منير الفلاّح يؤرخ لنوادي السينما التونسية ودورها في نشر الثقافة السينمائية

75 عاما من النضال رسمت أبرز ملامح الفن السابع في تونس.
الاثنين 2025/04/07
أنشطة تدعم الحراك السينمائي (نادي سينما تونس)

أي دور لعبته نوادي السينما في تونس؟ وكيف أسهمت في بلورة الفن السابع في تونس وخارجها أيضا؟ ذلك ما يجيب عنه أحدث إصدار للسينمائي التونسي منير الفلّاح الذي يستعرض فيه إلى جانب تاريخ نوادي السينما أبرز الأسماء التونسية والعربية والعالمية التي أثرت في النوادي وتأثرت بها وكانت بوابتها نحو شهرة عربية وعالمية.

منير الفلّاح وجه تونسي معروف لدى صنّاع السينما وعشاقها في وطنه تونس وخارجه، عمل كاتبا عاما ومديرا للعديد من المهرجانات، بجانب تحمله مسؤوليات في مجالي السينما والتليفزيون، وفي مجال الإعلام الفني، كما أسس مجلة شاشات سينمائية، وهو عضو بالمكتب الجامعي لحركة نوادي السينما، وتولى رئاسة المكتب لسنوات، كما شغل منصب أمين عام نوادي السينما العربية.

ومن ثم فإن لمنير علاقة وطيدة بنوادي السينما أهلته لأن يؤرخ لتلك الحركة في كتابه الذي حمل عنوان “حركة نوادي السينما: 75 عاما من النضال”، والذي جاء إضافة جيدة للمكتبة التونسية والعربية في هذا المجال.

في الحل والترحال

لمنير علاقة وطيدة بنوادي السينما أهلته لأن يؤرخ لتلك الحركة في كتابه الذي حمل عنوان “حركة نوادي السينما: 75 عاما من النضال”،
◙ منير الفلاح له علاقة وطيدة بنوادي السينما أهلته لأن يؤرخ لتلك الحركة في كتابه الذي حمل عنوان "حركة نوادي السينما: 75 عاما من النضال"

في تقديمه للكتاب، يقول الدكتور حكيم بن حمودة، إن كتاب “حركة نوادي السينما: 75 عاما من النضال”، هو محاولة خاصة وفريدة في التعاطي مع تاريخ حركة نوادي السينما في تونس، وأن خصوصية هذا الكتاب تتمثّل في شخصية مؤلفه، ومعرفته الدقيقة للتاريخ المُعلن والمخفي في تاريخ حركة نوادي السينما، لافتا إلى أن “الفلّاح تحمّل مسؤوليات كبيرة في صلب المكتب الجامعي لحركة نوادي السينما لأكثر من عقدين، ليصبح لفترة معينة الصورة أو العلم الذي يحمل الجامعة في حله وترحاله.”

وأضاف الدكتور بن حمودة أن الخصوصية الثانية التي تميّز بها هذا الكتاب، تمثّلت في هذه القراءة لتاريخ حركة نوادي السينما، هو الاختيار المنهجي الذي عمل به منير الفلّاح في تأليف كتابه، حيث ابتعد عن المنهج العلمي الجاف، واختار منهجا ذاتيا وحميميا للحديث عن حركة نوادي السينما من خلال الوجوه التي ساهمت في بناء هذا التاريخ الطويل وكذلك الأحداث المهمة التي شكلت انعطافات مهمة في تاريخ الحركة، حيث نجح في أن يجعل القارئ جزءا من تاريخها.”

ونوّه بن حمودة في تقديمه للكتاب بتفرد منير الفلّاح بأسلوب يجمع بين الطرافة والنكتة والدعابة، وهذا الأسلوب المميز في الكتابة أصبح خاصية الفلّاح الذي عُرف بقراءته الساخرة والمتمردة للأحداث. واعتبر أن “حركة نوادي السينما تُمثّل حالة خاصة ومنارة ثقافية في تونس، وصرحا ساهم في كتابة التاريخ الثقافي للتونسيين بأحرف من ذهب، ورأى أن كتاب منير الفلّاح يساهم في إضاءة تاريخ حركة نوادي السينما بطريقة حميمة وبأسلوب لا يجيده إلا هو.”

◙ مساهمة الجامعة التونسية لنوادي السينما لم تختصر على دعم الثقافة السينمائية بل تجاوزته لتصبح قوة لدفع الإنتاج السينمائي

وبحسب كتاب “حركة نوادي السينما: 75 عاما من النضال”، فإن حركة نوادي السينما بتونس، شكّلت منذ انبعاثها سنة 1949 منارة ثقافية مهمة، وساهمت على مدى تاريخها في دعم العمل الثقافي بشكل عام والعمل السينمائي بصفة خاصة على عديد الواجهات.

وساهمت بصفة كبيرة في نشر الثقافة السينمائية لدى التونسيين من خلال الأفلام التي كانت تعرضها في مختلف أنحاء البلاد، وجلسات نقاش العروض، حيث فتحت جامعة نوادي السينما من خلال تلك العروض وجلسات النقاش، نافذة على العديد من المدارس السينمائية في العالم بدءا من السينما الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي، حينها والسينما الألمانية، والموجة الجديدة الفرنسية، والواقعية الإيطالية، وأفلام أميركا اللاتينية. وساهمت كذلك، في التعريف بالسينما العربية كالمصرية والمغربية والجزائرية والسورية والسينما الأفريقية والتي كانت في إرهاصاتها الأولى.

