مئوية السريالية في معرض تشكيلي بحريني - كويتي

"ذاكرة سريالية".. فنانون يقدمون لوحات سريالية بهويّة خليجية.
الاثنين 2025/01/13
السريالية بلمسة فنية خليجية

إلى أي مدى أثرت المدرسة السريالية في الفن التشكيلي بالبحرين والكويت؟ ذلك ما يحاول معرض "ذاكرة سريالية" الإجابة عنه عبر عرض أعمال فنية من البلدين توضح تطور الفنون التشكيلية فيهما وكيف اعتمد فنانون على الأشياء الواقعية كرموز للتعبير عن أحلامهم والارتقاء بالأشكال الطبيعية إلى ما فوق الواقع المرئي.

بنهاية العام الماضي يكون قد مضت مئة عام على ظهور المدرسة السريالية، تلك المدرسة الفنية التي تأسست على يد الفرنسي أندريه بريتون في عام 1924، واهتمت بالمضمون على حساب الشكل لتقدم للجمهور أعمالا فنية تحمل رمزية لا نهاية لها.

وقد أثرت السريالية، منذ ظهورها في باريس قبل قرن من الزمان وحتى اليوم، في مجالات شتى تشكيلية وموسيقية وأدبية وفلسفية واجتماعية، وامتد تأثيرها من فرنسا إلى العالم.

وليد سراب: المعرض منصة لمناقشة أهمية الفن السريالي في المجتمع المعاصر
وليد سراب: المعرض منصة لمناقشة أهمية الفن السريالي في المجتمع المعاصر

وبمناسبة مئوية المدرسة السريالية شهدت قاعة الفنان راشد العريفي في جمعية البحرين للفن المعاصر بالعاصمة البحرينية المنامة معرضا تشكيليا بعنوان “ذاكرة سريالية”، نظمه الفنان التشكيلي عبدالله المنامي، برعاية زينب الأمير، عضو مجلس النواب البحريني، حيث تضمن المعرض أعمالا تشكيلية لخمسة فنانين من البحرين هم: خليفة شويطر وعباس رضي وزهير القديحي وشهرام سلطاني، وهو فنان إيراني يقيم في البحرين، وعبدالله المنامي منظم المعرض.

كما شهد المعرض، الذي انعقد في الفترة ما بين 25 ديسمبر الماضي والثاني من يناير الجاري، مشاركة لافتة لثلاثة من كبار الفنانين التشكيليين بدولة الكويت هم: الدكتور وليد سراب، وأسعد بوناشي، وبدر حياتي.

والأعمال التشكيلية التي عرضت لم تكن مستوحاة من الفكر السريالي فقط وإنما حملت هويّة خليجية، وتناولت مواضيع متنوعة أظهرت ثراء الأعمال التشكيلية البحرينية والكويتية. وقد جاء المعرض ليضيء على حضور المدرسة السريالية في المشهد التشكيلي في كل من الكويت والبحرين.

وفي هذا السياق قال الفنان الدكتور وليد سراب إن معرض “ذاكرة سريالية” لم يكن مجرد عرض لأعمال فنية “بل كان بمثابة منصة للحوار والنقاش حول أهمية الفن السريالي ودوره في المجتمع والفكر المعاصر.”

رؤية خاصة للعالم
رؤية خاصة للعالم 

وأكد سراب أن الفن السريالي يعد وسيلة قوية للتعبير عن الذات والأفكار التي قد تكون صعبة التعبير عنها بالكلمات، وأن السريالية تُشجع الجمهور على التفكير خارج الصندوق وفهم أن الواقع ليس دائمًا كما يبدو.

وقال الفنان أسعد بوناشي إن فكرة المعرض تكمن في إعادة الذكريات السريالية لهذه المدرسة، فهو المعرض الأول من نوعه في هذا المجال بالمنطقة، مبينا أن اللافت في المعرض أنه جمع فنانين لهم باع طويل في الفن السريالي.

كما أوضح أن الفن السريالي يعتبر إحدى أكثر الحركات الفنية تأثيرًا وإبداعًا في القرن العشرين، حيث ظهرت هذه الحركة في أوروبا خلال فترة ما بين الحربين العالميتين كوسيلة للتعبير عن أفكار العقل الباطن وتجسيد الأحلام والخيالات.

