الإنسان الآلي وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي سينقذان البشر

النظم الروبوتية وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي هما ما سيساعد الإنسان الطبيعي للبقاء على وجه الأرض ومواجهة تحديات الطبيعة.
الأحد 2024/07/21
على العالم العربي أن يكون منتجا لا مستوردا للروبوتات

انطلقت التكنولوجيا التحويلية لتجعل ما كان مستحيلا في الماضي هو الآن عبارة عن تطبيقات متاحة في متناول الجميع، وبالتالي فإن الروبوتات المدمجة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ستلعب دورا مختلفا في تحديد هوية المستقبل بنجاح، وعن طريق التكنولوجيا التحويلية  ستنطلق الروبوتات وثورة الذكاء الاصطناعي والتي ستحدد توازن القوى القادم، وستغير أصول وقواعد لعبة الأمم، وستحدث تأثيرا واضحا في القواعد التاريخية التي تتحكم بالعلاقات الدولية، لتضفي على العالم قواعد جديدة تجعل من الدول المتطورة في مجال الروبوتات والذكاء الاصطناعي من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، ومن الدول التي ستكون من ضمن الأقطاب الكبرى في العالم خلال القرن الحالي.

ساهم الذكاء الاصطناعي في جعل الروبوت ذكيا ومستقلا في أداء مهامه، ليس فقط الميكانيكية منها، بل وحتى الإدراكية، ويشمل ذلك: القيادة والتفاعل مع البيئة الخارجية باللغة الطبيعية والترجمة بسرعة الضوء والتعرف على الوجوه والشعور بالألم والتعرف على مشاعر الآخرين والقدرة على اتخاذ القرار بمعزل عن الإنسان، والقدرة على الحوار لاكتساب ثقة الآخرين، وهو ما استقطب اهتمام العديد من القادة والساسة للاستفادة منه في مجال العلاقات الدولية والسياسة الخارجية.

وكذلك استقطب اهتمام العديد من العلماء والباحثين للاستفادة منه في مجال الطب والفلك والجيولوجيا وعلم الوراثة وفي العديد من العلوم الاجتماعية والإنسانية، وأيضا استقطب اهتمام الجامعات الكبرى والعملاقة في العالم لسعيها إلى توظيف الروبوت الذكي لأداء بعض الأنشطة والمهام داخل المكتبات، للتحول من المكتبات التقليدية إلى مكتبات ذكية تساهم في تحليل المعلومات للمساعدة في عمليات اتخاذ القرار.

◄ العلاقة التبادلية ما بين إدارة الأزمات والروبوتات علاقة مرتبطة ارتباطا وثيقا، نظرا إلى البيانات الضخمة والهائلة التي سيعجز عقل الإنسان عن تصنيفها وتحليلها لاستصدار قرارات سريعة

لذلك يرجّح بأن الروبوتات وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ستشع النور على البشرية جمعاء وستؤثر في كافة المجالات الطبية والهندسية والجينات الوراثية وكذلك في عملية الصناعات العسكرية، ولن تستطيع أيّ دولة أن تنعزل عن برامج الروبوتات والذكاء الاصطناعي، ذلك أن حركة الصناعة العالمية سترتكز ارتكازا كليا على النظم الروبوتية وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

كما أن أخطر الأزمات التي ستعصف بالعالم لن يتم مواجهتها وكبح جماحها إلا عن طريق استخدام الروبوتات وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ومن أخطرها أزمة التغير المناخي والتي تهدد بفناء دول وأمم من على وجه الأرض، وبالتالي فإن النظم الروبوتية وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي هما ما سيساعد الإنسان الطبيعي للبقاء على وجه الأرض ومواجهة تحديات الطبيعة من زلازل وفيضانات وأعاصير وأوبئة وانهيار للجليد مما سيتسبب في ارتفاع منسوب مياه البحار عن مستوى سطح الأرض، وغرق العديد من المدن، وتلف العديد من الأراضي الزراعية، الأمر الذي ينذر بحدوث أزمة مجاعة عالمية وانهيار للعملة الورقية وازدياد الهجرة العكسية وحدوث الاضطرابات وأعمال الشغب في العديد من مدن وعواصم العالم.

