الجزائر تحصن أطفالها من مخاطر الشبكة العنكبوتية

شبكات إجرامية تستدرج الأطفال للجريمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
السبت 2023/06/03
الحملات التحسيسية مهمة في توعية الأطفال بمخاطر الإنترنت

تسعى السلطات المختصة في حماية الطفل والمراهق بالجزائر إلى تحصين الأطفال من مخاطر الشبكة العنكبوتية، على خلفية تنامي الشبكات الإجرامية التي تستدرج الأطفال للجريمة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ومنها السرقة وتجارة المخدرات. وضبطت الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل برنامج نشاطها الميداني للفترة 2023 – 2028، في مجال  التحسيس والتوعية بمخاطر الاستعمال السيء لوسائط التواصل الاجتماعي، حتى لا يقع الأطفال ومن ورائهم عائلاتهم ضحية للابتزاز الإلكتروني.

الجزائر - كثفت مؤسسات وهيئات رسمية وأهلية في الجزائر، تهتم بالأمن الإلكتروني للطفولة، من حملات التحسيس والتعبئة من أجل تحصين الأطفال من مخاطر الشبكة العنكبوتية التي باتت تهدد حياتهم، بسبب تصاعد سلوكيات الإجرام الإلكتروني في الحياة اليومية، وتحولها إلى مصدر استغلال وابتزاز للأطفال ومن ورائهم عائلاتهم.

كشفت تحقيقات أمنية في الجزائر عن شبكات إلكترونية تقوم باستدراج الأطفال عبر شبكات التواصل الاجتماعي، لتنظيمهم في شبكات إجرامية، ثم استغلالهم وابتزازهم إلى درجة وصلت إلى تحويلهم إلى عناصر نقل للمخدرات والحبوب المهلوسة أو السرقة، مقابل عدم نشر صور أو تسجيلات حميمية تلتقط لهم.

وأكد المشاركون في مؤتمر دولي حول “الأمن الرقمي في الجزائر بين وعي المجتمع وهشاشة المستخدم”، ضرورة التوعية المستمرة للأطفال والشباب بمخاطر الاستعمال السيء لوسائط التواصل الاجتماعي.

وشدد المتدخلون في هذا اللقاء، المنظم من طرف مخبر الدراسات الاجتماعية والنفسية والأنثروبولوجية لجامعة الشهيد أحمد زبانة بمدينة غليزان، بالتنسيق مع مديرية الأمن الولائي، على “ضرورة التحسيس الدائم والتكثيف من العمليات التوعوية حول مخاطر الاستعمال السيء لوسائط التواصل الاجتماعي والتكنولوجيات الحديثة”.

ولفت مسعدي هواري بومدين، ضابط شرطة رئيسي من المصلحة الولائية للشرطة القضائية لأمن محافظة غليزان، في مداخلته حول “الجريمة السيبرانية” إلى مخاطر الاستعمال العشوائي وغير الآمن لمختلف وسائل ووسائط التواصل الاجتماعي، خاصة من طرف الأطفال والشباب، الذين يستعملون هذه الفضاءات الافتراضية بشكل كبير، وكثيرا من يواجهون مشاكل أو يقعون ضحايا عمليات قرصنة.

على أولياء الأمور مرافقة أبنائهم لتوجيههم نحو الاستعمال الصحيح لشبكة الإنترنت، وتوعيتهم قصد حمايتهم من المخاطر

وأبرز المتحدث دور الأولياء في مرافقة أبنائهم لتوجيههم نحو الاستعمال الصحيح والآمن لشبكة الإنترنت، وتوعيتهم قصد حمايتهم من مختلف المخاطر التي قد تنجم عن استعمالهم السيء لهذه التكنولوجيا.

ولفت إلى أن مصالح الشرطة بالمحافظة تقوم على مدار الموسم الدراسي بحملات تحسيسية وتوعية عبر المؤسسات التربوية والتكوينية حول مخاطر استعمال الإنترنت بشكل غير صحيح، قصد رفع نسبة الوعي وحماية الأطفال والشباب.