وأضاف أنه من الممكن القول إن الفن السريالي يمثل رحلة استكشاف معقدة للعقل البشري وطبيعته، كما أنه يطرح تساؤلات عميقة حول طبيعة الواقع والخيال، وأيضا يعبر عن كينونات وقضايا المجتمع المتشابكة في لوحة واحدة، والتي قد تعجز عن توصيلها أحيانا الكثير من الكتب، وهو ما يسهم في تعزيز الحوار حول الهوية الإنسانية والمجتمع.

ومن جانبه عبر الفنان بدر حياتي عن سعادته بالمشاركة في المعرض، موضحا أن المعرض جاء كفكرة جميلة جدا لإحياء الفن السريالي الذي عانى من عزوف أغلب الفنانين عنه بعد أن انتقلوا إلى محطات ومدارس فنية جديدة مثل الحداثة وما بعد الحداثة.

ووصف الفنان الأعمال الفنية المشاركة في المعرض بالممتازة، مضيفا أن الفنانين المشاركين قدموا أعمالاً تُعبر عن رؤيتهم الخاصة للعالم من حولهم، حيث حملت تلك الأعمال بحسب قوله راية السريالية التي رأى أنها بمثابة حركة ثقافية تهدف إلى تجاوز الواقع من خلال فنون بصرية تحمل معاني رمزية عميقة عبر التجسيد الإبداعي للأفكار غير المنطقية والرمزية البحتة، إضافة إلى مناقشة الفن السريالي للقضايا الفلسفية والنفسية ما يجعله أداة فعّالة للتأمل والتفكر.

تجسد لأفكار غير منطقية
تجسد لأفكار غير منطقية

يُذكر أن الحركة التشكيلية في مملكة البحرين تواصل التطوّر، وتحتلّ التجارب الفنيّة مواقع متقدّمة في مسيرة الثقافة البحرينيّة الحديثة.

وبحسب هيئة البحرين للثقافة والآثار، فإن المنجز الذي تعطيه هذه الحركة هو خلاصة خبرة مطردة النمو لإبداع أهل البحرين، ولكون الفنون في هذه البلاد تتناسل إبداعا وتستمرّ نموا، يقود إلى معطيات جديدة متميّزة في كل عقد جديد من السنوات؛ فالازدهار الذي يتحقّق لحركة الفنّ التشكيلي هو امتداد ومواكبة لبقية المنجز الثقافي في شتّى مجالات الفنون.

ويأتي ازدهار حركة الفن التشكيليّ في البحرين وتعاظم دورها على الساحة الثقافيّة، كحصيلة طبيعية لجهود الفنّانين المبدعين روادا ومحدثين، وهو جزء من العطاء الثري الذي تزخر به إنسانيّة المواطن البحريني في علاقته بمحيطه وفي أسلوب تعبيره عن مشاعره حيال كل شيء من حوله.

وبمجرّد نظرة عابرة إلى مجمل نتاج الفن التشكيليّ سيتّضح أنّ الفنان في البحرين تفاعل مع مختلف المدارس، وتعامل مع العديد من التيّارات والتوجّهات الفنيّة المعاصرة، وخبر مختلف الخامات، وأنتج ما لا يحصى من الأشكال والمساحات اللونيّة التي خدمت موضوعه ويسّرت له طرائق التعبير التي من خلالها حقّق منجزه الحضاري في مواكبة حركة التطوّر الشاملة التي تشهدها الفنون في العالم.

أما الحركة التشكيلية الكويتية فهي حركة ناهضة بدأت في الخمسينات من القرن الماضي، مع أول فنان تشكيلي وهو معجب الدوسري الذي درس بكلية الفنون الجميلة في مصر، وزاد الاهتمام بالفن التشكيلي وتنوعت المدارس الفنية المختلفة وتطورت، وتنحصر في مجموع توجهات فكرية مثل رسم التراث الكويتي والسريالية والانطباعية والتجريدية والأعمال المركبة. ومن أهم الفنانين التشكيليين في الكويت أيوب حسين وسامي محمد وعبدالرسول سلمان وحميد خزعل وعبدالله القصار وبدر القطامي.

15