وبالتالي يجب الاستعداد لذلك عن طريق استثمار التكنولوجيا التحويلية في مجال الخير والأعمال الخيرية وإنقاذ البشرية، لتفادي المزيد من الكوارث، حيث أثبت الواقع منذ زمن طويل أن العقل البشري غير قادر على مواجهة تحديات الطبيعة وغضب الكون منفردا.

يجب متابعة تطورات الروبوتات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي للاستفادة من الفرص الواعدة في هذا المجال بهدف التشجيع على صناعة الروبوتات في العالم العربي وربطها بتقنية الذكاء الاصطناعي، ففي ظل اقتصاد السوق والعولمة والمنافسة الدولية والهيمنة العالمية سيصبح استخدام الروبوتات في الصناعة والحياة الاجتماعية ضرورة حتمية يفرضها عصر ما بعد الإنترنت.

سوف تتطلب تلك الحاجة إلى توفر تشريعات لنظم المسألة القانونية وإيجاد أطر أخلاقية وبروتوكولات عرفية لإدماج الروبوتات في مجتمعاتنا، مع تعليم الأجيال الصاعدة كيفية التعامل مع الروبوتات وما مدى أهمية الروبوتات في تطوير نظم الحياة المجتمعية عن طريق تشجيع الاستثمار في تكنولوجيا الروبوتات، التي تتطلب مهارات علمية في العلوم والهندسة الميكانيكية والرياضيات ولغة البرمجة والشبكات العصبية حتى نتمكن من مواكبة التطور والتقدم والازدهار والتنمية وتصبح الدول العربية رائدة في هذه التكنولوجيا المتطورة.

◄ الذكاء الاصطناعي ساهم في جعل الروبوت ذكيا ومستقلا في أداء مهامه، ليس فقط الميكانيكية منها، بل وحتى الإدراكية
الذكاء الاصطناعي ساهم في جعل الروبوت ذكيا ومستقلا في أداء مهامه، ليس فقط الميكانيكية منها، بل وحتى الإدراكية

الروبوتات اليوم لا تنتمي إلى الخيال العلمي، ولكن تطورها بصورة سريعة ومتلاحقة مكنت الروبوت من أن يفكر ويطور نفسه بنفسه إلى أن أصبحت له القدرة على اتخاذ القرارات بمعزل عن الإنسان، وهذا لن يكون تصورا للخيال العلمي، ولكننا نعتقد أنه سيصبح واقعا معيشا في القريب العاجل مع التطور السريع والمذهل للتكنولوجيا التحويلية، ونأمل أن تتوضح ملامح مسار الإنسان الآلي لكى يتمكن العديد من الباحثين والمختصين في هذا المجال من مواكبة ما يطرأ أمامهم من مستجدات بناء على النظرة الإستراتيجية المبنية على القاعدة التاريخية.

ونأمل أن يكون العالم العربي منتجا وليس مستوردا للروبوتات، والفكرة هي ليست أن تحل الروبوتات محل الإنسان الطبيعي في سوق العمل بل إن الروبوتات مهمة جدا في تطوير سوق العمل عن طريق توفير الوقت والتخفيض من التكلفة، حيث أن الاقتصاد القادم وهو عصر ما بعد الإنترنت لن يعتمد على تحديد الموارد كما ونوعا في عملية الإنتاج، بل إن العامل الأساسي لنجاح وتفوق الاقتصاد العالمي الجديد هو الوقت وعامل الزمن.

كما أننا نعتقد أن تطور صناعة الروبوتات تستوجب استصدار قوانين جديدة لتكون هي الضامن ما بين الإنسان الطبيعي والتكنولوجيا التحويلية، وللرد على المخاوف والتساؤلات الجادة والمشروعة التي تطرحها التطورات السريعة والمتلاحقة في صناعة الروبوتات وربطها بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي باستخدام تكنولوجيا التجسيم، والتي يمكنها صناعة روبوتات في هيئة الإنسان الطبيعي. بالإضافة إلى قضايا السلامة الشخصية والأمن النفسي للمواطنين جراء هاجس التطور السريع والمتلاحق للتكنولوجيا والتهديدات المباشرة على مستقبل الإنسان الطبيعي.

