المؤتمر العربي للنشر يبحث أساليب تعزيز القراءة لدى الجيل القادم

جلسات ثرية ناقشت إستراتيجيات لتعزيز النشر ومجاراة التطور التكنولوجي.
الثلاثاء 2024/04/30
جلسات فكرية وإبداعية ثرية

بمحاور وجلسات متنوعة، مهد المؤتمر الدولي للنشر العربي والصناعات الإبداعية للمعرض الدولي للكتاب في أبوظبي، حيث جمع خبراء وكتابا ومبدعين من شتى المجالات، ليدرسوا واقع النشر ومستقبله بالنظر إلى أهم التحديات التي يواجهها، وفتح المجال أمام الشباب للمشاركة في الحوار وفي الإبداع أيضا، بهدف تعزيز حضور اللغة والثقافة العربيتين.

أبوظبي - اختتم المؤتمر الدولي للنشر العربي والصناعات الإبداعية أعمال دورته الثالثة، التي انعقدت الأحد تحت عنوان “التحوّلات التكنولوجية في صناعة النشر ومحّركات التغيير”، بجلسة حوارية تحت عنوان “توجهات جديدة في أنماط القراءة: نحو تعزيز حب القراءة في الجيل القادم”.

الجلسة حضرها لويس غونزاليس، المدير العام لمؤسسة كاسا ليكتور في إسبانيا، وإيزوبيل أبوالهول شريك مؤسس لمكتبات مجرودي، مؤسس ومستشار وعضو مجلس أمناء مؤسسة الإمارات للآداب، ومحمد البغدادي، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة المنهل للمحتويات العربية. وأدارت الجلسة جورجيا تولّي، مقدمة برامج ومحاورة عبر إذاعة “دبي آي”.

هوية ثقافية

علي بن تميم: جائزة الابتكار الجديدة تعزز تقدير اللغة العربية والثقافة لدى الشباب
علي بن تميم: جائزة الابتكار الجديدة تعزز تقدير اللغة العربية والثقافة لدى الشباب

ناقش المتحدثون في ختام المؤتمر الإستراتيجيات الإبداعية والتفاعلية لغرس حب القراءة في نفوس أجيال المستقبل، وتركّزت النقاشات على المحتوى التفاعلي باللغة العربية بمشاركة نخبة من الخبراء والمفكرين، الذين استعرضوا الأساليب التحويلية التي من شأنها تعزيز شغف الأطفال بالأدب وترسيخ دور القصة العربية في بناء هوية ثقافية مميزة.

وأكدت أبوالهول، ضرورة تعزيز حب القراءة في أطفالنا، وهذا يرجع بالأساس إلى وجود بيت محب للقراءة وإدراك الوالدين أن تعلق أبنائهم بالقراءة يجعلهم متفوقين على أقرانهم، فيعملون على الاهتمام بالتغذية العقلية جنبا إلى جنب مع التغذية العادية، وهذا الإدراك مهم لكل بالغ يتعامل مع الأطفال وليس محصورا على الوالدين.

بينما أشار البغدادي إلى العقبات التي تواجه النشر الإلكتروني، وكيفية التواصل مع الأطفال كي يستمروا في حب القراءة منذ نعومة أظفارهم، خاصة وأن أطفال هذا العصر أصبحوا يستطيعون التوصل إلى المعلومة بمجرد ضغطة زر، ولكن علينا تدريبهم وتحبيبهم في القراءة باستخدام التكنولوجيا، ويستمر ذلك خلال مراحل بناء وتكوين الشخصية، إذ إن التكنولوجيا مُمّكن عظيم ولكن لها مشاكلها الخاصة التي يجب التحوط لها. ومن الضروري استثمار الكثير من المال في مجال القراءة الإلكترونية خاصة مع شح المحتوى العربي، رغم كثرة الإصدارات التي تتشابه في المحتوى رغم اختلاف العناوين.

