ارتفاع الإصابات بمرض السكري يربك العائلات الجزائرية

غياب ثقافة الفحص الدوري ساهم في الانتشار اللافت للمرض.
الاثنين 2022/11/21
انتشار المرض يخلف مزيدا من الضغوط على العائلات

يجمع الأطباء وخبراء الصحة في الجزائر على ارتفاع الإصابات بمرض السكري نتيجة غياب ثقافة الفحص الدوري لدى الأفراد ما يزيد من الضغوط المالية والاجتماعية على الأسر، حيث يستوجب هذا المرض معاملة خاصة ونمط حياة صحي. كما أرجع الخبراء أسباب ارتفاع الإصابة بالسكري لدى الأطفال خصوصا إلى الصدمات التي تعرضوا لها خلال الكوارث الطبيعية التي ألمّت بالجزائر.

الجزائر - أعلنت مؤسسات جزائرية مختصة عن انتشار لافت لمرض السكري في البلاد، وينتظر أن يصل إلى سقف الخمسة ملايين مصاب في المجتمع، بحسب بيانات رجحت رقما أكبر، ما دامت عمليات التشخيص والتحليل غير منتظمة ولا تدخل في التقاليد الصحية للجزائريين، مما يضع الأسر تحت طائلة ضيف ثقيل يتطلب معاملة خاصة، ونمطا صحيا ومعيشيا معينا.

وكشفت جمعيات مهنية وناشطون في المجتمع المدني عن أن 14 في المئة من الجزائريين مهددون بالإصابة بمرض السكري، وهو ما يعادل نحو خمسة ملايين مصاب، بينما لم تستبعد الفعاليات المنتظمة بمناسبة اليوم العالمي لمرض السكري أن تكون الحصيلة أكبر، في ظل غياب تقاليد صحية يقظة في المجتمع الجزائري، في حين قدرت الإصابات الحالية بقرابة ثلاثة ملايين مصاب.

وأجمع مختصون على أن تغيّر النمط الغذائي والمعيشي في المجتمع وتفشي الضغوط الاجتماعية والنفسية ساهما كثيرا في الانتشار اللافت للمرض، فضلا عن أن المخطط المنتهج من طرف السلطات الصحية لا يزال بعيدا عن ضبط الوضعية في ظل غياب ثقافة الفحص الدوري من طرف الأفراد، وما يتم اكتشافه يكون في الغالب كنتيجة لفحص حالة صحية حرجة.

عائلات المصابين بداء السكري عادة ما تعاني بسبب النفقات الإضافية والنمط المعيشي الذي يتطلب إمكانيات كبيرة

وإذا كان الداء يكلف خزينة الحكومة نفقات ضخمة، كون السلطات العمومية هي التي تتكفل بالعلاج العادي وبتداعياته على الصحة العمومية، فإن عائلات المصابين بداء السكري عادة ما تعاني بسبب النفقات الإضافية، والنمط المعيشي والغذائي الذي يتطلب إمكانيات أكبر ورعاية مستمرة، خاصة بالنسبة إلى الأطفال الذين يصعب غالبا إقناعهم ببرامج الحمية الغذائية، فعلاقتهم بالسكريات والحلويات وطيدة جدا.

ورغم جهود السلطات الصحية في التكفل بالمصابين وبالتداعيات الخطيرة للمرض، إلا أن أداءها يبقى دون مستوى طموحات الجمعيات والأفراد، خاصة في ما يتعلق بنوعية الأدوية المتوفرة في الأسواق، وإحجام صندوق التأمين الاجتماعي عن تعويض الأدوية ذات الفعالية العالية وما يتصل بالحالة من فحوص وتحاليل دورية.

وعلى هامش فعاليات اليوم العالمي لداء السكري، صرح رئيس جمعية مرضى السكري فيصل أوحادة للإذاعة الحكومية بأن “الإحصائيات كشفت عن إصابة 14 في المئة من الجزائريين بداء السكري”.

وشدد المتحدث على أن تفشي داء السكري في المجتمع الجزائري يستدعي تضافر جهود الجميع، فهو لا يعني المصاب وحده، بل تتعدى نتائجه إلى الأسرة وإلى السلطات الصحية والاجتماعية، وفوق ذلك فهو فاتورة ضخمة تثقل كاهل الخزينة العمومية.

وبرر دعوته إلى توسيع الاهتمام به لكل فعاليات ومؤسسات المجتمع بـ”تفشي ثقافة استهلاكية خاطئة تشجع على تناول السكريات والمأكولات غير الصحية، وعدم احترام مقاييس الإنتاج في بعض المنتوجات، لاسيما الموجهة للأطفال، فضلا عن توسع النمط المعيشي السلبي الذي يقلص من ممارسة الرياضة وحركة الجسم”.

