوز عمر أقدمها 160 عاما، تقديرا لإسهاماتها في ترسيخ حضور الثقافة العربية، وإثراء المحتوى العربي، وتطوير صناعة الكتاب، وتشجيع القراءة والتأليف والترجمة ومعارض الكتب.

وفي تصريحات له بمناسبة انطلاق المعرض، قال الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، إن المعرض “يرسخ الموقع الريادي الذي تحتله إمارة أبوظبي وجهة عالمية قائمة على الابتكار والإبداع.”

ولفت إلى أن دورة هذا العام، تخصص مساحة واسعة للاحتفاء بالإرث العربي، عبر تسليط الضوء على كتاب “القانون في الطب” للعلامة الكبير ابن سينا، الشخصية المحورية للمعرض، إلى جانب تسليط الضوء على كتاب “ألف ليلة وليلة” الذي يعد حلقة وصل حضاري وجمالي بين الشرق والغرب ضمن مبادرة “كتاب العالم”.

وأكد بن تميم أن معرض أبوظبي حريص دوما على خدمة المجتمع من خلال تعزيز علاقة أفراده باللغة العربية، والإسهام في دعم حركة الصناعات الإبداعية العربية عبر استخدام التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي لتطوير صناعة النشر، من خلال برامج وورش متخصصة وندوات تستشرف مستقبل الكتاب، وتستقطب خبراء العالم، وتواكب أحدث التحولات النوعية والعالمية في هذا القطاع الحيوي الذي صار أحد أبرز مكونات الاقتصاد، ومحاور التنمية.

المعرض يكرم 6 دور نشر عريقة، يتجاوز عمرها 160 عاما، تقديرا لإسهاماتها في ترسيخ حضور الثقافة العربية

ويواصل المعرض هذا العام انفتاحه على الثقافات العالمية، مسلّطا الضوء على ثقافة الكاريبي ضمن برنامج “ضيف الشرف” لهذا العام، في مبادرة تحتفي بأحد أكثر المشاهد الأدبية والفكرية والفنية تنوعا وثراءً في العالم، حيث تتقاطع في الأدب الكاريبي اللغات الأوروبية (الإنجليزية، والفرنسية، والإسبانية، والهولندية) مع اللهجات الكريولية، وتتشابك فيه مواضيع الهوية والعبودية والاستعمار والنضال والمنفى والحنين، إنه أدب شعوب دفعت ثمن موقعها الإستراتيجي على خارطة العالم عبر قرون من الاستغلال، لكنه أيضا أدب الحلم والنهضة والحرية والتجذر في الذاكرة الحية.

ويأتي اختيار أدب الكاريبي ليكون ضيف شرف المعرض هذا العام بفضل ما شهدته السنوات الأخيرة من نمو في ترجمة الأدب الكاريبي إلى العربية، لاسيما أعمال نايبول، وغليسان، وكوندي، ووالكوت، وجين ريس، وغيرهم، وقد أسهم هذا الحضور في بلورة وعي عربي جديد تجاه أدب “الهامش”، الذي يعيد مساءلة المركز ويكشف عمق الهويات المتعددة في زمن العولمة.

وكما أعلن الدكتور علي بن تميم، فإن معرض أبوظبي للكتاب، يسلط الضوء في دورته الـ34 على ابن سينا باعتباره عبقريّة موسوعيّة صنعت جسرا بين الحضارات، و”الشيخ الرئيس” كما لقّب في عصره، والذي أثر في الفكر العلمي والفلسفي لعصور متلاحقة، سواء في الشرق الإسلامي أو في أوروبا اللاتينية.

ويكشف المعرض عبر عدد من الفعاليات التي تقام ضمن برنامج “الشخصية المحورية” عن جوانب أخرى ربما لا يعرفها الكثيرون عن ابن سينا، حيث كان أديبا وشاعرا ورساما ومهتما بالموسيقى، إذ كتب في تأثير النغمات على النفس، وأكّد على العلاقة بين الروح والموسيقى في عملية الشفاء، كما ألّف رواية رمزية تحمل طابعا فلسفيا، وأنتج معظم أعماله الكبرى قبل أن يبلغ الثلاثين.

