بطلان للدوري وإلغاء الهبوط في مصر.. ختام "عبثي" لموسم استثنائي لكرة القدم

القاهرة - في مشهد من مشاهد الكوميديا السوداء، اختتم مساء الأربعاء فريقا الأهلي وبيراميدز مبارياتهما في الدوري المصري للموسم الحالي، وحقق الفريقان الفوز على كل من فاركو وسيراميكا كليوباترا على التوالي، لكن الغريب أن كل فريق احتفل بالفوز بالدوري بعد نهاية المباراتين، في واقعة تعكس الحالة العبثية التي تعيشها الكرة المصرية في الموسم المنتهي.
رسميا، فاز الأهلي باللقب ليحتفظ به للموسم الثالث على التوالي، بعدما رفع رصيده الى 58 نقطة في المركز الأول، وقد احتفل مع جماهيره بالدوري عقب نهاية المباراة في استاد القاهرة الدولي، والتي حقق فيها الفريق فوزا كبيرا على فاركو بسداسية نظيفة، وفي نفس التوقيت كان لاعبو بيراميدز وجهازهم الفني يحتفلون أيضا بأول لقب دوري في تاريخ النادي عقب نهاية مباراتهم التي فازوا بها على سيراميكا كليوباترا بخمسة أهداف مقابل هدف، على ملعب هيئة قناة السويس، ورغم أن النادي رسميا في المركز الثاني برصيد 56 نقطة، لكنه مقتنع بأحقيته في اللقب حال استجابت المحكمة الرياضية الدولية لشكواه بإعادة خصم 3 نقاط إضافية من فريق الأهلي بسبب انسحابه من مباراته أمام الزمالك.
ولم يتوقف العبث عند وجود بطلين لنفس المسابقة في نفس الموسم، في واقعة لم تحدث من قبل منذ اختراع مسابقات كرة القدم سوى مرة واحدة، لكن رابطة الأندية المسؤولة عن تنظيم المسابقات المحلية، أضافت واقعة هزلية جديدة بقرارها إلغاء الهبوط في الموسم الحالي، مع صعود 3 فرق من الدرجة الأدنى كالمعتاد لتقام المسابقة في موسمها الجديد بمشاركة 21 فريقا، وهي أيضا واحدة من المفارقات النادرة على مستوى العالم أن تقام مسابقة دوري بشكل مخطط ودون أحداث طارئة بمشاركة عدد فردي من الفرق.
لم يشهد تاريخ الكرة العالمية تتويج بطلين لنفس المسابقة سوى مرة واحدة وكانت في الأرجنتين، حين واجه فريق ريفر بليت الشهير نظيره سان لورنزو على لقب يسمى “كأس الذهب” في عام 1936، وهي تشبه حاليا كأس السوبر، حيث كان كل فريق فاز ببطولة محلية في ذلك العام، وفي المباراة فاز ريفر بليت بنتيجة 3-1 ليعلن الاتحاد الأرجنتيني رسميا اعتباره فائزا بالدوري في تلك السنة.
◙ لم يشهد تاريخ كرة القدم تتويج بطلين لنفس المسابقة سوى مرة واحدة وكانت في الأرجنتين حين واجه فريق ريفر بليت نظيره سان لورنزو على لقب يسمى "كأس الذهب"
والمفارقة التي قد لا تسعد مسؤولو بيراميدز في مصر، أن مسؤولي سان لورنزو قدموا شكاوى عديدة بأحقيتهم في لقب الدوري كونهم فازوا ببطولة كانت تسمى كأس الشرف، لكن أحدا لم يستمع لشكواهم حتى عام 2013، أي بعد 77 عاما حين اعترف الاتحاد الأرجنتيني بأحقية سان لورنزو في احتسابه بطلا للدوري في نفس الموسم ليكون هناك بطلان لنفس المسابقة. ووفقا لنفس المعدل الزمني ربما يحتفل أحفاد مسؤولو بيراميدز في عام 2102 بلقب دوري الموسم الحالي حين يعترف الاتحاد المصري بعد 77 عاما بأحقية ناديهم في لقب الدوري بدلا من فريق الأهلي.
بدأ العبث الذي غلف الموسم الكروي المصري في نهاية مارس الماضي بقرار مجلس إدارة الرابطة تخفيف عقوبة الانسحاب التي وقعتها لجنة المسابقات التابعة لها على الأهلي، باعتباره مهزوما في مباراة الزمالك مع خصم 3 نقاط إضافية (6 نقاط) وتحميل النادي التكاليف والخسائر المالية المترتبة على انسحابه، حسبما تقضي لوائح المسابقة، وقرر المجلس إلغاء خصم النقاط الإضافية.
وأثار القرار غضب مسؤولي الزمالك باعتباره طرفا في المباراة، وبيراميدز بحكم تضرره منه، ولجأ الناديان الى لجنة التظلمات باتحاد الكرة التي أعلنت بعد عدة تأجيلات عدم قدرتها على مراجعة قرار الرابطة وفقا لمادة في لائحتها تحصن قرارات مجلس ادارتها من الطعن عليها، وهو ما كان يعني تأكيد قرار إلغاء خصم النقاط الثلاثة، ولجأ الناديان إلى المحكمة الرياضية الدولية (CAS) التي لا تزال تنظر في شكوى الناديين، وأعلنت قبل يومين من آخر مباراة في الدوري المصري رفض طلب بيراميدز بتجميد إعلان بطل الدوري لحين الفصل في الشكوى، دون أن يتعارض ذلك مع استمرار المحكمة في نظر الشكوى واتخاذ قرار بشأنها.
ولهذا السبب قرر لاعبو بيراميدز وجهازهم الفني الاحتفال مساء الأربعاء بالفوز باللقب “الافتراضي” أملا أن تصدر المحكمة الرياضية قرارا لصالحهم وإعادة خصم النقاط الثلاثة، وهو ما يستبعده بعض خبراء اللوائح قياسا على مواقف سابقة للمحكمة، أشهرها شكوى فريق اتحاد العاصمة الجزائري ضد قرار الاتحاد الأفريقي لكرة القدم باعتباره منسحبا، بعدما رفض خوض مباراة الذهاب أمام فريق نهضة بركان المغربي اعتراضا على وجود خريطة للمغرب على قمصان الفريق تتضمن الصحراء المغربية، ولم تتدخل المحكمة لتغيير النتيجة وطالبت الكاف فقط بالتنبيه على الفرق المشاركة في بطولاته عدم ارتداء ملابس أو استخدام أدوات رياضية تحمل شعارات سياسية.
وفي المواقف الأخرى التي تدخلت فيها المحكمة بقرارات تصحيحية استغرق الأمر شهور عدة، منها شكوى فريق هلال الشابة التونسي بعد هزيمته من الأفريقي التونسي بهدف نظيف في مباراة أقيمت في يونيو عام 2022 ما ترتب عليه هبوطه إلى الدرجة الثانية، وشكا النادي التونسي إلى المحكمة وجود رئيس الأفريقي في الملعب رغم صدور قرار بإيقافه، وجاء قرار المحكمة على مرحلتين، الأولى في سبتمبر عام 2022 بإلغاء هبوط الفريق وعودته إلى دوري الرابطة المحترفة الأولى، ثم في مارس من عام 2023 أصدرت المحكمة قرارها باعتباره فائزا في مباراة الأفريقي بهدفين لصفر، لكن القرار كان بلا معنى لصدوره قرب نهاية الموسم التالي.