فن الفرجة والانتظار

هل تقدر الوزارة في الأخيرة على أن تلزم المنتج/ النقابة بإنهاء المسرحية دون حاجة إلى جزء ثان وثالث، وتنهي الفرجة المفتوحة؟
الجمعة 2023/04/28
زبدة الجهد قد تذهب سدى

قبل أسابيع قليلة من امتحانات نهاية العام، لا تعرف العائلات التونسية إن كان أبناؤها سيجتازون العام الدراسي بسلام أم لا.

صحيح أن الدروس تتم في كنف الهدوء والبرامج تقدم في وقتها والوزارة تتجهز لإنجاح الامتحانات وخاصة امتحان البكالوريا، لكن المشكلة تكمن في أن النقابات تتمسك بقرارها منع تسليم النتائج إلى الإدارات في المدارس الابتدائية والمعاهد الثانوية، وهو ما يعني أن زبدة الجهد قد تذهب سدى مع نهاية العام، بما في ذلك تعب العائلات وسهرها وإنفاقها السخي على الكتب والكراسات والأقلام والملابس، وخاصة الدروس الخصوصية التي يتنافس عليها المدرسون صباح مساء وليلا.

النقابة والوزارة تتعاملان مع الأمر بدم بارد، كل طرف يعتقد أن الوقت في صالحه، وأن الطرف الآخر سيضطر إلى التنازل في الأخير. كلاهما يعتقد أن خصمه سيجد نفسه في آخر المطاف بمواجهة مع الناس، خاصة أن الإجراء بحجب الأعداد، الذي يستمر من بداية العام، يهم عشرات الآلاف من العائلات، وهو ما يعني أن الأمر لن يمر دون ردود فعل غاضبة.

لحد الآن، الجميع يمارس فن الفرجة والانتظار بدم بارد، بمن في ذلك العائلات التي تعتقد أن الوزارة ستجد حلا، والوزارة تنتظر أن تتحرك الحكومة لتجد حلا، والحكومة تنتظر أن يجد رئيس الجمهورية حلا، فيما النقابة تكتفي بالصمت وتتجنب الحديث عن الموضوع سوى بالتلميح مستشعرة حالة الإحراج التي تعيشها خاصة أن الكثير من المدرسين يريدون إيقاف هذه اللعبة المفتوحة.

يتخذ القياديون في النقابة القرار في الغرف المغلقة، مع العلم أنهم متفرغون للنقابة ويحصلون على رواتبهم كاملة مع الزيادات والعلاوات، فيما يجد المدرسون أنفسهم في مواجهة مع الأولياء ومع التلاميذ الذين بدأت الشكوك والتساؤلات تتسرب إليهم، وهي تساؤلات يعجز المدرسون عن الإجابة عليها لأنهم غير مقتنعين بأسلوب العرقلة المفتوحة، ولا يفهمون خفايا القرار والجهات المستفيدة منه، وهل أن الحكومة ستستجيب كالعادة وتنفذ مطالبهم بالرغم من أنها لا تقدر عليها في وضعها المالي الحالي.

المهم أن الفصل الثالث والأخير من هذه المسرحية سينهي حالة الفرجة والانتظار التي استمرت من بداية العام، وسيكون على المخرج/ الوزارة أن يجد صيغة للتحكم في تشعب الأحداث وتنطع الممثل الرئيسي الذي يريد أن يكون بطلا فوق كل الشخوص وأن يحصل على الجائزة الأولى لوحده عن كل الأدوار الرئيسية والثانوية.

هل تقدر الوزارة في الأخيرة على أن تلزم المنتج/ النقابة بإنهاء المسرحية دون حاجة إلى جزء ثان وثالث، وتنهي الفرجة المفتوحة؟

18