الرواية الخليجية

اهتمام بارز
اهتمام بارز

وفي إطار المشاركات المحلية بالمعرض، أعلن اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات عن مشاركته بالمعرض، بعدد من الأنشطة والفعاليات المتنوعة بين الأمسيات الشعرية والندوات الثقافية والجلسات النقاشية والتي تقام على مدار أيام المعرض في الجناح الخاص بالاتحاد، بمشاركة نخبة من الأدباء والمثقفين.

وقالت العنود علي النعيمي، المنسقة الإعلامية للاتحاد، إن جناح الاتحاد سيشهد في أول أيام المعرض جلسة حوارية حول “آليات التجريب في الرواية الخليجية”، فيما تقام في اليوم الثاني ندوة بعنوان “المجتمع والفلسفة حاجة أم ترف فكري”، إضافة إلى جلسة نقاشية حول “الطعام والكلام حفريات في التراث الأدبي العربي” تقام في ثالث أيام المعرض، ويقيم الاتحاد في اليوم الرابع من أيام المعرض، ندوة بعنوان “المثاقفة في أدب الشيخ الدكتور سلطان القاسمي.. مختارات من جرونامه”، وفي اليوم السابع الموافق للثاني من مايو، ينظم الاتحاد ندوة حول “أدب الطفل والتنشئة الثقافية”، وتتضمن أنشطة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات بمعرض أبوظبي للكتاب، أمسية شعرية وجلسات توقيع لعدد من الكتب.

الفعاليات التي تقام ضمن برنامج "الشخصية المحورية" تكشف عن جوانب أخرى  ربما لا يعرفها الكثيرون  عن ابن سينا
الفعاليات التي تقام ضمن برنامج "الشخصية المحورية" تكشف عن جوانب أخرى  ربما لا يعرفها الكثيرون  عن ابن سينا

كما يشارك الاتحاد في المعرض بأحدث إصداراته الأدبية، وهي 6 كتب تنوعت بين الشعر ومنها كتاب “سكة طويلة” للشاعر حسن عطية جلنبو، وكتاب “فلامنكو الأكوان” للشاعرة غالية خوجة، أما في المسرحية وبالتعاون مع مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون (أدماف)، فصدر كتاب “مسرح للموت” للكاتبة باسمة يونس، وفي الدراسات صدر كتاب “فواصل للشعر تفاصيل للحياة” وهو قراءة في تجربة الشاعر الإماراتي عبدالله السبب للكاتب الدكتور هيثم يحيى الخواجة، وكتاب “شظيّة” للكاتب طالب غلوم طالب ويصنف كتابه بالقصص القصيرة جدا، وكتاب في القراءة الثقافية بعنوان “الباب والإنسان” للكاتب عبدالفتاح صبري.

ويشهد اليوم الأول من المعرض عددا من الفعاليات الفكرية والأدبية والفنية من بينها جلسة حوارية بعنوان “الشريك الأدبي”، يتحدث فيها باسم الخشن، ومانع المعيني، وسارة الحكمي، وتديرها رولا البنا، ويتناول المتحدثون بالجلسة، تطور دور الوكيل الأدبي في ظل التحولات الرقمية، حيث تغيرت طبيعة العلاقة بين المؤلفين والناشرين مع ظهور منصات النشر الذاتي والتسويق الإلكتروني.

وتناقش الجلسة كيف أصبح الوكيل الأدبي لاعبا أساسيا في تقديم الدعم للكتّاب، والتفاوض مع دور النشر، والترويج للأعمال الأدبية في الأسواق العالمية، مع استعراض تجارب ناجحة في هذا المجال.

