انقطعت الكهرباء.. اركن سيارتك الكهربائية
فليطمئن صانعو السيارات التي تدار بمحرك بنزين أو ديزل، فسياراتهم ستستمر بتحقيق الكثير من المبيعات على المدى المنظور، على الأقل في عالمنا. الغرب انقلب على سيارات محرك الاحتراق الداخلي وصار حديث الأوساط الصناعية والتكنولوجية هو السيارة الكهربائية. ومع شخصية مثيرة للجدل مثل إيلون ماسك مؤسس سيارات تيسلا، رائدة صناعة السيارات الكهربائية وأكبر مروج لها، صار اقتناء مثل هذه السيارة ترند في أوروبا والولايات المتحدة.
أرى شخصيا أننا لا نزال بعيدين عن إنتاج سيارة كهربائية بمواصفات عملية حقيقية. حتى لو توفر قابس كهربائي في عمود الإنارة في الشارع الذي تسكن فيه وليس فقط نقطة تزويد كاملة، فإنك في حاجة إلى ربط السيارة للشحن على مدى ساعات. أفضل ما يتوفر اليوم يختصر هذا الوقت إلى ساعة ربما. هذا زمن لا يقارن بالدقائق التي تحتاجها لتعبئة الوقود من محطة على الطريق. ولو تم الشحن، فإن المسافة التي يمكن أن تقطعها مقابل كل شحن ستكون أقل من تلك التي يمنحك إياها خزان وقود. السيارة الكهربائية تبدو مصممة لمسافات قصيرة في مدينة في الغرب.
انظر حال السيارة الكهربائية في العالم العربي. لا تزال البنية التحتية لشبكات الطاقة الكهربائية في العديد من الدول العربية متواضعة بأحسن الأحوال. وفي ما عدا دول تحسبت مبكرا لزيادة أعداد السكان أو الوافدين، فإن توليد الطاقة الكهربائية وشبكات توزيعها في عدد كبير من دولنا ودول العالم الثالث لا يزال بدائيا ومتعثرا ويفتقر إلى التمويل والاستثمارات.
يقول بعض الأصدقاء بأنهم شاهدوا سيارات كهربائية في عواصم دول تعاني من انقطاعات طويلة في التيار الكهربائي. أكيد أن منظر مثل هذه السيارات المتطورة لافت للنظر خصوصا أنها لا تصدر أيّ أصوات من محركها. يشحن هؤلاء بطاريات سياراتهم بربطها على مقبس من البيت لأن نقاط الشحن العامة مفقودة. ثم بدأ الصيف يقترب، وبدأ تزويد المنازل والمكاتب بالكهرباء يتذبذب بمنهجية عند البعض وفوضى عند الآخر. توقفت بعض المصانع بسبب نقص الطاقة الكهربائية. في وضعية مثل هذه، فإن أقدم توك توك في القاهرة سيصبح أفضل من أحدث سيارة تيسلا. أصحاب السيارات الكهربائية سيبحثون عن مولدات كهرباء تعمل بالبنزين أو الديزل، بكل ضجيجها ودخانها، لشحن بطاريات سياراتهم. وبدلا من اللمسة البيئية الرشيقة لمثل هذه السيارات المستقبلية، ننتهي ببقع زيت ودخان وضوضاء إضافية على ثوب متسخ لبيئة تحترق أساسا بلهيب الشمس والجفاف.
يقف طفل على ناصية الشارع في مدينة عربية متوسطة الحال يبيع من براميل صغيرة كميات من بنزين أو ديزل. تقف سيارة متوسطة العمر لشراء بضعة لترات من الوقود. يشغل سائق السيارة مكيف الهواء فيها، وهو يتذمر من انقطاع الكهرباء في شقته في عز حر يوليو. ما لنا نحن والسيارات الكهربائية وشحنها وكل حديث الخزعبلات عن شحن بطارية سيارة كهربائية ونحن نعاني من مشكلة شحن الهواتف عندما ينقطع التيار الكهربائي.
