ميرة القاسم: اللوحة قصيدة مرئية ولغة تعبيرية عن حالتي النفسية

سعي دائم لاستكشاف العلاقات الإنسانية والتفاعلات الاجتماعية عبر الفن.
الثلاثاء 2024/08/06
تجربة مميزة تجمع بين الشعر والرسم

تمتلك ميرة القاسم تجربة تشكيلية وأخرى شعرية مميزة، حيث تختار لنفسها أسلوبا مميزا ينظر للوحة بالقيمة ذاتها والحساسية نفسها التي يتعامل فيها مع القصيدة، فهي ترى أنها لغتان متشابهتان قادرتان على البوح بكل ما يجول بخاطرها ويستعر في روحها من عواطف ومشاعر وأفكار.

القاهرة- ترى الفنانة التشكيلية الإماراتية، ميرة القاسم، أن المشهد التشكيلي ببلادها مزدهر، وذلك يرجع إلى الدعم الكبير الذي تتلقاه الحركة التشكيلية الإماراتية من قبل المؤسسات الثقافية والفنية بالدولة التي أولت اهتماما كبيرا للفنون التشكيلية مما خلق بيئة مشجعة للفنانين للتجريب والتطور والاستمرارية.

وقالت القاسم إن المشهد التشكيلي العربي يشهد كذلك حالة من الازدهار الفني، مع تنامي الاهتمام بالفنون البصرية، وتزايد المشاركة العربية بالفعاليات الدولية من مهرجانات فنية ومعارض تشكيلية، الأمر الذي مكن التشكيليين العرب من عرض أعمالهم في الملتقيات الفنية العالمية وساعد على خلق المزيد من الاحتكاك بين الفنانين بالعالم العربي وأقرانهم ببلدان العالم، وفتح المجال واسعا لتبادل الرؤى والأفكار والاطلاع على تجارب الآخرين.

وتعتبر الفنانة أن كل ذلك سيتيح إمكانيات هائلة للنمو والابتكار في المستقبل بمجالات الفنون البصرية كافة.

◄ فنانة لا تتقيد بالشكل التقليدي للرسم
فنانة لا تتقيد بالشكل التقليدي للرسم

وحول رؤيتها للحضور العربي بالحركة التشكيلية العالمية، أوضحت ميرة القاسم أن العرب ليسوا فقط قريبين من الحركة التشكيلية العالمية بل إن العرب لديهم فنانون استطاعوا أن يثبتوا أنفسهم على الساحة الدولية بفضل إبداعهم وجهودهم وأصبحوا محل تقدير في المحافل الفنية العالمية.

وأضافت أن الفنانين العرب يتفاعلون مع أقرانهم بمختلف القارات، ويتبادلون الأفكار والتأثير والتأثر، الأمر الذي عزز مكانة الفنون التشكيلية العربية على المستوى الدولي.

أما حول رؤيتها لما يواجهه الفنان التشكيلي العربي من مشاكل وعقبات، فقالت الفنانة التشكيلية الإماراتية إن بعض التحديات التي يواجهها التشكيليون العرب تتمثل في قلة الدعم المالي والحاجة إلى تعظيم قيمة الفن ودوره في النهوض بالمجتمعات، والحاجة إلى وصول الأعمال التشكيلية العربية إلى منصات العرض والتسويق الدولية بشكل فعال.

وحول مدى قدرة الفنان التشكيلي العربي على العيش من نتاج فنه رأت الرسامة والشاعرة أن الفنان العربي يستطيع أن يعيش من نتاج ممارسته للفنون التشكيلية، لكنها شددت على أن ذلك يتطلب الكثير من العمل الجاد والترويج المستمر، مشيرة إلى أن سوق الفن يتوسع عربيا مما يتيح فرصا أكبر للفنانين في بيع أعمالهم خاصة مع انتشار المعارض والملتقيات الفنية المحلية والدولية.

أما في ما يتعلق بحضور المرأة العربية في المشهد التشكيلي، فترى القاسم أن المرأة تحتل مكانة هامة في الحركة التشكيلية العربية، وأن تلك المكانة في حالة من التنامي وأن هناك العديد من الفنانات اللواتي يبدعن ويحققن نجاحات كبيرة، مما يثبت أنهن يمتلكن المقومات والأدوات الفنية بشكل جيد، ويسهمن في إثراء المشهد الفني بوجهات نظرهن وتجاربهن.

وحول رؤيتها للعلاقة بين اللوحة الفنية والقصيدة الشعرية، قالت القاسم إن العلاقة بين اللوحة الفنية والقصيدة الشعرية هي علاقة تكاملية، وإن كليهما وسائل تعبيرية تعكس العواطف والأفكار بطرق مختلفة، لكنهما تشتركان في القدرة على إثارة المخيلة. وأضافت أنها ترى أن اللوحة تستطيع أن تكون قصيدة مرئية، والقصيدة قد تكون لوحة مكتوبة.