ونتعرف من الكتاب على أن مساهمة الجامعة التونسية لنوادي السينما لم تختصر على دعم الثقافة السينمائية بل تجاوزته لتصبح قوة لدفع الإنتاج السينمائي، وساهمت بطريقة مهمة في دعم العديد من المبادرات مثل أيام قرطاج السينمائية التي أصبحت أحد أهم المهرجانات السينمائية.

ويؤرخ الكتاب لدور حركة نوادي السينما في المجتمع المدني التونسي، حيث فتحت تظاهراتها المجال لأجيال كبيرة من الشباب للاجتماع والنقاش الهادئ والرصين في ظروف صعبة، دافعت خلالها الحركة بشراسة على استقلاليتها عن السلطة لتبقى فضاء مستقلا يتمتع بحرية كبيرة في النقاش.

وتوقف الكتاب عند عمل الجامعة التونسية لنوادي السينما على نقد الثقافة السائدة والترويج إلى ثقافة بديلة تكون أداة التغيير السياسي والثقافي الثوري، حيث كان لهذا التحول تأثيره الكبير لتصبح الحركة قبلة للشباب الثائر والتائق للتحرر والانعتاق. وتناول الكتاب عمل الجامعة خلال تاريخها الطويل على ضبط تحالفات أساسية مع أهم منظمتين في المجال السينمائي وهما: الجامعة التونسية للسينمائيين الهواة، وجمعية السينمائيين التونسيين.

الآباء المؤسسون

◙ سجل أهم المحطات في تاريخ حركة نوادي السينما في تونس، واستحضر مسيرة رموزها ومن انطلقوا منها وصاروا نجوما
◙ سجل أهم المحطات في تاريخ حركة نوادي السينما في تونس، واستحضر مسيرة رموزها ومن انطلقوا منها وصاروا نجوما

تكوّن كتاب “حركة نوادي السينما: 75 عاماً من النضال” من 6 محاور. وقد اشتمل المحور الأول على عناوين عديدة بينها: “حركة نوادي السينما 75 سنة من النضال”، و”من هو أندري ريمون باعث حركة نوادي السينما”، و“الآباء المؤسسون لحركة نوادي السينما”، و“النوري الجنزوري عميد مناضلي حركة نوادي السينما”، و“المنصف بن عامر القلب النابض لحركة نوادي السينما وأحد بناة أيام قرطاج السينمائية”، و“مصطفى نقبو أيقونة النقد السينمائي في تونس.”

وتضمن المحور الثاني من الكتاب عناوين عدة منها: “القطع مع الآباء المؤسسين لحركة نوادي السينما”، و“المواجهة مع السلطة”، و"رواد سياسة تجذير المواقف داخل حركة نوادي السينما وقادة القطع مع الآباء المؤسسين"، و"نجيب عياد السيد رجل المهمات الصعبة داخل حركة نوادي السينما"، و"محمد العفيف المحرزي المنظر القدوة."

وأما المحور الثالث فكان من بين موضوعاته: “حركة نوادي السينما ومسار النقد السينمائي في تونس”، و”نقاد ولدوا من رحم حركة نوادي السينما”، واستحضار لسيرة ومسيرة “خميس الخياطي شيخ نقاد السينما في تونس”، وكذا الهادي خليل، ومحمد محفوظ، والطاهر الشيخاوي، وتناول كذلك “فرسان النقد الشفوي." وفي المحور الرابع حدّثنا الكتاب عن: "الأستاذة الجامعية قمر بن دانة"، و"الناشطة المجتمعية والسياسية منيرة يعقوب”، و"الأستاذة الجامعية الراحلة أسماء الفني."

استعرض المحور الخامس من الكتاب، رحلة بعض مشاهير السينما والسياسة ممن مرّوا من بوابة حركة نوادي السينما، ونذكر من عناوين هذا المحور: “الطيب الوحيشي من نادي سينما صفاقس انطلق نحو العالمية”، و“سلمى بكار أول امرأة مخرجة من بنات مدرسة حركة نوادي السينما”، و“المنصف ذويب ابن نادي صفاقس المدلل”، و“منير بعزيز المدافع الشرس على مبادئ حركة نوادي السينما”، و“ممثلون انطلقوا من حركة نوادي السينما وأصبحوا نجوما متلألئة في السينما العالمية."

كما تناول سيرة مفكرين وسياسيين واقتصاديين مشهورين مروا بحركة نوادي السينما، ومخرجين تونسيين وعرب آمنوا بقدرة الحركة على انتشارهم تونسيا، ومن بين عناوينهم في هذا الفصل "سمير فريد عميد النقاد المصريين وصديق تاريخي لحركة نوادي السينما في تونس”، و”عمر أميرلاي أمير السينما السورية ورفيق الجامعة التونسية لنوادي السينما في زمنها المزدهر”، و”نورالدين الصايل المدير السابق للمركز الوطني للسينما بالمغرب صديق مبجل لحركة نوادي السينما”.

وفي المحور السادس والأخير من الكتاب، نُطالع عناوين عدة منها: “طرائف عشناها داخل حركة نوادي السينما”، و”نجيب عياد يطلب حراسة أمنية في صفاقس”، و”غير مبصر ولكن تمكن من قيادة نادي سينما”، و”حسن عليلش واللكنة العراقية”، و”حركة نوادي السينما منحتني سيارة مرسيدس”، وغير ذلك من العناوين.

14