صحة

وذكرت رئيسة اللجنة العلمية لمرضى السكري لولاية الجزائر فايزة خلفاوي في ندوة نظمت بالمناسبة بأن “تغير النمط الغذائي في السنوات الأخيرة والابتعاد عن الغذاء الصحي المتوازن واللجوء في أغلب الأحيان إلى المأكولات السريعة وقلة النشاط البدني عوامل أدت إلى تزايد تشخيص عدد المصابين بداء السكري خصوصا لدى الشباب والأطفال”.

ويرى البروفيسور رشيد مالك رئيس مصلحة الطب الداخلي بمستشفى سطيف وممثل الجزائر في الفدرالية العالمية لمرضى السكري بأنه “يستوجب اعتبار المصابين بالسكري مرضى عاديين، مع ضرورة توفير كل الإمكانات لهم لضمان حياة طبيعية لهم، ومن منطلق أن مناعتهم ضعيفة فينبغي أن ننصحهم بضرورة أخذ اللقاحات ضد الأنفلونزا الموسمية فهي تحميهم بقوة”.

وأعرب المتحدث في تصريح للإذاعة المحلية الحكومية عن أسفه “لتزايد الإصابات بشكل مقلق في السنوات الأخيرة، لاسيما عند الشباب والأطفال والكبار، بحيث تقدر النسبة الرسمية للمصابين بـ14.4 في المئة، والأرقام مرشحة للارتفاع حسب منظمة الصحة العالمية”.

القطاع الصحي يعمل في السنوات الأخيرة بكل جهد لتحسين ظروف مرضى السكري والتكفل بهم خاصة بالنسبة إلى الأطفال

ولفت إلى أن أكثر من 90 في المئة من مرضى السكري مصابون بالنوع الثاني الذي يمس البالغين وليس الأطفال، وسبب ذلك هو السمنة التي أصبحت اليوم ظاهرة غريبة خاصة عند الشباب، وأن مرضى الكوليسترول وضغط الدم أكثر عرضة للإصابة، فضلا عن المرأة الحامل التي تضع مولودا يزن 4 كلغ، إضافة إلى عامل الوراثة، بحيث تؤكد الدراسات أن 50 في المئة من المصابين لديهم فرد في العائلة مريض بالسكري، كما أن نقص ممارسة الرياضة يساهم أيضا في الإصابة لذلك ينصح بضرورة وإجبارية المشي نصف ساعة يوميا على الأقل للجميع دون استثناء.

وأفاد بأن “القطاع الصحي يعمل في السنوات الأخيرة بكل جهد لتحسين ظروف مرضى السكري والتكفل بهم خاصة بالنسبة إلى الأطفال لضمان تعليمهم بشكل عادي ويحثهم على ممارسة الرياضة لأنها مهمة لهم”.

وقال مالك “علينا الآن أن نقف بهذه المناسبة وقفة مع كل ما نستهلك ضمن ثقافة غذائية صحية تحافظ على سلامة أبداننا بعيدا عن الوجبات السريعة (الفاست فود) لأنها تعد من المسببات الرئيسية للسمنة ومنها إلى السكري والأمراض الأخرى”.

وقالت المختصة في أمراض السكري بمستشفى بولوغين بالعاصمة ورئيسة جمعية مرضى السكري الدكتورة مغنيش صلاح نورة إن أسباب ارتفاع إصابة الأطفال بالسكري “ناتجة عن الصدمات التي تعرض لها الأطفال خلال الكوارث الطبيعية التي ألمّت بالجزائر، من زلازل وفيضانات وحرائق الغابات وحوادث الطرقات، والتي تجعل الجسم يفرز هرمونات تحرض على إفراز الأنسولين فيرتفع بالدم، وفي سنوات الإرهاب ارتفع عدد المصابين بالسكري وضغط الدم بحوالي 20 في المئة نتيجة الصدمات التي تعرضوا لها”.

Thumbnail

ونبه الخبراء إلى خطورة مضاعفات مرض السكري إذا لم يعالج، مشيرين إلى أن الحموضة الكيتونية تنتج عن ارتفاع مستوى السكر والكيتون بالدم، فيشعر المريض بالتعب والعطش الشديد وصعوبة التنفس، ويصاب بالتهابات متكررة يصعب شفاؤها بسبب تراجع مقاومة جسم المريض، ويعاني من نقص الوزن جراء حرق جسمه للبروتين والدهون نتيجة ارتفاع السكر في الدم.

وتلك المضاعفات قصيرة المدى تتطور في حال عدم العلاج إلى مضاعفات مزمنة منها: اعتلال العين وتناقص الرؤية بشكل ملحوظ يؤدي إلى العمى. واعتلال الكلى مما يؤدي إلى الفشل الكلوي. واعتلال الأعصاب فيتراجع الإحساس بالقدمين، مما قد يؤدي إلى البتر في بعض الحالات، وفي الجزائر يتعرض 200 ألف شخص لبتر القدم سنويا. وكذلك أمراض القلب والشرايين، وهي من أهم المضاعفات لمرض السكري عند ارتفاع معدل السكر بالدم.

17