وتنوع الفنانة في موضوعات لوحاتها الفنية، حيث أشارت إلى أن موضوعات أعمالها المتنوعة هي مزيج من المشاعر ووجوه وعيون وبيوت وحالات إنسانية، وأنها تستكشف عبر أعمالها التشكيلية العلاقات الإنسانية والتفاعلات بين الألوان والأشكال، لخلق لوحات تعبّر عن عمق التجربة الإنسانية.

وفي سياق متصل، أكدت حضور الرجل في أعمالها بجانب المرأة، موضحة أن حضور الرجل في لوحاتها يأتي في إطار سعيها الدائم لاستكشاف العلاقات الإنسانية والتفاعلات الاجتماعية، حيث يكون الرجل في أعمالها رمزا للقوة حينا، وحينا آخر رمزا للضعف أو التحدي، وأحيانا أخرى يكون جزءا من مشهد يعبر عن فكرة أو شعور معين. لكنها نوهت بأن المرأة هي الأخرى حاضرة في لوحاتها باعتبارها رمزا للجمال والقوة والحنان، وهي تحاول أن تعبر عن تجارب المرأة ومشاعرها بشكل يعكس التنوع والعمق الذي يميزها، واعتبرت أن المرأة في أعمالها ليست فقط موضوعا للرسم بل هي أيضا صوت يعبر عن رؤى وأفكار متعددة.

تجربة ميرة القاسم مع المدارس الفنية متعددة وغنية، وهي تقول إن ذلك كان نتاج المطالعة والتمعن في كل ما هو أساسي من خلال الفن الواقعي والانطباعي، وكيفية التقاط الضوء والظل والتفاصيل الدقيقة، وأنها بمرور الوقت، وجدت نفسها منجذبة نحو المدرستين التجريدية والتعبيرية، حيث تستطيع من خلالهما أن تعبر عن مشاعرها وأفكارها بحرية أكبر دون التقيد بالشكل التقليدي.

◄ المشهد التشكيلي العربي يشهد حالة من الازدهار مع تنامي الاهتمام بالفنون البصرية وتزايد المشاركة بالفعاليات الدولية

أما عن علاقتها باللوحة والفرشاة والألوان فأوضحت الفنانة القاسم أنها تعيش علاقة حميمية وحيوية مع اللوحة والفرشاة والألوان، وأنها عند بدء العمل على لوحة، تشعر وكأنها تبدأ رحلة جديدة حيث تكون الفرشاة أداة لاستكشاف أعماق أفكارها ومشاعرها، منوهة إلى أن الألوان بالنسبة إليها هي لغة تعبيرية تعكس حالاتها النفسية وتترجمها إلى صور مرئية.

وحول شعورها وإحساسها وعوالمها الفنية حين تمارس الفن، وحين تنتهي من رسم لوحة، قالت الفنانة التشكيلية إنها حين تمارس الفن تشعر بنوع من الانغماس التام في عوالم داخلية مليئة بالألوان والأشكال، وأن هذا الشعور يترافق مع إحساس بالحرية والإبداع اللامحدود، وبعد الانتهاء من رسم لوحة يراودها شعور بالرضا أو عدم الرضا  أو شعور مرتبك وأحيانا تشعر بالتوتر.

يذكر أن ميرة القاسم كاتبة وشاعرة وفنانة تشكيلية إماراتية، عملت في عدد من الصحف اليومية ببلادها، كما تولت رئاسة قسم الثقافة الشعبية في مجلة “المرأة اليوم” وتنشر كتاباتها في عدد من الصحف بينها “الاتحاد”، و”الإمارات اليوم”، و”البيان”، ولها مشاركات في الملتقيات التشكيلية والشعرية في داخل الإمارات وخارجها.

هي عضو في اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات. بدأت رحلتها مع الشعر وهي في سن مبكرة، وتحديدا الشعر الشعبي، وصار لها صوت متفرد فيه. قادها الشعر إلى الكتابة في مجال الثقافة الشعبية. بدأت عملها في الصحافة، وتولت رئاسة قسم الثقافة الشعبية في مجلة “المرأة اليوم” لعدة سنوات، وأصبحت الأمسيات الشعرية داخل الإمارات وخارجها منبرها لتطل على جمهور الشعر، واختار عدد من المغنين قصائد لها وغنوها بأصواتهم، ومن بينهم عبدالله بالخير من الإمارات، خالد الشيخ من البحرين، وغالية بن علي من تونس.

14