اِلعب بالرمل ولا تتعب

التلقين لعنة التعليم والفهم سيد كل العلوم وحتى نبراس الناس في الحياة.
الأربعاء 2023/09/06
استعداد لرحلة جديدة بطلها التلميذ

اِلْعَبْ بالرمل ولا تتعب

قَدْ أَوْشَكَ صَيْفُكَ أَنْ يَذْهَب

ونحن نستأذن الشاعر جعفر ماجد لنقول:

وَقَرِيبًا تَأتي المدرسة

وتريد اللعب فلا تلحق.

العودة المدرسية استنفار من الأولياء وكأن ابنهم سيتعلم السير على حبل سيرك فإذا ارتعش وقع.. يتحول البيت إلى ما يشبه المؤسسة الإصلاحية والتي على صرامتها لا تنير طريق المنحرفين الذين نادرا ما يستقيمون.

مع بداية الدراسة يصبح الطفل رهينة يسلمه أهله للمدرسة التي تسلمه بدورها لـ"الغارد" وتترجم (الحراسة) ليتسلمه أهله في آخر النهار.

الحال يثبت أن ما يرسخ في ذاكرة الطفل هو ما تعلمه في فضاء أرحب من تلك الفصول الضيّقة والمكتظة حيث يضربون الطفل لأنه لم يحفظ جدول الضرب حتى يكره الأرقام التي يُقيّمونه من خلالها، فيكون في الامتحان صفر من عشرين أو عشرة من عشرين أو أي رقم آخر بدل الملاحظات التي ترشده.

الأطفال الفقراء محظوظون أمام ميسوري الحال الذين يعيدون البرامج الدراسية أكثر من مرة في الدروس الخصوصية التي تملأ يومهم ثم ينجحون نجاح الراسب لأنهم يعيدون درس الرياضيات مرة أو مرات كما أعادوا العلوم الطبيعية والتاريخ والجغرافيا..

التلقين لعنة التعليم والفهم سيد كل العلوم وحتى نبراس الناس في الحياة.. الحياة التي تنبض بالفنون لا تفتح حضنها لدكاترة وفيزيائيين ومهندسين لا تطربهم الموسيقى ولا يسحرهم المسرح ولا تسرق النوم من عيونهم رواية ليستيقظوا وهم يدندنون أغنية التقطتها آذانهم صباحا.

الطفل مسكين يجرّ محفظة كتب تكسر الظهر يفيض ما بها على عقله الصغير فيتقيّأ ما صُبّ له بالقمع بعد الامتحان الذي ينتظره الأهل.. الأهل الذين يتفاخر أغلبهم بنتائج اشتروها بمالهم لسنوات طويلة.. وبالمال نحصل حتى على شهادات جامعية من الكليات الخاصة، لكننا هل نحصل على طبيب حقيقي؟ ربما يأتي يوم نحذر فيه المرضى بالبنط العريض: تجنبوا الأطباء واسألوا عن الحشائش التي تشفيكم بدل استشارة صيادلة الدروس الخصوصية، أو الأفضل أن يعلقوا شهادة فقر لسنوات التعليم مع شهادة الاختصاص الجامعي فذلك يعني أنهم كدّوا فنجحوا.

أمر آخر يبدو عجيبا في أول حصة دراسية والتي تسمى حصة التعارف.. هي جيدة تقرب التلميذ من معلمه وأستاذه، لكن السؤال عن مهنة الوالد فيه رائحة طمع أو أكثر..

طلبي بكل رجاء منكم سادتي المدرسين أن لا تسألوا ذلك السؤال الذي وإن كانت فيه مفخرة للبعض، فقد يكون فيه حرج للبعض الآخر ممن كان أبوه يكد بعرق جبينه ليعود لهم بطعام بسيط، هذا إن لم يفتح ذلك السؤال جرحا أو وجعا لمن فقد والده قبل أيام أو أشهر أو حتى سنوات.

18