اختلال سلسلة الإنتاج يقوض قطاع اللحوم البيضاء في الجزائر

الحكومة تتوخى سياسة ردع المضاربين وتستنجد بالخزينة العامة لمعالجة أزمات تموين السوق.
الثلاثاء 2024/08/13
كم متوسط وزن الدجاجة برأيك؟

طفت على السطح في الجزائر أزمة قطاع الدواجن، الذي يواجه صعوبة في التحكم بمستوى الأسعار، نتيجة اختلال سلسلة الإنتاج، الأمر الذي يقوض سوق اللحوم البيضاء، مما دفع الجهات المعنية إلى اتباع سياسة ردع المضاربين مع الاستنجاد بالخزينة العامة لمعالجة مشكلة التموين.

الجزائر – فرضت الحكومة الجزائرية سعرا للكيلوغرام الواحد من الدجاج عند الاستهلاك بواقع 269 دينارا (دولارين)، عبر شبكة التوزيع والبيع التابعة للدولة، وذلك في محاولة للجم موجة الغلاء المفاجئة في سوق اللحوم البيضاء.

وبينما يرفع المنتجون ذرائع ارتفاع تكلفة المواد الأولية، ووسائل الإنتاج، وحتى الظروف المناخية، أعلنت السلطات أنها ستقوم بملاحقة لوبيات المضاربة في الأسواق التجارية.

وتوعد وزير التجارة وترقية الصادرات الجزائري طيب زيتوني، خلال ندوة صحفية، بمناسبة إشرافه على تكريم المتخرجين من معهد التكوين التابع لغرفة التجارة والصناعة، لوبيات المضاربة في قطاع اللحوم البيضاء بإجراءات رادعة من أجل فرض استقرار الأسعار.

طيب زيتوني: سنتابع المضاربين لكسر الارتفاع الجنوني لأسعار الدجاج
طيب زيتوني: سنتابع المضاربين لكسر الارتفاع الجنوني لأسعار الدجاج

كما لوح زيتوني بمتابعتهم أمام الهيئات المختصة، أسوة بناشطين آخرين في قطاعات أخرى، صدرت في حقهم أحكام قضائية ثقيلة بسبب ممارستهم للاحتكار والتلاعب بالأسعار. وكانت وزارة الفلاحة، قد قررت تسقيف أسعار الدجاج بنحو دولارين للكيلوغرام الواحد، عبر نقاط البيع التابعة لشبكة التوزيع التي تديرها الدولة.

وأعلنت الوزارة عن ضخ كميات مستوردة في السوق المحلية لكسر الأسعار المتصاعدة، لكن تبقى الشبكة المذكورة غير كافية لتلبية الحاجيات المحلية قياسا بضعف ومحدودية محالها ومتاجرها المنتشرة عبر أنحاء البلاد.

وأوضح زيتوني خلال الندوة التي عقدت مؤخرا أن “بالرغم من وجود قانون المضاربة وإجراءات ردعية لحماية القدرة الشرائية للمواطنين، إلا أنه في بعض الأحيان تتسلل مجموعة من المضاربين ليفسدوا فرحة الجزائريين”.

وقال “بين عشية وضحاها أسعار الدجاج ارتفعت إلى 450 و500 دينار (أكثر من ثلاثة دولارات للكيلوغرام الواحد)، وكان لزاما علينا إقرار تعليمات صارمة والتدخل من أجل استقرار السوق وخفض الأسعار بالتنسيق مع مصالح وزارة الفلاحة”. وأضاف “لقد حددنا المضاربين وسنقوم بمتابعتهم لكسر الارتفاع الجنوني لأسعار الدجاج”.

ويوحي تصريح وزير التجارة، الذي لم يشر إلى إمكانية وجود أسباب أخرى تقف وراء موجة الغلاء المفاجئة لأسعار الدجاج، بأن دائرته الوزارية قد حددت لائحة المضاربين، وهي بصدد التحضير لمتابعتهم أمام الجهات المختصة، كما حدث سابقا مع لوبيات الحليب والزيت.

وكشف زيتوني عن أن “مصالح قطاع التجارة، قامت في وقت سابق بشراء 11 ألف طن من اللحوم البيضاء وتخزينها، ليتم الاستنجاد بها عندما يكون هناك تذبذب في السوق”. ويقدر الديوان الوطني لتربية الأنعام وتغذية الدواجن معدل استهلاك الجزائريين للحوم البيضاء بأكثر من 50 ألف طن في كل شهر.

