تلفزيون رسمي لا يهتم للكرة

حصلت مناوشات كثيرة بين الإدارة الجديدة التي تستمد قوتها من الدعم السياسي وبين نقابات منتخبة ظلت لسنوات تعتقد أن التلفزيون يمكن أن يكون مؤسسة مستقلة بذاتها.
الأحد 2022/11/27
غلق الباب أمام الرياضة

على عكس كل التلفزيونات، الحكومية والخاصة، فإن التلفزيون الحكومي في تونس لا يهتم لأمر كرة القدم بالرغم من أن منتخب تونس يشارك في مونديال قطر، وهناك اهتمام واسع شعبي وإعلامي بهذه المشاركة، ويتابع الناس كل صغيرة وكبيرة.

منذ 25 يوليو 2021، غير التلفزيون مزاجه تماما، لم تعد تعنيه مقابلات كرة القدم، ولا المسلسلات الجديدة، ولا المنوعات الكبرى التي كان يختص بها في السابق مساء السبت ويوم الأحد، حيث ظلت بعض أسماء المنشطين محفورة في أذهان الناس بسبب منوعاتهم، مثل الراحل نجيب الخطاب وهالة الركبي.

ثمة عقل جديد يدير التلفزيون الحكومي التونسي، ليس فقط للاعتبار المالي، خاصة أن التلفزيون عليه ديون كثيرة، ويريد أن يتقشف، ولو أدى به الأمر إلى وقف الإنتاجات الجديدة إلا ما ندر منها. وتتحجّج الإدارة بالديون وبأعداد الموظفين الكبيرة من صحافيين وتقنيين وإداريين وأسطول السيارات والسائقين.

وحصلت مناوشات كثيرة بين الإدارة الجديدة التي تستمد قوتها من الدعم السياسي وبين نقابات منتخبة ظلت لسنوات تعتقد أن التلفزيون يمكن أن يكون مؤسسة مستقلة بذاتها، تختار برامجها ومواقفها بحرية تامة، وأن لا دور للحكومة سوى ضخ الأموال لأجل الرواتب والإنفاق على البرامج الحالمة.

طبعا ليس هناك حكومة في الدنيا تقبل أن تمول مؤسسة إعلامية لله في سبيل الله، والأدهى أن تكون هذه المؤسسة ضد سياساتها ومواقفها، وتتعمد تهميش نشاط رئيس الجمهورية أو رئيسة الحكومة والوزراء بزعم الحياد والمهنية.

نعود إلى كرة القدم والعداء الصامت بين الدولة وبين برامج الكرة بأنواعها التي على الأرض أو التي في السلة، التي تلعب بالأيدي أو بالأرجل. في السابق كان النظام يغدق على الكرة الأموال ويدفع لأجل شراء حقوق بث البطولة المحلية ومشاركة الأندية التونسية في البطولات الأفريقية والعربية. وطبعا يدفع بلا حساب لمشاهدة مباريات المنتخب.

الآن، جامعة كرة القدم تقدم التنازل تلو التنازل للتلفزيون العمومي لشراء مقابلات البطولة المحلية، وهو يرفض رفضا قاطعا. المنتخب لا يعنيه كثيرا، خاصة في ظل تولي بي.إن سبورت نقل المقابلات التي يشارك فيها رسمية أو ودية، في أمم أفريقيا أو مونديال قطر، وما على الناس سوى الذهاب إلى المقاهي للمشاهدة بمقابل.

لكن المثير للاستغراب أن القنوات الخاصة تشتري الفيديوهات من بي.إن سبورت أو تحصل عليها مجانا مقابل الخدمات التسويقية للمونديال، وترسل مراسلين على عين المكان، وتشد المشاهدين إليها، وتحصل بالمقابل على الإعلانات بسخاء. لكن التلفزيون الحكومي يغلق الباب أمام الرياضة، لا مراسلين ولا برامج تحليلية ولا اهتماما بجماهير الكرة التونسية في قطر، ولا رغبة له في الإعلانات.

شيء غريب.

20