ضرورة الإعلان عن وقف لإطلاق النار من جانب حماس

أعلنت إسرائيل مساء الخميس 17 تشرين الأول – أكتوبر الجاري اغتيالها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار، بعدما حال الحول على التهديدات النارية والوعود الحاسمة والتتبع الحثيث للوصول إلى مهندس هجوم السابع من أكتوبر.
نشرت إسرائيل روايتها المتداولة عن قتل السنوار، وهي قائمة على أنها عملية غير مخطط لها وتمت بمحض الصدفة، لكن جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأميركي، قال بصريح العبارة “معلومات مخابرات أميركية ساعدت إسرائيل في تعقب قادة حماس بمن فيهم السنوار”.
هذا التصريح الأميركي ينسف الرواية الإسرائيلية بشكل كامل، فعملية اغتيال السنوار حدثت بجهود استخبارية أميركية إضافة إلى العمل الاستخباري الإسرائيلي على الأرض، وبصريح العبارة ربما تمّ استدراج السنوار إلى تلك المنطقة لاغتياله.
لكن اللافت في الأمر أن المحللين المقربين من حماس تبنوا الرواية الإسرائيلية بشكل كامل ولم تقدم حماس روايتها عن اغتيال زعيمها وتركت الميدان مفتوحا للرواية الإسرائيلية المضللة التي من الطبيعي أن تخفي الحقائق لتحمي مصادر معلوماتها، حيث أن الرواية الإسرائيلية تخدم حماس وتظهرها بمظهر الحركة التي لم تخترق وهذا يغطي على عجزها البائن.
◄ ليس هناك أدنى رغبة إسرائيلية في وقف الحرب على قطاع غزة أو الانسحاب منه، وهي كلما تحقق لها هدف عسكري وضعت هدفا آخر، وكلما اغتالت قائدا وضعت قائدا آخر على قائمة الاغتيالات
وحتى إذا صدقنا الرواية اليتيمة المتداولة فهي تؤكد تهلهل الفعل العسكري لحركة حماس، حسب الرواية الإسرائيلية بأن جثّة السنوار تم اكتشافها في اليوم التالي لقتله وتم نقلها أيضا إلى إسرائيل للتأكد من هوية صاحبها، حدث كل هذا بغياب واضح للفعل العسكري الميداني لحركة حماس، وهنا تتقافز أسئلة كثيرة عن القدرة والفاعلية المتبقية لكتائب القسام التي على مدار 24 ساعة لم تلاحظ غياب قائدها الأوّل، أو أنها لاحظت غيابه ولم تستطع القيام بشيء، وليس هناك أي تواصل أو تنسيق بين القيادة والخلايا العسكرية المتبقية في كتائب القسام، فالفوضى تعمّ كل شيء.
أمّا على الجانب الإسرائيلي فرئيس الوزراء الإسرائيلي لن يلزمه اغتيال المطلوب رقم واحد و”الميت الذي يمشي على الأرض” بوقف إطلاق النار في قطاع غزّة، فالمقتلة مازالت مستمرة بشكل اعتيادي، وحصد الأرواح بالعشرات والمجازر اليومية وعمليات الهدم والنسف تسير على قدم وساق.
إن بنيامين نتنياهو هو أبرع من استغل حالة البطة العرجاء قبل الانتخابات الأميركية، استغلها بخبثه المعهود وحقده الدفين ضد كل شيء فلسطيني على وجه البسيطة.
من الجلي أن حماس باتت خائرة القوى ومخترقة بعد ما يربو على عام كامل من الحرب المجنونة التي تشنّها إسرائيل ضد قطاع غزّة وسكانه، تلك الحرب التي خسرت بها حماس خيرة قادتها المقاومين على الأرض وأقلّهم تشددا بخصوص صفقة الرهائن، لكن لمَ لا تستخدم حماس فطنتها وتقوم بخطوة إلى الخلف وتتوقف عن المكابرة وتعلن عن وقف لإطلاق النار من جانب واحد، فهكذا إعلان يظهر عدم رغبتها في القتال وسعيها نحو وقف الحرب بشكل عملي أمام العالم أجمع ويزيد من الضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي لوقف الحرب بعدما استنفدت الحرب كل أسبابها ومسوّغاتها، كما أن هذا الإعلان لا يضر بإسرائيل فقط بل سيكون مفيدا لحركة حماس بعدما نفدت قدرتها على إيلام العدو والقيام بعمليات عسكرية تقلب موازين القوى لصالحها وترجح كفتها، وبالتالي قد تنجو حماس بما بقي لديها من قدرات وكوادر من الهدف المعلن للجيش الإسرائيلي والمتمثل في الإجهاز عليها بشكل نهائي.
ليس هناك أدنى رغبة إسرائيلية في وقف الحرب على قطاع غزة أو الانسحاب منه، وهي كلما تحقق لها هدف عسكري وضعت هدفا آخر، وكلما اغتالت قائدا وضعت قائدا آخر على قائمة الاغتيالات، كما وضعت محمّد السنوار شقيق زعيم حركة حماس وجميع القادة العسكريين على قائمة الاغتيالات بعد اغتيال يحيى السنوار بيوم واحد لإطالة أمد مجازرها ولقطع الطريق على أي دعوة إلى وقف الحرب.