وأفاد شهود عيان في مختلف مدن وولايات (محافظات) البلاد لـ”العرب” بأن أسعار اللحوم البيضاء شهدت ارتفاعا مفاجئا وصل إلى 4 دولارات للكيلوغرام الواحد.

ويضيف هذا الوضع محنة أخرى إلى الأعباء المنهكة للمستهلكين، الذين يعانون من تضخم غير مسبوق، يتراوح في حدود 5 في المئة، ومن اضطرابات غير مفهومة وغير مبررة للسوق المحلية.

أما العاملون في القطاع فقد نفوا أن تكون المضاربة وحدها سبب الغلاء، وتحدث بعضهم عن أسباب أخرى أدت إلى هذه الأزمة، على غرار الطقس الحار صيفا الذي يصعّب عملية الإنتاج، وتذبذب توزيع المادة الأولية للغذاء والأدوية وبيض الفقس وصيصان الإنتاج.

وكانت الجزائر تعتمد كليا في وقت سابق على السوق الإسبانية لاستيراد مختلف المواد الأولية، مما أضفى حينها حالة من الاستقرار على الأسعار، قبل أن تندلع الأزمة السياسية بين البلدين والقطيعة المعلنة من طرف الجزائر.

ودفع هذا الأمر العاملين في القطاع إلى تغيير وجهتهم إلى أسواق أخرى كالمجر وبريطانيا، ما تسبب في زيادة كلفة النقل واستيراد منتوج يصعب تكيفه مع الظروف المناخية المحلية.

تقليص رسوم القيمة المضافة على الإنتاج لم يضبط السوق أو حتى زاد الإنتاج، والدولة لديها مخزون بنحو 11 ألف طن

وسبق أن استفاد القطاع من قرار رئاسي خلال الأشهر الماضية، يقضي بتقليص الرسوم على القيمة المضافة إلى “أقصى حد” على إنتاج الدواجن، في إطار ميزانية 2024، وذلك بغية المساهمة في خفض الأسعار ورفع الإنتاج.

وأوضح حينها رئيس الفيدرالية الوطنية لمربي الدواجن علي بن شايبة أن القرار “سيخفض أسعار الدجاج والبيض وسيشجع المنتجين، لأن الطلب سيرتفع وسيسهم في تحقيق الأمن الغذائي، لاسيما وأنها مواد واسعة الاستهلاك في الجزائر”. وعبّر عن أمله في أن يشمل الأمر “المواد الأولية لخفض أسعار الأعلاف”. وقال “نحن كمنتجين نثمن قرار رئيس الجمهورية الذي نعتبره صائبا وتحفيزيا”.

أما رئيس الجمعية الوطنية لمربي الدجاج اللاحم مراد بلحسن فقد وصف بدوره القرار بـ”الخطوة الإيجابية التي أسعدتنا كثيرا، وأن تقليص الضريبة سيساهم في خفض الأسعار، لاسيما إذا شمل جميع المدخلات”.

ولا تزال الحكومة تتعاطى بأسلوب رد الفعل والمعالجات الظرفية للأزمات المستجدة، فوسط غياب إستراتيجية تجمع بين الاستشراف والتخطيط لتنظيم السوق المحلية يجري في كل مرة إقرار حزمة إجراءات آنية لمواجهة أي وضع طارئ. وعلاوة على ذلك، تقوم السلطات بالاستنجاد بالخزينة العامة عبر تقليص قيمة الضريبة على المهنيين والناشطين، في محاولة لضبط نشاط القطاع.

وفي هذا الشأن طمأن زيتوني مستوردي البن بخصوص تدخل الحكومة لدفع فارق أسعار الأسواق الدولية مقابل الأسعار التي تقررت من طرف الحكومة في غضون الأيام الماضية، على أن يتم سحبها تدريجيا بالعودة المنتظرة إلى الأسعار العادية في مواطن إنتاجها.

وأكد أن أسعار البن عرفت ارتفاعا مذهلا على المستوى العالمي، حيث صعدت من دولارين إلى 7 دولارات للكيلوغرام الواحد، وأرجعه إلى التقلبات الجوية والمضاربة والتوترات الجيوسياسية التي يشهدها العالم في الآونة الأخيرة.

وقال “رغم أن البن ليس مادة أساسية لكنها سلعة واسعة الاستهلاك، ولا بد أن تبقى في متناول الجزائريين حسب توجيهات رئيس الجمهورية”. وأشار إلى أن الوزارة أجرت تحقيقا مفصلا لرصد كل كميات القهوة المستوردة، وأنها ستعمل على تعويض كل متعامل بالشكل اللائق “وهذا فور نشر المرسوم الخاص بذلك في الساعات القادمة”.

10