كاتبة أطفال سودانية تدعو إلى إنقاذ أدب الطفل من هادمي الموروث

مناجاة الطيب عوض الله: مستقبل أدب الأطفال بالعالم العربي في خطر.
الاثنين 2022/08/29
لا توجد خطط نشر طموحة بالدول العربية

القاهرة - تحذر كاتبة الأطفال السودانية مناجاة الطيب عوض الله من مخاطر عدة تتربص بالأدب الموجه للأطفال العرب، وطالبت بإسراع الجهات صاحبة الاختصاص والمسؤولة عن أدب الطفل في العالم العربي لحماية ذلك الفرع من الآداب الإنسانية، ودعمه بالرعاية والصرف والرقابة، مؤكدة أنه في ظل استمرار غياب دور تلك الجهات، فلن تقوم لأدب الأطفال العرب قائمة، و”سنظل نبحث عنه ولا نجد له طعما ولا سمة”.

وتلفت عوض الله في مقابلة معها على هامش زيارتها الأخيرة إلى العاصمة المصرية القاهرة، إلى أزمة النشر التي يعاني منها الأدب الموجه للطفل بالعالم العربي، مشددة على ضرورة تدخل المؤسسات المعنية لحلها، ووضع خطط دائمة لنشر أدب الأطفال ووصوله لكل الأطفال العرب من المحيط إلى الخليج.

الكاتبة متخوفة على مستقبل أدب الأطفال في العالم العربي وترى أن صموده مرهون بالمحافظة عليه وحمايته من المدّعين

وحول رؤيتها لحاضر ومستقبل أدب الطفل بالبلدان العربية، تقول إن “الرؤية غير واضحة، وإنها باتت غير مطمئنة على مستقبل ذلك الأدب الموجه للصغار واليافعين العرب، وأن ذلك يرجع إلى وجود من يجتهدون في هدم الأدب الموروث بحجة الحداثة وروح العصر، وهم للأسف ليست لهم مدارس خاصة ولا يملكون رؤىً لبناء تلك الحداثة”.

وتضيف أن مستقبل أدب الأطفال بالعالم العربي وصموده مرهون بالمحافظة عليه وحمايته من المدّعين، مؤكدة على أنه لا توجد خطط نشر طموحة بالدول العربية، وأن عقود النشر تصب بنودها في مصلحة الناشر، ولا تنص على أية حماية لحقوق الكاتب إلا نادرا، وهو الأمر الذي تسبب في ظهور حالة من الإحباط في أوساط المبدعين.

وحول مدى حضور التراث في الأدب الموجة للطفل، تقول عوض الله إن التراث وكل ألوان الموروث الثقافي والشعبي هي النبع والمصدر والقاعدة التي يتغذى منها إبداع الكُتّاب، ومنه يستلهمون أفكارهم ويطورونها، رافضة عدم التفريق السائد بين الفكر والإبداع الأدبي وبين التقدم العلمي، مثل إطلاق مسمى “جيل الكمبيوتر” وغير ذلك من مصطلحات.

وتعتبر أن الاختراعات الحديثة التي تيسّر سبل العيش هي وسيلة وليست هدفا، وأن الكمبيوتر على سبيل المثال هو وسيلة تُغذى بعصارات الفكر في كافة المجالات، وأنه لا بد لمثل هذه المقولات أن تمنع ذاتيا من التداول، ليستمر الاجتهاد والتأليف بتواصل أجياله، وأن هذا هو التطور الحقيقي، وليس تعطيل التراث وإهماله بحجة التطور العصري.

وحول رؤيتها لدور كل من الكتاب والحكومات في تحقيق نهضة حقيقية لأدب الطفل بالعالم العربي، تقول عوض الله إن الكاتب هو من يقنع الجميع بفرض إبداعه عملا وليس بكثرة الأقوال وعلو الصوت، وأنه على الحكومات رعاية الكاتب في معاشه حتى يتفرغ للإبداع، دون أن تتنازعه المسؤوليات الحياتية، وذلك لأن عمله الإبداعي لا يجني منه ما يوفر له سبل العيش، والمطلوب هو تأسيس قنوات نشر تستوعب ما يكتبه المبدعون وتنشر ما يكتبون، وتحفظ لهم حقوقهم، وما يعينهم على توفير نفقات الحياة لأسرهم.

وحول المجلات العربية الموجهة للأطفال ومدى قدرتها على القيام برسالتها، قالت الكاتبة السودانية إن أغلب المجلات “تساقطت” بسبب الغلاء، وليس انتشار النشر الرقمي، كما يدّعي الكثيرون، موضحة أن المجلات تعيش ذات الظروف التي تعيشها حركة نشر الكتب الموجهة للأطفال.

عوض الله قدمت خلال مسيرتها إبداعات ونصوص متفردة من بينها قصتها "الناي السحري" التي حازت على جائزة المركز الفرنسي وبيت التراث السوداني

وترى أن النشر الإلكتروني غير متاح لكل الأطفال، وأن شغف اقتناء مجلة هو الأكثر انتشارا بين الأطفال واليافعين العرب، مقترحة أن يتم العمل على توفير طباعة المجلات العربية الموجهة للأطفال بسعر تشجيعي كعلاج لغلاء تكلفة الطباعة، بما يحقق الاستقرار للكثير من المجلات التي صارت لها رمزية وقيمة تاريخية.

وعلى الرغم مما عرضت له عوض الله من مشكلات تواجه حركة الآداب الموجهة للأطفال واليافعين العرب، فإنها ترى في ختام المقابلة أن الآونة الأخيرة شهدت حالة من الحراك الواضح الذي يتمثّل في انتشار معارض كتب الأطفال، مطالبة بإيجاد آلية تيسر انتقال وعرض الكتب الموجهة للأطفال ما بين بلدان العالم العربي، وتشجيع حركة الطباعة في هذا المجال، وذلك لمواجهة التراجع في الأعداد المطبوعة من الكتب الموجهة للأطفال العرب، والتي باتت تسجل أرقاما مخجلة، وحل كافة المشكلات التي تعيق حركة النشر والنقل والتوزيع داخل المنطقة العربية.

يُذكر أن مناجاة الطيب عوض الله هي كاتبة سودانية متخصصة في مجال أدب الطفل، ولها 34 إصدارا موجها للأطفال واليافعين، كما تمت ترجمة تسعة من أعمالها إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية، كما تعمل إعلامية في مجال صحافة المرأة والطفل، وتولت العمل ما بين مديرة تحرير ورئيسة تحرير لعدد من الصحف والمجلات السودانية بينها مجلات “سمسمة”، و”الصبيان”، و”هدهد”، و”صحف نون”، و”الصحافي الصغير” وغير ذلك من المجلات والصحف.

ووفقا لمبدعين ونقاد فقد قدمت عوض الله خلال مسيرتها إبداعات ونصوص متفردة، وحازت قصتها “الناي السحري” على جائزة المركز الفرنسي وبيت التراث السوداني.

12