زيادات رمزية في الرواتب تستفز النقابات في الجزائر

لامبالاة الحكومة بالجبهة الاجتماعية المتهالكة يضعها في مواجهة غضب عاصف.
الاثنين 2022/04/11
المجازفة بغضب الشارع مجددا

قررت الحكومة الجزائرية زيادات رمزية في رواتب الموظفين في القطاع العام، في خطوة أثارت حالة من الغضب لدى الطبقة الشغيلة، ما ينذر بمواجهة بين الموظفين الذي يواجهون ارتفاعا مشطا في الأسعار، والحكومة، خاصة بعد استنكار عدة نقابات لهذه الزيادة.

الجزائر - فجّرت الزيادة التي أعلنتها الحكومة الجزائرية لفائدة منتسبي الوظيفة العمومية، حالة من الغضب والغليان لدى الطبقات الشغيلة التي عبّرت عن خيبة أملها.

وفي أول ردود الفعل أعلنت النقابات عن إمكانية الدخول في مسلسل احتجاجي للتنديد بالأوضاع الاجتماعية، وبما وصفته بـ “النقطة الاستذلالية (في إشارة إلى الذل)”، بدل مصطلح النقطة الاستدلالية.

وأصيب منتسبو الوظيفة العمومية بالجزائر بخيبة أمل، بعد كشف الحكومة عن مبلغ الزيادة في الرواتب، الناجم عن مراجعة ما يعرف بـ”النقطة الاستدلالية”، حيث لم تتعد سقف الـ20 دولارا أميركيا، وهو ما اعتبره منتسبون للقطاع المذكور بـ”النقطة الاستذلالية”، كونها ليس بإمكانها فعل شيء لكرامة العامل والموظف في القطاع العام، خاصة في ظل موجة الغلاء التي مست كل المواد الاستهلاكية والخدمات.

ويبدو أن الزيادة التي انتظرها ما يقدر بنحو أربعة ملايين موظف في القطاع العمومي، من أجل إعادة التوازن لسلم الرواتب وتقليص الفجوة بين الموظفين، والتخفيف من عبء التراجع اللافت في القدرة الشرائية واشتعال الأسعار، قد صدمت المعنيين بها.

الشركاء الاجتماعيون أجمعوا على أن الزيادات التي تضمنتها الشبكة الاستدلالية الأخيرة جاءت مخيبة للآمال

ولذلك جاءت ردود الفعل قوية من طرفهم ومن طرف بعض النقابات، مما يفتح المجال أمام تحول الزيادة من محاولة لشراء السلم الاجتماعي، إلى استفزاز الحكومة للطبقة الشغيلة.  

وأجمع الشركاء الاجتماعيون، خاصة النقابات المستقلة، على أن الزيادات التي تضمنتها الشبكة الاستدلالية الأخيرة جاءت مخيبة للآمال، ولذلك توجه هؤلاء إلى الرئيس عبدالمجيد تبون من أجل التدخل في الموقف وإعادة النظر في سلم الرواتب، وشددوا على أن النقابات لا ترضى الاستهانة بالطبقة الشغيلة في مثل هذه الظروف الحساسة التي تمر بها البلاد والعالم عموما.

ودعت كنفدرالية النقابات الوطنية لقطاع التربية (مستقلة) الرئيس تبون إلى التدخل العاجل، من أجل إعادة النظر في سلم الرواتب الخاص بموظفي وعمال قطاع التربية الوطنية، وحمّلت النقابات العشر في بيان مشترك الحكومة المسؤولية الكاملة عما قد ينجر من غضب هذه الفئة في ظل التدني المتواصل للقدرة الشرائية.

وأكد البيان أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي وصل إليها الموظف عموما والموظف في قطاع التربية خصوصا، لا يمكن احتمالها بسبب التدني الرهيب للقدرة الشرائية بشكل يعيق تلبية حاجيات من هم تحت كفالته.

ودق التكتل ناقوس الخطر حول ما أسماه بـ”مستقبل المورد البشري في المدرسة الجزائرية” باعتباره العنصر الأهم، وأكد أن “استمرارية تقديم الخدمة العمومية في المدرسة قد أصبحت مهددة بسبب ضعف الرواتب من جهة، وعجز الجهات الوصية عن التحكم في السوق من جهة أخرى”.

ووصفت النقابة الوطنية المستقلة لموظفي التعليم العالي، الزيادات الأخيرة المعلن عنها في الجريدة الرسمية للدولة، بـ“الصادمة”، وأنها “أدخلت الجميع خاصة ذوي الدخل المحدود في صدمة وحالة إحباط غير مسبوق، حيث إن الزيادة جاءت مخيبة للآمال وغير منطقية ولا ترقى إلى تطلعات الموظفين”.

وحذّرت في بيان لها من الانعكاسات السلبية على الطبقة الضعيفة، كما طالبت الجهات العليا وعلى رأسها رئيس الجمهورية بتدارك الأمر وإعادة النظر في هذا القرار بما يضمن حياة كريمة للعمال، وخاصة محدودي الدخل، ودعت الطبقة العمالية إلى الاستعداد للرد بكل الطرق المكفولة قانونيا ودستوريا.

واعتبرت النقابة الوطنية المستقلة لمفتشي العمل، التي تشن سلسلة احتجاجات خلال الأسابيع الأخيرة، الزيادات في رواتب منتسبي قطاع الوظيفة العمومية، “مخيبة”، و“محبطة”، في حين أن مسؤولين في الحكومة كانوا قد صرحوا سابقا بأن هذه الزيادات ستكون هامة ومعتبرة.

ولفتت إلى أن هذه الزيادات عقد عليها الموظفون آمالا لتحسين وضعهم الاجتماعي، إلا أنها جاءت في شكل أرقام لا يمكنها تحسين الوضع المعيشي، ولا تكفي حتى لضمان أبسط متطلباته اليومية في ظل تدني القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار.

وشددت على أن مطلبها الأساسي تمثل في رفع قيمة النقطة الاستدلالية وليس الرقم الاستدلالي، وهو ما كان يمكن أن يشكل قفزة نوعية في رواتب الوظيفة العمومية، مما يحقق الهدوء والاستقرار في علاقات العمل، وطالبت بإعادة النظر في التعديل الأخير الذي مس الرقم الاستدلالي الأدنى، والرفع من قيمة النقطة الاستدلالية بما يتوافق وتحسين الظروف الاجتماعية والمهنية للموظف، وإعادة النظر في النظام التعويضي لجهاز الوظيف العمومي، إلى جانب الشروع في إصلاحات جذرية وعميقة لقطاع الوظيفة العمومية.

4