كما تتضمن أجندة اليوم الأول من المعرض جلسة تحمل عنوان “ألف ليلة وليلة وخيال التلفزيون”، ويتحدث فيها المخرج المصري إسلام خيري، وتأخذ هذه الجلسة الحضور في رحلة سحرية إلى عالم “ألف ليلة وليلة”، حيث نتعمق في واحدة من أكثر الحكايات إثارة وتشويقا: قصة جودر، الشاب المغامر الذي يواجه تحديات مذهلة بين الواقع والخيال، حيث ستناقش الجلسة كيف جسّد المسلسل روح الحكاية الأصلية، وما أضافه من رؤى بصرية وسردية لإحياء هذا العالم الأسطوري. وتستكشف الجلسة الشخصيات الرئيسية، الحبكة، والرسائل العميقة التي يحملها العمل، بالإضافة إلى تأثيره على الجمهور العربي من الناحية الثقافية والفنية.

ونبقى في عوالم ألف ليلية وليلة، حيث يشهد المعرض في يومه الأول أيضا، جلسة بعنوان “الخيال والاستشراق والمغامرة المستوحاة من حكايات ألف ليلة وليلة في السينما العالمية”، وفي هذه الجلسة التي تنعقد بحضور الممثل مينا مسعود، وتديرها علياء القمزي، يذهب الجمهور في رحلة سينمائية عبر العوالم المستوحاة من ألف ليلة وليلة، نبحث في الخيال والاستشراق، من الحكاية إلى المشهد السينمائي، بين السحر والأسطورة، وصورة الشرق في هوليوود.

بداية ثرية

مشاركة فاعلة

ومن بين أنشطة أول أيام المعرض، يكون الجمهور على موعد مع ندوة بعنوان “تحقيق المناط في فكر الشيخ عبدالله بن بيه: الإبداع الفقهي بين التأصيل والتنزيل”، يتحدث في الندوة الدكاترة محمد بشنان ومحجوب بن بنيه ويوسف حيتو، ويديرها الدكتور خليفة الظاهري، مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، حيث يناقش المشاركون في هذه الندوة كيف استطاع الشيخ عبدالله بن بيه المزج بين التأصيل الفقهي والتنزيل الواقعي، مستعرضين أمثلة عملية من اجتهاداته التي تقدم حلولا معاصرة للتحديات الراهنة.

وضمن برنامج “بودكاست من أبوظبي”، تقام ندوة بعنوان “الكتابة العابرة للنوع”، يتحدث فيها الشاعر والروائي الأردني جلال برجس، ويديرها الشاعر والكاتب وليد علاءالدين، رئيس مكتب الاتصال المؤسسي بمركز أبوظبي للغة العربية.

إذ يغوص برجس وعلاءالدين في عالم الكتابة العابرة للنوع، حيث لا تقيّد الفكرة بقالب واحد، ولا تلتزم الكلمات بحدود الصنوف الأدبية الصارمة. ويناقشان كيف كسرت بعض التجارب الأدبية الحدود بين الرواية والشعر، وبين السيرة والخيال، وكيف تتحوّل النصوص إلى مناطق هجينة تعبّر عن الذات والواقع بطريقة أكثر تحررا وصدقا. كما يجري استعراض أمثلة عربية وعالمية لكتّاب خاضوا هذه المغامرة، ونتأمل دوافعهم، والتحديات التي واجهتهم، وكيف استقبل القراء والنقاد هذا النوع من الكتابة.

السبت أيضا، يشهد المعرض جلسة حوارية بعنوان “من صفحات الرواية إلى الواقع: كيف تلهمنا القصص وتشكل مسارات حياتنا”، يتحدث فيها الكاتب والروائي السعودي أسامة المسلم، ويديرها عبدالله الرئيسي.

في هذه الجلسة، يتحدث أسامة المسلم عن رؤيته حول قوة السرد الأدبي في التأثير على الفكر والمشاعر، وكيف يمكن للخيال أن يعيد تشكيل واقعنا بطرق غير متوقعة، وبأسلوبه المشوّق ورؤيته السينمائية الفريدة، يستعرض عوالم الفانتازيا والتاريخ والأساطير، موضحا كيف يدمج بين الخيال والواقع ليخلق قصصا تظل حية في ذاكرة القارئ.

12