رؤساء في كي جي 2

ماذا لو استيقظ شعب دولة ما في صباح أحد الأيام ليجد أن رئيس بلاده والزعيم الذي اعتاد أن تنحني له رقاب أبناء الشعب من أكبر مسؤول حتى أصغر مواطن، وقد تحول فجأة إلى تلميذ بليد في كي جي 2 أو مرحلة الحضانة التي تسبق الدراسة الابتدائية؟
الفكرة غريبة دون شك وقد يصعب على الكثيرين تخيلها، وربما تكون مناسبة أكثر لتكون قصة فيلم هزلي، لكنها واقعية أكثر مما يتخيل القراء، بدليل ما حدث مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض قبل أيام.
عندما نتأمل الصورة الكاريكاتورية الأكبر الكامنة خلف المشادات الساخنة، سترى زيلينسكي خلال الجلسة العلنية مثل تلميذ في الحضانة، الذي ظل طوال العام الدراسي مدللا من كل طاقم التدريس في مدرسته، الكل يسعى لتلبية طلباته، لا أحد منهم يعاتبه إذا غاب عن الحصص، ولا أحد يفكر حتى في اختبار معلوماته لمعرفة ما إذا كان يؤدي واجباته المنزلية، ويذاكر دروسه أم لا.
ثم يأتي يوم الاختبار النهائي فيخطو التلميذ المدلل مرحا نحو مقر الامتحان دون أن يخطر بباله ما ينتظره هناك، وبدلا من لجنة مدرسته التي اعتادت تدليله وتسهيل الغش له، يفاجأ بلجنة خاصة مرسلة من وزارة التعليم جاءت لتحقق في شكاوى عديدة تلقتها حول فساد المدرسة وسوء سلوك التلميذ، ما يجعل أعضاءها في حالة استنفار واضح ضد أيّ خطأ يرتكبه أو حتى قبل أن يرتكبه .
وبدلا من لجنة الرأفة المقدمة يجد التلميذ نفسه في جلسة عامة أمام مدرسين غرباء عليه، وحولهم عشرات المتفرجين من موظفي الوزارة المتحفزين له، وبدلا من اختباره في المنهج المقرر عليه تتوالى على وجهه أسئلة من خارج المنهج ليس هدفها التأكد من معلوماته وإنما إعطاؤه دروسا في الأخلاق، وبدا أن الجميع يتسابقون لتعليمه الأدب الذي لم يتعلّمه من قبل.. لماذا لا ترتدي بدلة؟ لماذا لا تقول شكرا؟ لماذا لا تغسل يديك بعد دخول الحمام؟ لماذا لا تأكل بيدك اليمنى؟ إلى آخر هذه النوعية من أسئلة التأديب والتهذيب التي يتم تعليمها لتلاميذ الحضانة وليس بالتأكيد لرؤساء الدول.
ومن المؤكد أن هذه الصورة الساخرة وصلت إلى عدد غير قليل من رؤساء وقادة دول العالم، ولن تملك نفسك من الضحك عندما تتخيلهم خصوصا الذين كانوا يخططون لزيارة واشنطن قريبا وهم يتصرفون مثل الكوميديان المصري الأشهر إسماعيل يس حينما كان يتقدم للتطوع في سلاح البحرية دون أن يعرف السباحة.
وكلما جاء دوره للقفز في الماء يمد يده خلف ظهره ليقدم الجندي الذي يقف خلفه في الصف، ويتراجع هو خطوة للوراء خوفا من أن يغرق، ثم جاءت ذروة الكوميديا حينما وصل إلى آخر الصف وعندما مد يده لم يجد غير الفنان رياض القصبجي، العريف المشرف على فقرة القفز في الماء، ولك أن تتخيل كم الضحك على مشهد لرئيس دولة ما وهو يقلد إسماعيل يس حتى يصل إلى الشخص الأخير وعندما يمد يده لسحبه إلى الأمام بدلا منه يجد نفسه ممسكا بيد دونالد ترامب نفسه.