الغاز الجزائري يثير خلافات إسبانية – إيطالية

اتفاق الغاز المبرم بين الجزائر وإيطاليا يثير مخاوف الإسبان.
السبت 2022/04/16
مطلوب كميات أكبر

الجزائر - أثارت التطورات الأخيرة في المنطقة المتوسطية بشأن صفقات غاز أبرمت بين الجزائر وإيطاليا خلافات بين روما ومدريد على اعتبار أن كلا الطرفين يعتبر الجزائر شريكا استراتيجيا في المنطقة، لكن المكسب الذي حققته إيطاليا مؤخرا يكون قد أزعج الإسبان خاصة في ظل حالة الفتور التي تميز علاقاتهم بالجزائر، بعد انحياز إسبانيا لصالح الطرح المغربي بشأن النزاع على الصحراء.

وأجرى مسؤولون دبلوماسيون من إسبانيا وإيطاليا مشاورات ثنائية بغرض خفض حالة التوتر المفترضة بين الطرفين، بعد انفراد روما باتفاق غاز مهم مع الجزائر تم بين شركتي سوناطراك و”إيني” مؤخرا، بينما يشوب الغموض مصير كميات وأسعار الغاز الجزائري المورد إلى مدريد في المستقبل القريب، بعد ما وصفته الجزائر بـ”انقلاب إسبانيا على حيادها في قضية الصحراء”.

ويرى متابعون للملف أن اتفاق ضخ كميات إضافية من الغاز الجزائري في الأسواق الإيطالية، وتوجه الجزائر إلى تنفيذ آليات ضخ إضافية من الصحراء إلى سواحلها الشرقية لتوصيلها إلى إيطاليا مرورا بتونس، يكون قد سحب البساط من تحت مدريد التي كانت تسعى لتوظيف اتفاقياتها الطاقية مع الجزائر لأن تكون محطة طاقية أولى في أوروبا، قياسا بما تملكه من إمكانيات التكرير والمعالجة، الأمر الذي كان يؤهلها لأن تكون محطة أساسية في شبكة التوزيع الغازي نحو أوروبا بعد الاستغناء عن الغاز الروسي.

مسؤولون في الجهازين الدبلوماسي بكل من إسبانيا وإيطاليا يجرون مشاورات ثنائية بغرض خفض حالة التوتر بين الطرفين

وذكرت تقارير مختصة بأن اتفاق الجزائر وإيطاليا أثار مخاوف صناعة الغاز الإسبانية، لأنه سيقوي موقف الجزائر في المحادثات مع إسبانيا التي خاضت مفاوضات معها على مدى شهور بشأن السعر. وقال مصدران إن هناك مخاوف أيضا من أنه قد يستنزف قدرة الجزائر على استمرار توفير الإمدادات لإسبانيا.

وناقش المسؤولون الإسبان والإيطاليون اتفاق الغاز الإيطالي في الأيام الأخيرة، حيث يعتزمون الاجتماع مرة أخرى في وقت لاحق من هذا الشهر، وفقاً لمصادر طلبت عدم الكشف عن هوياتها بسبب خصوصية المحادثات، بحسب وكالة بلومبرغ.

ولفتت الوكالة إلى أنه لكلا البلدين الأوروبيين شراكات طويلة الأمد لشراء الغاز من الجزائر، وكلاهما لديه خطوط أنابيب تربطه معها. وينص الاتفاق الذي أُعلن عنه مؤخرا على شراء إيطاليا لـ9 مليارات متر مكعب إضافية سنوياً بحلول عامي 2023 - 2024 .

وقالت شركة الطاقة الإيطالية “إيني” إن الكميات الإضافية ستكون نتيجة للتعاون الوثيق في تطوير مشاريع استكشاف وإنتاج الغاز، كما قال مصدر إيطالي مطلع على الخطط، إن الاتفاقية لن تؤثر على الإمدادات لإسبانيا.

وكانت تقارير مهتمة بالشأن الطاقي قد شككت في مدى وفاء الجزائر بالاتفاق المبرم بينها وبين إيطاليا بسبب إمكانياتها المتواضعة في مجال الاستكشاف والتنقيب والنقل مقارنة بمخزونها من النفط والغاز، وهو ما فتح المجال أمام تأويل فرضية الوفاء ببنود الاتفاق باللجوء إلى الكميات التي تضخ نحو إسبانيا، وهو ما تكون مدريد قد اعتبرته مساسا بمصالحها من طرف روما.

غير أن مصادر جزائرية أبدت تفاؤلا كبيرا بمستقبل البلاد في المجال الطاقي بعد الاكتشافات المهمة في الآونة الأخيرة، حيث يؤمّن واحد من الآبار الثلاثة المكتشفة والتي تدخل حيز الخدمة في المدى القريب مليون برميل يوميا على مدار ثلاث سنوات من النفط، وهي الكمية التي تصدرها الجزائر في الغالب من مختلف المصادر.

الغاز الجزائري ثمين وقت الحرب
الغاز الجزائري ثمين وقت الحرب

ولا زالت الجزائر مصرة على عدم الضخ عبر الأنبوب المغاربي الرابط بينها وبين إسبانيا مرورا بالمغرب بسبب خلافاتها الدبلوماسية مع الرباط، ولم تستجب على ما يبدو لدعوات أوروبية وأميركية لإعادة الحياة للأنبوب المذكور من أجل الاطمئنان على تموين مدريد بكل أريحية بالغاز، ومواجهة الضغوطات التي فرضتها الأزمة الأوكرانية، خاصة وأن الأنبوب العامل حاليا المار مباشرة من الجزائر إلى إسبانيا عبر البحر لا يؤمن الحاجيات المطلوبة من قبل مدريد.

ووصفت تقارير متخصصة المشاورات التي جرت بين مجموعة “ناتورجي إنيرجي غروب” ومجموعة سوناطراك الجزائرية بـ”المتوترة”، وتذكر بأن “الانقسام تفاقم أواخر العام الماضي، بعد أن أوقفت الجزائر شحن الغاز عبر أنبوب آخر يمر عبر الدولة الجارة إلى إسبانيا. فأجبر ذلك مدريد على زيادة مشترياتها من الغاز الطبيعي المسال الأعلى تكلفة”.

وقال مسؤول إيطالي “يأتي توقيت الاتفاق الإيطالي - الجزائري في وقت حساس بالنسبة إلى إسبانيا، حيث ترى مدريد خطرا يتمثل في انخفاض شحناتها من الجزائر وإمكانية تحويل الغاز المتجه حالياً إلى إسبانيا نحو إيطاليا”.

وأوضح متحدث باسم وزارة الخارجية الإيطالية أن وزراء من روما ومدريد يعتزمون الاجتماع في الأسابيع المقبلة. وقال إن البلدين لديهما “اتصالات دبلوماسية مستمرة وعلاقة عظيمة”.

Thumbnail
4