ستار كاووش والتوق إلى عوالم تركوازية جديدة

ساعات من المتعة والتأمل اللذيذ تعيشها وأنت تتجول بين أعمال الفنان التشكيلي العراقي ستار كاووش الذي سيجرك شئت ذلك أم لم تشأ إلى عالم من الفرح والضوء، ليزرع في دواخلك الحب أو يوقظه إن كان نائما.
يُقَرِّب كاووش الآخر من عالمه بعذوبة جمة وعلى نحو تلقائي، ففي ألوانه التركوازية يكمن بعض من ذلك السحر الذي يولده فيك وأنت غارق في أعماله. بألفة وأريحية عاليتين يُبْعد القلق من داخلك ليزودك بطاقة إيجابية ترسل الروح في جمادك.
وتكاد تتلخص رسائل كاووش في الحب والجمال، مفردتان بهما يبنى النفس البشري فينفتح على الآخر بحديقة تتخطى ظلالها وبأضواء خافتة كأنها تستعد لملاقاة فراشة، فكاووش فنان من عطر وفرح، ومنذ أن يخرج العمل الفني من بين أصابعه حتى يبدأ ببث حاجات ضرورية للروح وبذلك يساهم بقوة في تخليص متلقيه من لغته السابقة ومن تعب نائم في الممرات الضيقة ليبدأ حالة من التوازن بينهما في ما بعد.
ويبدو الرسام العراقي أشد ارتباطا برومانسية تبدو كقميص من بلور، يميل إلى كشف ما يتلاءم مع مفرداته وعوالمه الخاصة، فهو بصورة أو بأخرى يحيي المفهوم الطبيعي للجمال، ولهذا جل أعماله تدور في هذا الفلك فيواجه الحقل البصري بلغته الجديدة حيث الرؤية الفنية طاغية ومهيمنة على امتداد الفسحات دون أن يجزئ القيم اللونية بل يدفع المتلقي نحو التصعيد ليعيد بناء اللوحة بتقنيته هو.
كاووش فنان يُكسب ألوانه قيما شبه ثابتة بطبيعتها الرومانسية، وهذا ما يجعله ينفتح بها على الآخرين بقوة جمالية، وعلى نحو أكثر التركواز الذي يميل إلى النقاء فيسهل التعامل معه، فهو يرسل الروح في كل شيء وهذا يسجل له فالهاجس عنده استثنائي كحالة مقتنصة من فضائه المفتوح فهو يصوغ اللحظة بالاعتماد على الحركة الدائرية لا كتحول في مشاهده البصرية المعبرة عن عجلة تطوره العذب بل لاكتشاف فضاء تشكيلي جديد هو كأول محاولاته في مواجهة أخلاقيات الملامح العامة للفن التشكيلي في حقب عدة، ومع ذلك فهو لا يطالب بالعودة إلى المنابع بل بتحريض المخيلة على الخلق بأعراف خاصة، وبذلك يتخطى الوعي حيث المقاييس والنظم صارمة مع التمسك بالمظاهر التقليدية إلى اللاوعي حيث التوق إلى عوالم جديدة بالإصرار على المخيلة كمحرك أساسي للخلق الفني.
وما يستهوي كاووش أيضا هو التركيز على الألوان الرصينة/ التركوازية مثلا للارتباط باهتمامات فنية تقنية قد يكون تفعيل بُعد جديد.