يجب أن تكون هناك جهود متنامية للاهتمام بالعلم الجديد وهو “علم صناعة الروبوتات وتقنية الذكاء الاصطناعي”

(The science of making robotics and artificial intelligence technology)، في كافة الجامعات العربية وعلى مستوى مراكز الأبحاث والدراسات الإستراتيجية ويجب علي هيئة البحث العلمي دعم جميع الدراسات الإستراتيجية والأبحاث العلمية المتعلقة بالروبوتات وتقنية الذكاء الاصطناعي بكافة أنواع الدعم المالي والاجتماعي والنفسي وتهيئة المناخ الملائم للباحثين في هذا المجال لكي يتمكنوا من إطلاق قدراتهم الكامنة وإبداعاتهم الخارقة وتحقيق أعلى مستويات علمية وفنية وتقنية في هذا المجال الصاعد.

كما يجب التنويه إلى افتقار البنية التحتية للعلم والمعرفة للخبراء والاستشاريين في مجال التكنولوجيا التحويلية، كما أننا لازلنا نفتقر إلى وجود بنية تحتية تعليمية تتضمن كليات تخصصية في مجال الذكاء الاصطناعي وهيئات بحث علمي في مجال الإنسان الآلي، لمواكبة العصر القادم عصر ما بعد الإنترنت، لكي يتهيأ المواطن لاستقبال الوعي الروبوتي والثقافة الروبوتية وتعلم لغة البرمجة حتى يكون قادرا على المواجهة، وتكون له القدرة على التكيف مع المتغيرات القادمة.

◄ يرجّح بأن الروبوتات وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ستشع النور على البشرية جمعاء وستؤثر في كافة المجالات الطبية والهندسية والجينات الوراثية وكذلك في عملية الصناعات العسكرية

ونظرا إلى أن الروبوتات سوف تدمج مع الإنسان الطبيعي في كافة المجالات والأمور التي تتعلق بالحياة اليومية المعيشية للمواطن، ظهرت الحاجة الملحة إلى ضرورة تقنين هذه التكنولوجيا المتطورة، فحاليا في غياب إطار تشريعي للروبوتات سيكون المستقبل في خطر.

وبالتالي لنفترض أن روبوت عن طريق برامج الذكاء الاصطناعي وباستخدام خوارزميات دقيقة ومنظمة جدا استطاع تأليف مقطع موسيقي جميل ونادر جدا، ولم يستطع تأليفه أيّ إنسان طبيعي على مر العصور والقرون والأزمنة، وحقق هذا المقطع الموسيقي نجاحا كبيرا على مستوى العالم، ونال إعجاب الملايين بل المليارات من البشر، فلمن تؤول حقوق الملكية الفكرية؟ ومن له الحق بالاستفادة من العوائد المالية الطائلة لنجاح هذا المقطع الموسيقي؟

في مثل هذه الحالات ستضطر بعض الشركات الكبرى إلى إبرام عقود تعسفية أثناء بيع الروبوتات، والتي تتضمن شروطا تعسفية تنص على أن العمل الإبداعي الصادر من الروبوت تعود ملكيته الفكرية إلى الشركة المصنعة، وهذا شرط غير قانوني وغير منطقي.

ومن المتوقع عند صناعة الروبوتات قد يكون لكل روبوت اسم إلكتروني خاص به وجنسية إلكترونية ينتمي إليها وشبكة رقمية يتفاعل معها، ومن الممكن أن تكون له هوية خاصة وجواز سفر إلكتروني يتنقل به عبر الدول، وكذلك قد ترافقه حماية شخصية إذا كان له عمل إبداعي أو اختراع فكري يتمتع ببراءة اختراع  ليس لها نظير، وقد يتطور الأمر إلى إنشاء قاعدة بيانات إلكترونية موحدة خاصة بالروبوتات على مستوى العالم.

وبالتالي فإن العلاقة التبادلية ما بين إدارة الأزمات والروبوتات علاقة مرتبطة ارتباطا وثيقا، نظرا إلى البيانات الضخمة والهائلة التي سيعجز عقل الإنسان عن تصنيفها وتحليلها لاستصدار قرارات سريعة، تحت هول الصدمة الناتجة عن شدة تأثير الأزمة، وبالتالي فإن التحول نحو الإنسان الآلي بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي قد يكون هو الخيار الإستراتيجي لتفادى عواقب الإخفاق في إدارة ومعالجة العديد من الأزمات.

8