وقال لويس غونزاليس إن الأبحاث أثبتت أن القراءة عملية صعبة وخارجية وجهد مضاعف على العقل البشري، ومن أسباب عدم الاهتمام بالقراءة تبعا لأحد الأبحاث التي أجريت قبل 3 سنوات، هو تأثير مجموعة الأصدقاء التي تعتبر القراءة مسألة مرتبطة بالواجب المنزلي، وتؤدي بالشخص إلى الانفصال عن الأصدقاء، فضلا عن تحد آخر وهو عدم توفر المال للحصول على الكتب، وهناك بعض المكتبات لا تستطيع توفير الكتب لأعداد كبيرة من الناس. وهي عوامل يجب تضافر الجهود بهدف التغلب عليها من أجل الوصول إلى أجيال متعلقة بالقراءة ومدركة لأهميتها في سائر شؤون حياتهم.

وجاء المؤتمر هذا العام تمهيدا لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب 2024 الذي انطلق الاثنين ويستمر حتى الخامس من مايو المقبل في مركز أبوظبي الوطني للمعارض “أدنيك”، تحت رعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.

وتناولت جلسات المؤتمر موضوعات حيوية في قطاعات النشر والصناعات الإبداعية أبرزها “دور الصناعات الثقافية والإبداعية في دعم الاقتصاد”، و”اقتصاد الصناعات الإبداعية وتعاون القطاعين العام والخاص”، إلى جانب “أسرار صناعة السينما: العلاقة الديناميكية بين الأدب والتطويع السينمائي”، و”تطويع الألعاب الرقمية لسرد قصصي عالمي يتعدّى الحدود الثقافية”.

المؤتمر اختتم بجلسة حوارية تحت عنوان "توجهات جديدة في أنماط القراءة: نحو تعزيز حب القراءة في الجيل القادم"

كذلك سلّط المؤتمر الضوء على محور “تطوّر أذواق المستهلكين في عصر إنشاء المحتوى عبر المنصّات المتعدّدة”، وناقش فيه التحولات الجذرية التي طرأت على استهلاك المحتوى وميول المستهلكين، كما تطرق إلى كيفية تحقيق التوازن بين ما يطمح إليه المستهلك من محتوى متنوع وهادف.

 كما خصص المؤتمر جلسة لمناقشة “توجّهات جديدة في أنماط القراءة: نحو تعزيز حبّ القراءة في الجيل القادم”، بالإضافة إلى موضوع “ما بعد البيانات: تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي على البشريّة”.

ومن بين المتدخلين في الجلسة، قال نديم صادق، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “شيمر آي”، “إن الذكاء الاصطناعي أمر مبهر للإنسان، لأنه سريع الأداء، فنحن لم نكن معتادين على ذلك، فكان البحث في ما مضى يستغرق مدة طويلة، أما الآن فهو سريع جدا ومدهش إلى درجة تشعر البعض بالذعر، كما كانت القدرة على التدجين مرتبطة بالإنسان، والآن نرى الآلة تقوم بهذا الأمر عوضا عنه، إنها لحظات نادرة على مر التاريخ، فقد أدت إلى ازدهار البشرية بدون عمل”.

كما تحدث عن الجوانب الأخلاقية والنفسية لتأثير الذكاء الاصطناعي على الحياة اليومية للبشر، لافتا إلى أهمية الحديث عن التشريعات لاستخدام هذا التطور في مجالات مثل السلاح، وإطلاقها العنان في مجالات أخرى مثل التعامل مع الطفل على سبيل المثال.

من جهته، استعرض بريسلاف ناكوف، وهو أستاذ في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، بعض التحديات الأساسية التي تواجه الشباب من صناع المحتوى والمؤلفين، مشيرا إلى أن بعض الطلاب لديهم لغات حديثة متطورة وهم يستخدمونها بشكل جيد في النصوص، ولكن يجب عدم المبالغة في الأمر كونه يعقّد الجمل أكثر من اللازم، مضيفا أن الذكاء الاصطناعي يقوم بكتابة رسالة إلكترونية طويلة جدا، لكن معناها لا يتجاوز كلمتين، كما أنه قد ينتج محتوى ليس ذا قيمة، لذلك لا يمكن الاستغناء عن البشر، بل علينا إيجاد طرق للتعاون بين الآلة والعقل البشري، لأن الذكاء الاصطناعي هو بمثابة “طيار مساعد”.

