الغنوشي يُجهز لتكريس المزيد من الضغوط الشعبية والخارجية لإعادة البرلمان في تونس

تونس - عكست تصريحات رئيس مجلس النواب في تونس راشد الغنوشي الذي يرأس أيضا حركة النهضة الإسلامية بشأن عودة البرلمان الحتمية تهديدات مبطنة بتصعيد المواجهة مع الرئيس قيس سعيد.
وقال الغنوشي على هامش اجتماع لحزبه في محافظة بنزرت مساء السبت إن “البرلمان عائد أحب من أحب وكره من كره”.
وفجرت هذه التصريحات التي نقلتها وسائل إعلام محلية في تونس جدلا واسعا، خاصة أن إجراءات الخامس والعشرين من يوليو التي اتخذها الرئيس سعيد بعد تفعيله الفصل 80 من الدستور وجمد بمقتضاها عمل واختصاصات البرلمان جاءت أساسا استجابة لمطالب في الشارع بحل المجلس النيابي.
وقال القيادي بحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (الوطد، يسار) منجي الرحوي وهو نائب أيضا بالبرلمان المجمد موجها حديثه إلى الغنوشي “أنسى، البرلمان لن يعود أحب من أحب وكره من كره”.
ويرى مراقبون أن تصريحات الغنوشي تبعث برسائل مفادها أن النهضة التي عارضت بشدة إجراءات الخامس والعشرين من يوليو تجهز لتكريس ضغوط جديدة ضد الرئيس سعيد خارجية وداخلية.
وراهنت النهضة منذ البداية على ترويج رواية انقلاب الرئيس سعيد على الدستور لتأليب الرأي العام الدولي ضده وهو ما فشلت فيه حيث لم تعارض قوى دولية خطوة الرئيس التونسي، بينما اكتفى بعضها بالمطالبة بوضع سقف زمني لإجراءاته.

صالح العبيدي: الغنوشي يُحاول تصعيد تحركات حزبه ضد سعيد داخليا وخارجيا
واعتبر المحلل السياسي محمد صالح العبيدي أن “الغنوشي يُحاول تصعيد الضغط ضد سعيد من خلال تدشين المزيد من التحركات ضده داخليا وخارجيا وخاصة خارجيا لأنه يدرك مدى أهمية الخارج في رسم السياسات الداخلية باعتبار الأزمة الاقتصادية الحادة التي تمر بها البلاد والتي تدفعها للتداين والتوجه للمانحين الدوليين”.
وأوضح العبيدي في تصريح لـ”العرب” أن “الطريقة المثلى للتعامل مع المشكلات التي قد تسببها ضغوط النهضة وخصوم الرئيس هي فتح باب الحوار مع القوى الوطنية والفاعلة على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يتمتع بنفوذ واسع”.
وتابع “الحل في مواجهة تلك الضغوط هو توضيح الرؤية للمجتمع الدولي وللرأي العام الداخلي من خلال رسم خارطة طريق واضحة بشأن الإصلاحات السياسية والاجتماعية المرتقب القيام بها في وقت لاحق بتوافق داخلي بين القوى السياسية الوطنية والمنظمات النقابية”.
وحاولت النهضة مؤخرا تحريك الشارع ضد إجراءات الرئيس سعيد التي دفعتها خارج دوائر الحكم، حيث اختفت الحركة وراء حركات تصنف نفسها بأنها ضد تلك الإجراءات لكنها فشلت في حشد الشارع ضد سعيد.
وبدا لافتا في الساعات الماضية تحركات يقودها نواب برلمانيون عن حركة النهضة وحلفائها في الخارج لرسم صورة قاتمة عن الوضع الراهن في تونس من خلال اتهام الرئيس سعيد بالقيام بالانقلاب على الدستور وانتهاك الحقوق والحريات في البلاد.
وشارك رئيس كتلة حزب قلب تونس الذي يرأسه نبيل القروي في البرلمان، أسامة الخليفي، والنائبان عن حركة النهضة ماهر مذيوب وفتحي العيادي والنائب عن ائتلاف الكرامة زياد الهاشمي في اجتماع للاتحاد الدولي للبرلمانيين مساء الجمعة.
وأفاد العيادي في تدوينة على حسابه بالفيسبوك بأن رئيس البرلمان الغنوشي لم يتمكن من الحضور قائلا “مرة أخرى تغيب تونس الرسمية ممثلة في رئيس مجلس نواب الشعب والوفد المرافق له عن حضور فعاليات اجتماع الاتحاد الدولي للبرلمانيين في إسبانيا”.
وتساءل العيادي “ماذا كسب سعيد بوضع تونس في هذه الصورة السيئة أمام العالم؟” وهو ما يعكس مساعي هؤلاء لتصعيد التحركات ضد إجراءات الرئيس سعيد خارجيا.
وقال الغنوشي مساء السبت إنه تلقى دعوة للمشاركة في أشغال الجمعية الـ143 للاتحاد البرلماني الدولي بإسبانيا، لكنه خير عدم تقديم مطلب للسفر لرئيس الجمهورية كما جرت العادة حتى لا يتحول الصراع إلى صراع بين سعيد والغنوشي إذا ما رفض الرئيس الموافقة لأنه يعتبر أن الصراع الدائر حاليا هو صراع بين الدكتاتورية والحرية.
ويأتي ذلك في وقت يسود فيه الترقب للحوار الذي تعهد الرئيس سعيد بإطلاقه مع الشباب ونظام الحكم الذي سيطرحه على استفتاء قال إنه سيجري إلكترونيا وتغيير القانون الانتخابي.