"الشللية" وخلل النشر والتسويق أكبر العقبات أمام أدب الطفل العربي

رغم أهميته البالغة لا يزال أدب الطفل في العالم العربي يتحرك ببطء ويعاني من تحديات كثيرة أدت إلى تراجعه، لذلك ينادي الكثير من الأدباء المختصين في الكتابة للطفل بضرورة توفير الدعم اللازم لكل العاملين في حقل أدب الأطفال والناشئة، من أجل خلق حركية إنتاجية مؤثرة تتخطى الدوائر الضيقة التي يتحرك فيها اليوم.
القاهرة - بعض الكتاب والناشرين العرب يستسهلون الأدب الموجه للطفل، ويلفقون أعمالا مفرغة إلا من بهرج لوني سرعان ما يزول، بينما يرى آخرون أنه من أصعب أنواع الكتابات، فيما يقر البعض الآخر بتأخر الأدب العربي عن مواكبة هذا الإبداع الضروري لمستقبل المجتمعات، وربما تحسن واقع هذا الأدب نسبيا لكنه مازال يواجه تحديات كثيرة. وفي مصر لا يختلف واقع أدب الطفل عن نظيره العربي الذي يستحق دعما أكبر والتأسيس الحقيقي لصناعة ثقافية هامة، ولها مردودها الكبير المادي وغير المادي.
يقول كاتب الأطفال المصري السيد شليل إن “بعض كُتّاب الأطفال العرب يبدو أنهم باتوا اليوم موظفين لدى أصحاب دور النشر، وحقل الكتابة للطفل صار يعاني من تدخل الكثيرين من غير ذوي الخبرة والذين تجرأوا على الكتابة لهذه الشريحة الهامة دون علم أو معرفة بآليات الكتابة”.
صناعة صعبة
ويضيف شليل، في مقابلة معه، أن “صناعة كتاب جيد للأطفال أصبحت أمرا صعبا في العالم العربي، خاصة في ظل زيادة كلفة الطباعة وارتفاع أسعار الورق والأحبار وتأثر حركة البيع”، لافتا إلى وجود دور نشر متماسكة تواصل مهمتها “النبيلة بكل عزيمة وإصرار من أجل أن يحصل الطفل العربي على منتج هادف، وهو الهدف الذي يسعى له الكُتّاب”.
وحول رؤيته للعقبة الأبرز التي تواجه العاملين في حقل أدب الطفل، يشير إلى أن العقبات كثيرة؛ منها قلة منابر النشر والتسويق وسيطرة ما أسماه بـ “الشللية”، ونوّه إلى أنه بالرغم من كل ذلك تظل التجارب والمبادرات الفردية تؤدي دورها وتعالج الكثير من القصور الموجود في الكثير من المؤسسات الثقافية الحكومية.
واعتبر أن تلك العقبات أدت إلى عزوف الطفل في العالم العربي عن القراءة وانصرافه إلى العالم التقني والتكنولوجي حيث السينما بخيالاتها الجامحة وإمكانياتها المتعددة وغير ذلك مما تتيحه له الوسائل التكنولوجية.
وحول رؤيته لدور كل من الكاتب والمؤسسات الحكومية المعنية بتحقيق نهضة حقيقية لأدب الطفل في العالم العربي، يقول شليل إن “دور الكاتب أن يكتب ويقدم نصا جميلا مفيدا يرسخ من خلاله قيما نبيلة بأفكار مدهشة، وأن يقيم جسرا من التواصل الإنساني بينه وبين الطفل”، مشيرا إلى أن دور المؤسسات الحكومية المعنية هو دعم وتيسير حركة النشر والتوزيع، وذلك حتى تستمر عملية صناعة الكتب الجيدة، ويجد الطفل في ربوع العالم العربي محتوى جيدا يشبع شغفه ويحترم عقله وقدراته.
يقترح شليل قيام المؤسسات الحكومية، المعنية برعاية الآداب الموجهة للأطفال العرب، بتشجيع ودعم المبادرات الفردية لبعض الناشرين، وكذلك الكُتاب ممن يصدرون دوريات ثقافية موجهة للطفل، خاصة وأن بعض المبادرات الفردية الحالية لدعم حركة النشر الموجهة للطفل، سواء من قبل ناشرين ودور نشر خاصة أو من قبل كُتاب أطفال، هي مبادرات مهددة بالتوقف لما تعيشه من ظروف صعبة تتعلق بالتمويل.
وعي ثقافي حقيقي
ويرى أنه لا بد من إشراك بعض الوزارات ذات الصلة في دعم دور النشر وما يصدر عنها من مجلات وكتب من خلال عمل اشتراكات للمدارس والأندية ومراكز الشباب وإيجاد خطط حكومية تساعد على التوزيع الجيد لكل ما يصدر من مطبوعات موجهة للأطفال في كل أرجاء العالم العربي، فضلا عن الحاجة إلى تشجيع انتشار الكتاب الإلكتروني وإقامة منصات رقمية متخصصة لهذه الصناعة.
وحول رؤيته لأهمية حضور التراث في الآداب الموجهة للطفل يقول شليل إن التراث حاضر بقوة في الكتابات الموجهة للطفل، مشددا على أنه من أجل تأسيس وعي ثقافي حقيقي لا بد أن يعرف الأطفال تراثهم من خلال توثيقه بالقصص التي تُروى لهم.
وفيما يتعلق برؤيته لدور المجلات الموجهة للطفل ومدى قدرتها على إبلاغ رسالتها، يقول إن المجلات الموجهة للطفل في العالم العربي تجتهد من أجل البقاء والاستمرار في إيصال رسالتها وذلك في ظل ما تواجهه من مشكلات تهدد وجودها، لافتا إلى أنه رغم وجود الكثير من المجلات المعنية بالطفل في البلدان العربية إلا أنها لا تُشبع نهم الناشئة.
يُذكر أن كاتب الأطفال المصري، السيد شليل، عضو في اتحاد كتاب مصر، بجانب عضويته في قصر ثقافة دمياط، وسبق له الحصول على منحة تفرغ من وزارة الثقافة المصرية في مجالي الرواية وأدب الطفل، وقد صدر له 26 مؤلفا موجها للأطفال والناشئة، إضافة إلى ستة مؤلفات تحت الطبع.