وأكد الدكتور عبدالكريم الوزان من الجامعة “الأفرو آسيوية ” بمصر في مداخلته حول “التحول الرقمي بين الواقع والمأمول”، أن “التطورات الحاصلة في مختلف العلوم والتكنولوجيا والاستعمال المتزايد لتكنولوجيات الإعلام والاتصال، زادا من الجرائم السيبرانية والإلكترونية، لكون هذه الجرائم والتهديدات تتطور وتتغير بسرعة”.

ودعا إلى “ضرورة تضافر جهود مختلف الفاعلين من الباحثين والأكاديميين في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال، وكذلك علماء النفس والاجتماع والمصالح الأمنية لتحصين مواقع ووسائط التواصل الاجتماعي”.

وأكد رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل “ندى” عبدالرحمن عرعار، بالعاصمة، أن الشبكة سطرت برنامج نشاطها للفترة 2023 – 2028، في مجال الطفولة.

وأوضح منسق الشبكة أنه “تم تسطير محاور برنامج الشبكة المتعلق بنشاطها الميداني وبإشراك جمعيات وفاعلين في المجال، وذلك بهدف توحيد الجهود في إطار عمل جماعي مشترك يرمي إلى المساهمة في تعزيز حقوق الطفل”.

تم تسجيل العديد من حالات الأطفال الذين يعانون من مشاكل نفسية خلال السنوات الأخيرة، بسبب استعمال الطفل للوحات الرقمية والهواتف الذكية لساعات طويلة

وأضاف “شبكة ندى ترمي إلى تنظيم لقاءات توعوية في عدة مجالات، تخص منافع ومخاطر الإنترنت والتكنولوجيات الحديثة، علاوة على لقاءات تحسيسية للمساهمة في ترسيخ ثقافة حقوق الطفل”.

وشدد على أهمية تعزيز الشراكة والتنسيق بين شبكة “ندى” ومختلف الجمعيات والقطاعات والهيئات المعنية في مجال الطفولة.

وحذرت الأخصائية النفسية سعيدة بوناب من “الاستعمال المفرط للأطفال للإنترنت بما تحمله من خطورة على الصحة النفسية والبصرية عليهم”، ودعت إلى “تعويض استعمال الإنترنت بألعاب بيداغوجية وكتب تربوية من شأنها أن تغذي عقل الطفل وتنميه وتحمي صحته”.

وأوضحت المتحدثة أن “استخدام الإنترنت له إيجابيات وسلبيات أيضا، لذا يجب على الأسرة الحد من سلبيات استخدام الإنترنت لتسببه في عامل الإدمان وظهور حالات اكتئاب، إضافة إلى ضعف في النظر بسبب استعمال الطفل للوحات الرقمية والهواتف الذكية لساعات طويلة مما يؤدي أيضا إلى ضعف التركيز”.

وكشفت أنه تم تسجيل العديد من حالات الأطفال الذين يعانون من مشاكل نفسية خلال السنوات الأخيرة، بسبب استعمال الطفل للوحات الرقمية والهواتف الذكية لساعات طويلة ودخوله إلى مواقع غير أخلاقية وغير تربوية، مما أثر بشكل كبير على نفسيته وتركيزه.

وأرجعت المتحدثة ذلك إلى “عدم قيام الأولياء بأدوارهم كما ينبغي في ما يتعلق بمراقبة وتوعية أطفالهم” متسائلة عن سماحهم لأطفالهم باللعب بهذه الأجهزة الرقمية لساعات طويلة دون مراقبة ولا متابعة، داعية في ذات السياق إلى “تعويض الإنترنت بالكتب التربوية والتثقيفية التي من شأنها تغذية عقل الطفل وتنمية ذكائه ولغته وحماية صحته”.

وكانت المديرية العامة للأمن الوطني بالتنسيق مع قيادة الدرك الوطني، قد أطلقت حملة وطنية مشتركة للتوعية بمخاطر الاستعمال السيء للإنترنت من قبل الأطفال.

ودعم المنظمون حملتهم بـ”نشاطات ميدانية عبر الـ58 محافظة، تهدف أساسا إلى توعية الأولياء بالمخاطر التي قد تترتب على سوء استعمال الإنترنت ووسائط التواصل الاجتماعي من قبل الأبناء”.

وذكر بيان أمني بأن “المصالح الأمنية سجلت عدة قضايا مرتبطة باستغلال القصر عبر الفضاء الأزرق واستدراجهم نحو الجنوح”.

15