العودة المدرسية.. العلوم آخر الهموم

ليس مهما من يكون على حق، الوزارة التي تقول إن البلاد ليس لها أموال ولا إمكانيات أم رجال التعليم. المهم أن مناخ العودة تسيطر عليه ظواهر الشكوى والتشاؤم وانعدام الرغبة في العمل.
الأحد 2022/09/04
العودة تحتاج إلى تركيز وخطط حكومية

من يريد العودة المدرسية والجامعية؟ أظن لا أحد في بلد تسبق فيه الشكوى كل شيء، ويشعرك أهله بأنهم لا ينظرون إلى المستقبل، وأن ما يهم هو ما يعبر عنه المثل الشعبي “أحييني اليوم واقتلني غدوة”، في كناية على ثقافة جديدة تقوم على المطالب التي لا تتوقف.

ليس لدى التلاميذ الصغار ما يرغبهم في عودة مدرسية تبدو أقرب إلى الواجب الثقيل على القلوب والعقول. لا أحد يريد أن ينقطع حبل عطلة امتدت لثلاثة أشهر نسي فيها التلاميذ الكراس والكتاب والأقلام، وتعلقت قلوبهم بالهواتف الذكية وألعابها المغرية حتى أنهم ينامون ويصبحون عليها. لا شك أنها ستكون عودة كسلى تتثاءب فيها العقول والأذهان طويلا قبل أن تستعيد وهجها للدراسة.

مع كل عودة، يتذكر المعلمون والأساتذة أن لهم حقوقا لدى الدولة، وأن عليهم الاستعداد جيدا للدفاع عنها من أول يوم، وأوراق ضغطهم سهلة وبسيطة، وهي الإضراب أو حجب الأعداد عن التلاميذ والأولياء نهاية الثلاثية الأولى، هكذا لوحت نقابة التعليم الثانوي وأشهرت سيوفها قبل أسبوعين من العودة المدرسية.

في إطلالة سريعة على مجموعات المعلمين والأساتذة على مواقع التواصل الاجتماعي، فإنك لن تسمع سوى الشكوى: ماذا ربحنا من التعليم سوى الأمراض المزمنة؟ ما قيمة الراتب الذي يتبدد سريعا، ويتم توزيعه على المساحات الكبرى والقصابين وبائعي الخضار والغلال؟ لماذا تتأخر الوزارة في الإيفاء بمنحة العودة المدرسية (التي لم تعد بعد).

ليس مهما من يكون على حق، الوزارة التي تقول إن البلاد ليس لها أموال ولا إمكانيات أم رجال التعليم. المهم أن مناخ العودة تسيطر عليه ظواهر الشكوى والتشاؤم وانعدام الرغبة في العمل، في وقت تحتاج فيه هذه العودة إلى الحماس والتفاؤل بشكل يجعل التلميذ المتكاسل يغير من مزاجه ويقدم على التعلم ويربح الوقت لاستيعاب البرنامج الجديد.

من المهم أن تتعامل الدولة مع العودة المدرسية بمنظار جديد يخرج من بعده الروتيني، فهي تحتاج إلى تركيز وخطط حكومية، أولا ما تعلق بأسعار الكتب والكراسات والأقلام وبقية الوسائل الضرورية. هذا العام الأسعار مشتعلة، ولا يظهر مسؤولو الحكومة إلا للتبرير والهجوم على “الشائعات”.

تزامنت هذه العودة مع موجة سخرية واسعة من الأخطاء التي ضمها كتاب فرنسية لأحد مستويات التعليم، وهي أخطاء لا يقع فيها تلميذ متوسط فما بالك بلجنة علمية كلفت بمهمة إنتاج كتاب جديد. الحادثة تكشف عن استهانة وتراخ وعدمية في التعاطي مع التعليم الذي يحتاج إلى إصلاح عاجل وسريع ونوعي للقطيعة مع الوضع الحالي.

20