دخول الذكاء الاصطناعي سباق التسلح يخلق أزمة دولية

استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري من الناحية التشغيلية أو المستوى التكتيكي ينطوي على تهديدات أمنية عالمية.
الأحد 2024/05/26
الذكاء الاصطناعي يغير مستقبل الحروب

الذكاء الاصطناعي قد يشكل أزمة سياسية عالمية، إذا سمحت بعض البلدان باستخدام الأسلحة ذاتية التحكم – ذاتية التشغيل، بينما ترفض دول أخرى ذلك.

وأكدت على ذلك  بوديل فاليرو، المتحدثة باسم السياسة الأمنية لحزب الخضر في البرلمان الأوروبي: “يجب حظر أنظمة الأسلحة ذاتية التحكم ذاتية التشغيل على المستوى الدولي”.

وشددت على أن سلطة اتخاذ قرار فيما يتعلق بالحياة والموت يجب ألا تخرج من أيدي البشر وتمنح للروبوتات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي.

ومع اقتحام الذكاء الاصطناعي مجالات الحياة كافة، كانت لمجال الدفاع والأمن الأولوية بين تلك المجالات، فأنظمة الدفاع للدول قادرة على الابتكار والتكيف والتطور المتسارع في مجال الهجوم والدفاع والتخفي والتضليل.

حروب اليوم ليست كحروب الأمس، فما كان يعتبر بالأمس رقما صعبا في المعادلة، يحتل اليوم مرتبة عشرية، لذلك من الضروري اعتماد نهج مبتكر داخل وزارات الدفاع، ليس فقط للاستعداد للحروب والتحديات الجسام، ولكن أيضا لتحسين كفاءة وفعالية الخدمات التي تقدمها باعتبارها مؤسسة عسكرية تتحمل مسؤولية الدفاع عن الإقليم والسيادة والشعب.

وبالتالي إذا سعت إحدى الدول للمضي قدما تجاه التكنولوجيا التحويلية لتطوير تحصيناتها الدفاعية وترسانتها العسكرية، فإن ذلك يتطلب اتباع نهج إستراتيجي دقيق وعميق جدا تجاه أدوات وأنظمة الذكاء الاصطناعي، والذي بدوره سيؤدي لبناء أُطر عمل مبتكرة لمؤسسة الدفاع.

وبغض النظرعن التقنيات التي يتم اختيارها باعتبارها أولويات، لن تنجح الاستثمارات والخطط التطويرية إلا إذا ظلت الحكومات تسعى لتسهيل البيئة المناسبة لنجاحها، ومن الضرورات الواجب أن توفرها الدول توفير غطاء سياسي وقانوني وتنظيمي لتلك التكنولوجيا الجديدة.

حروب اليوم ليست كحروب الأمس، فما كان يعتبر بالأمس رقما صعبا في المعادلة، يحتل اليوم مرتبة عشرية

أسهم التحول الكبير خلال العقد الماضي في إحداث تطورات بارزة في مجال ثورة الذكاء الاصطناعي، والتقنيات التكنولوجية المرتبطة به: الحوسبة الكمية/ البيانات الضخمة/ إنترنت الأشياء/ الروبوتات الذاتية/ تكنولوجيا التجسيم/ الشبكات العصبية/ الأسلحة ذاتية التشغيل – ذاتية التحكم/ الخوارزميات فائقة الذكاء/ التعلم الآلي/ التعلم العميق.

حيث أمكن الوصول بها خلال فترات زمنية قصيرة إلى مستويات فاقت توقعات الخبراء والمختصين.

وحقيقة الأمر أن ذلك التطور المتسارع قد جاء مدفوعا بمجموعة من العوامل المحفزة، التي تشمل التطور الهائل في استخدام البرمجيات وكفاءة أدائها، والتوسع في اعتماد قواعد البيانات الضخمة، وكذلك التقدم الملحوظ في تطبيقات التعلم الآلي (Machine Learning)، وإعداد الخوارزميات، وقد اجتذب ذلك كله اهتمام القطاع التجاري، وهو ما أسهم في التوسع في عمليات إنتاج وتطبيق تلك التقنيات، وفتح باب الاستثمار في مجال تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي.

وتزامنا مع اختراق الذكاء الاصطناعي لكافة مجالات الحياة، فإن المجال العسكري يأتي في مقدمة تلك المجالات التي من المتوقع أن تشهد إحداث نقلة نوعية كبيرة في استخدام الحلول المعرفية والأتمتة لتعزيز القدرات وبناء الإستراتيجيات العسكرية على المستويين التكتيكي والتشغيلي.

وقد حذر جيمس جونسون (الأستاذ بجامعة لستر في بريطانيا، والمتخصص في الدراسات الأمنية) في دراسة بعنوان “الذكاء الاصطناعي وحرب المستقبل”:  من الآثار المترتبة على الأمن الدولي ونشرت تلك الدراسة في العدد 35 من مجلة “Defence&Security Analysis” في أبريل 2019 م، والتهديدات الأمنية العالمية التي ينطوي عليها استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري، وإنعكاساته على إعادة ترتيب موازين القوى.

ويناقش جونسون في دراسته المنافسة الجيوسياسية بين الصين والولايات المتحدة، ومدى تأثرها بالسباق الحالي للابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي.

نشير إلي أن الذكاء الاصطناعي قادر علي تطوير القدرات العسكرية التقليدية، سواء من الناحية التشغيلية أو على المستوى التكتيكي، حيث يلعب دورًا يفوق كونه سلاحًافي حد ذاته،  فعلى المستوى التشغيلي، يعزز الذكاء الأصطناعي من القدرات العسكرية من خلال إمكانات (الاستشعار عن بعد، والإدراك اللحظي للمتغيرات، والمناورة المضادة، وإتخاذ القرار تحت تأثيرالضغط ، والتنبؤ بمكامن الخطر وبمصادر الهجوم).

أما على المستوى الإستراتيجي – التكتيكي في صنع القرار العسكري، فسوف تتمكن أنظمة القيادة المعززة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي من تجنب العديد من أوجه القصور الملازمة لعملية اتخاذ القرارات الإستراتيجية التقليدية، حيث ستكتسب القدرة على اتخاذ القرار السريع والتلقائي، بناء على المعلومات المعززة والتغذية العكسية الشبكية، وهو الأمر الذي يجنبها الأخطاء البشرية، ويكسبها ميزة تنافسية مقارنة بأنظمة اتخاذ القرارات التقليدية.

9