دعم للمواهب

محاور وجلسات متنوعة

عقد المؤتمر برنامجا لدعم المواهب الشابّة من خلال مجموعة مسارات تتضمّن الواقع الممتد عبر نظرة على عالم رواية القصص وصناعة المحتوى التفاعلي، وتقنيات كتابة السيناريو لصياغة قصص مؤثّرة لعرضها على الشاشة. إلى جانب الترويج عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والإستراتيجيات التي تتيح للمؤلفين والناشرين الترويج لأعمالهم بفعّالية، والتفاعل مع جمهورهم، وسُبل إنشاء أستوديو منزلي احترافي عبر مجموعة من الإرشادات لتصميم أستوديو مستدام وفعّال للبودكاست وصناعة المحتوى وإنتاج الفيديو، بالإضافة إلى مسار القصص المصوّرة والروايات المرئية لاستكشاف فن سرد القصص من خلال الوسائط المرئية، وتقديم إحصائيات الكتب التفصيلية لبيانات النشر بما يُوفّر معلومات قيّمة عن اتجاهات السوق وتفضيلات المستهلكين.

وشهد المؤتمر أيضا عقد جلسات التبادل المهني مع وكلاء الأعمال الأدبية والأفلام بهدف دعم بيع حقوق النشر والترجمة وشرائها، وتوفير فرص لتحويل النصوص إلى إبداعات مرئية. كما احتضن مسابقة لعرض أفضل الأفكار في مسابقة تتحدّى المشاركين لاستخدام التكنولوجيا والابتكار لتعزيز تعلّم اللغة العربية وتمكين المواهب الإبداعية الشابة في دولة الإمارات، بالشراكة مع جهات من القطاع الخاص.

واستضاف معرض ومسرح العروض في المؤتمر تجارب تفاعلية عرضت أحدث ما توصّلت إليه تقنيات النشر والمحتوى. كما مثّل ساحة للتفاعل والتعلّم والاكتشاف، إذ دعا الحضور إلى اختبار أحدث التقنيات، بدءًا من تطبيقات الواقع المعزّز والواقع الافتراضي في النشر، وصولا إلى البرامج المتطوّرة التي أحدثت تحوّلا في صناعة المحتوى ونشره. وتلقى المشاركون آراء مباشرة من الجمهور، بينما حظي الزوّار بنظرة قيّمة على مستقبل قطاع النشر.

المؤتمر سلّط الضوء على محور “تطوّر أذواق المستهلكين في عصر إنشاء المحتوى عبر المنصّات المتعدّدة”، وناقش فيه التحولات الجذرية التي طرأت على استهلاك المحتوى وميول المستهلكين

وخلال فعاليات جلسة “حوارات مبتكرة”، أجمع المشاركون على أهمية القصة والسرد في العمل السينمائي. وذلك خلال الحوار الذي جاء بعنوان “أسرار صناعة السينما: العلاقة الديناميكية بين الأدب والتطويع السينمائي” وشارك فيه كل من الممثل أحمد حلمي والمخرج السينمائي مروان حامد والروائي وكاتب السيناريو أحمد مراد.

من ناحية أخرى، أطلقت النسخة الثالثة من المؤتمر الدولي للنشر العربي والصناعات الإبداعية مبادرة “جائزة مسابقة الابتكار للشباب” الجديدة، والتي تهدف إلى الاستفادة من التكنولوجيا لإثراء تعلّم اللغة العربية ورعاية المواهب الإبداعية في مجالات الفنون والإعلام والشعر.

واستحدث المؤتمر أول منصة لريادة الأعمال وريادة الأعمال الداخلية للشباب في دولة الإمارات، وتهدف إلى توفير منصة للشباب للتعلم المبتكر والإبداع بمجالي اللغة العربية والصناعات الإبداعية.

وفي هذا السياق، قال الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، إن “الجائزة مصممة لتسهم في صنع أثر على المدى الطويل على صعيد تمكين الشباب، وتوفير البيئة المناسبة لتعزيز تقديرهم للغة والثقافة، وإرساء معايير نظام أكاديمي مترابط يسهّل تبادل الأفكار والخبرات”.

وتدعو الجائزة الشباب العرب، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و39 عاما، إلى مشاركة أفكارهم النيّرة. وتشمل الفئات المستهدفة الطلبة الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و21 عاما، والمبدعين ورواد الأعمال الذين تتراوح أعمارهم بين 21 و30، والطلبة الناطقين باللغة العربية الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و21، والمبدعين ورواد الأعمال الناطقين باللغة العربية الذين تتراوح أعمارهم بين 21 و39 عاما.

12